لماذا اقتصرت عضوية إدارات المدن الصحية على مديري 3 مناطق؟
عنوان لافت للانتباه ذلك الذي صدر عن معالي وزير الصحة القاضي بتوحيد إدارات المدن الصحية في المملكة في مجلس واحد برئاسته وعضوية كل من وكيل وزارة المالية للتنظيم والميزانية ومستشار التصنيف والتوظيف في وزارة الخدمة المدنية ووكيل وزارة الصحة للشؤون التنفيذية ووكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير ومديري عموم الشؤون الصحية في مناطق الرياض ومكة المكرمة والشرقية والمديرين التنفيذيين لمدينة الملك فهد الطبية في الرياض ومدينة الملك عبد الله الطبية في مكة المكرمة ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون ومستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام.
ومن ضمن الأسئلة التي طرحت حول الموضوع, لماذا اقتصرت العضوية في هذه اللجنة على مديري الشؤون الصحية في الرياض ومكة والشرقية؟ والإجابة واضحة جلية فجميع مناطق المملكة الأخرى لا يوجد بها مدن طبية ولا مستشفيات متخصصة. ومن وجهة نظري لا يوجد مدينة طبية بمعناها الحقيقي سوى مدينة الملك فهد الطبية في الرياض.
ويلاحظ المسافر من مطار العاصمة الرياض منظر أكياس البلاستيك التي يحملها المسافرون إلى مطار أبها وباقي مطارات المنطقة الجنوبية والتي تحمل شعارات مستشفيات العاصمة الحبيبة ، ما بين مستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون والمستشفى العسكري أو مركز الأمير سلطان لجراحة أمراض القلب والمستشفيات الخاصة الأخرى. وربما تتقاسم معنا هذا الهم مناطق أخرى من مناطق المملكة . السبب الرئيس من وجهة نظري لهذا الرحيل الصحي لمدينة الرياض، وبعيدا عن المناطقية البغيضة أنّ المنطقة الجنوبية ومناطق الوطن الحبيب الأخرى لم تحظ بمستشفيات متخصصة توقف سيل الباحثين عن العلاج . وفي هذا المقام سنرّكز الحديث عن منطقة عسير بحكم معرفتي عن قرب بالوضع فيها. فبحسب الرسالة المعلّقة في ردهات مستشفى عسير والتي تشير إلى رغبة المستشفى في أن يكون مستشفى متخصصا رائدا في المنطقة. حقيقة فإن مستشفى عسير يبذل جهودا مقدّرة وملحوظة ولكن كما يقول بيت الشعر :
تكاثرت الضباء على خراش (مستشفى عسير)
فما يدري خراش (مستشفى عسير) ما يصيد
وحتى المدينة الأولى سكانيا واقتصاديا في منطقة عسير (مدينة الخميس ) لا يوجد بها مستشفى حكومي يرقى لطموحات أبنائها وكل ما هنالك مستشفى قديم أصبح سمك جدرانه يزيد عن نصف متر نتيجة عمليات التلييس والتجميل الخارجية والتي لم تحسّن في وجه العجوز شيئا. وهناك مستشفى تمّ افتتاحه أخيرا ولكنّه لم يقدّم جديدا للمدينة والمحافظة. وحقيقة ليس العيب في هذه المستشفيات أو العاملين فيها ، ولكن استحقاقات منطقة عسير وبالذات مدينة الخميس الصحية تفوق ذلك بكثير وتتخطى ما هو متاح بمراحل ومراحل عديدة. عودا على بدء فالسبب الثاني الذي يؤكد الحرمان الصحي الذي تعانيه منطقة عسير هو الغياب بل التغييب للمدن الطبية في المنطقة. وحتى لا نلقي باللوم فقط على وزارة الصحة ، فحسب معلوماتي أنّ المشكلة القائمة في موضوع المدينة الطبية في عسير هو عدم وجود موقع مناسب، وكأن منطقة عسير بجغرافيتها ورجالها وقفوا عاجزين عن توفير مكان مناسب لهذه المدينة الصحية الموعودة. بالمقابل ولحلّ لغز عدم وجود أرض فلنتأمّل مثالا من منطقة عسير لم يقف عامل الأرض أمامه. شركة ''سياحية'' استطاعت وفي فترة قصيرة من الزمن الحصول على أراض مميزة وفي مواقع مميزة في منطقة عسير وأنجزت مشاريعها في وقت قياسي. فمجرّد اقتراح أن يتمّ الاستفادة من هذه التجربة أو في أسوأ الحالات الشراء أو الاستئجار من هذه الشركة حتى نستطيع إيقاف الحج الصحي للرياض ونذهب إليها ونحن أصحّاء ولا نكلّف مستشفياتها ثمن الدواء وأكياس البلاستك بل نستمتع بالركض في مماشي العاصمة الحبيبة والتمعّن في نهضتها الحضارية المميزة.
د. حمود أبوظهير
جامعة الملك خالد