أداء دول الخليج في تقرير التنافسية الاقتصادية 2009
حققت دول مجلس التعاون الخليجي نتائج متباينة في تقرير التنافسية الاقتصادية لعام 2009/ 2010, فقد حلت قطر في المرتبة 22 على مستوى العالم مقابل المركز رقم 41 بالنسبة إلى عُمان من بين 133 اقتصادا مشمولا في التقرير.
بشكل إجمالي تمكنت الإمارات وقطر من تحسين ترتيبهما بواقع ثماني مراتب وأربع مراتب على التوالي. في المقابل، تأخرت البحرين والسعودية مرتبة واحدة. كما تأخرت عُمان ثلاث مراتب مقابل تراجع بمقدار أربع مراتب للكويت.
يُشار إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي, الذي يتخذ من منتجع دافوس في سويسرا مقرا له يصدر التقرير السنوي منذ عام 2001. تمثل الاقتصادات المشمولة في التقرير نحو 98 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العالم, ما يعني جميع الاقتصادات المهمة.
الركائز الاقتصادية
يستند تقرير التنافسية إلى 12 متغيرا موزعة على ثلاثة محاور رئيسة، وهي: أولا الركائز الأساسية. ثانيا محفزات الكفاءة. وأخيرا التطور والابتكار. وتتمثل هذه المتغيرات أو الركائز في المؤسسات، البنية التحتية، الاستقرار الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم فيما يخص محور الركائز الأساسية. بينما يتكون محور محفزات الكفاءة من التعليم العالي والتدريب، كفاءة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، تطور سوق المال، الجاهزية التقنية وحجم السوق. ويتكون محور التطور والابتكار من ركيزتي تطور الأعمال والابتكار.
تتمثل المنهجية المستخدمة في صياغة مؤشر التنافسية العالمية في جمع المعلومات العامة المتوافرة, إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال، يتم ترتيب الاقتصادات على أساس النقاط التي تحصل عليها في المؤشر المكون من سبع نقاط.
قطر في المقدمة
في التفاصيل، حلت قطر في المرتبة رقم 22 عالميا بعد لوكسمبورج، ولكن قبل بعض الاقتصادات المعتبرة مثل ماليزيا وآيرلندا. وتمكنت قطر من تحقيق هذا المركز المتقدم على خلفية نمو الأسواق المحلية، وزيادة كفاءة مجتمع الأعمال الوطني مدعوماً بمبادرات رابطة رجال الأعمال القطريين، وتنمية القدرة على الإبداع من خلال نظام التعليم الجامعي ذي المستوى العالمي الذي تدعمه الدولة، وزيادة مراكز الأبحاث المتخصصة.
تحتضن المدينة الجامعية في الدوحة عديدا من المؤسسات التعليمية العالمية، وخصوصا من الولايات المتحدة، مثل كورنل في مجال الطب, إضافة إلى كارناجي ميلون وتكساس أي آند إم وجورج تاون. كما تقدمت قطر في مجال الخدمات الصحية بعد أن استثمرت السلطة أموالا ضخمة في القطاع في الفترة التي سبقت استضافة العاصمة القطرية النسخة الخامسة عشرة للألعاب الآسيوية في 2006. حقيقة القول، أسهمت هذه الخطوات في إتاحة الفرصة لقطر لتحسين ترتيبها في مؤشرات دولية مختلفة. فقد تقدمت قطر بواقع 18 مرة في تقرير الحرية الاقتصادية لعام 2009، وعليه حلت في المرتبة 48 دوليا. كما تتميز قطر فيما يخص مستوى دخل الفرد من الناتج المحلي وذلك على خلفية اتخاذ بعض الخيارات الصائبة, خصوصا تطوير قطاع النفط والغاز, فحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2008 يبلغ نصيب دخل الفرد في قطر حسب مفهوم القوة الشرائية نحو 73 ألف دولار في السنة, أي المرتبة الثانية دوليا بعد لوكسمبورج.
الإمارات في المرتبة الثانية
بدورها نجحت الإمارات في التقدم بواقع ثماني مراتب في غضون سنة واحدة، وعليه حلت في المرتبة 23 دوليا مباشرة بعد قطر في تقرير التنافسية العالمية. وجاءت هذه النتيجة المتميزة بسبب ارتفاع مستوى جاهزية التقنية والقدرة على الابتكار. وربما تتمكن الإمارات من تسجيل نتيجة أفضل في التقرير المقبل، وذلك على خلفية تدشين مشروع مترو دبي الأسبوع الماضي. حسب التقديرات غير النهائية، استثمرت دبي سبعة مليارات و600 مليون دولار في المشروع, الأمر الذي خدم الاقتصاد المحلي في الوقت المناسب, أي ذروة الأزمة المالية. عززت النفقات العامة مستوى السيولة في السوق المحلية, الأمر الذي يخدم الهدف المتمثل في إعادة الثقة باقتصاد الإمارة. يشمل مشروع مترو دبي الذي يشتمل على 47 محطة موزعة على بعض المناطق الشهيرة، مثل: الرقة ومجمع برجمان ومركز دبي المالي العالمي والمطار, تغطي المحطات مجتمعة مسافة قدرها 74 كيلو مترا, الأمر الذي يشكل نقلة نوعية بالنسبة إلى مستوى المعيشة في دبي.
خطوات ضرورية
لا شك هناك كثير من الدروس التي يمكن تعلمها من تقرير التنافسية لعام 2009. باختصار، إذا أرادت دول مجلس التعاون أن تتمتع اقتصاداتها بقدر معقول من التنافسية، فلا مناص من اتخاذ بعض الخطوات التي تشمل تخصيص أموال كافية للاستثمار في مجال البنية التحتية مثل الكهرباء، فضلا عن تسريع وتيرة تطوير شبكة الطرق الداخلية لأجل تسهيل العمل التجاري وسهولة التنقل.
أيضا لا بد من تخصيص أموال كافية لمجال التعليم لضمان توافر عمالة متعلمة. وفي هذا الصدد نرى صواب قيام السلطات السعودية بتخصيصها 25 في المائة من نفقات السنة المالية 2009 للتعليم. كما كشف التقرير، أن مبدأ التنافسية يعتمد على عديد من المتغيرات وينظر إليها في المجموع مثل البنية التحتية والتعليم العالي وكفاءة سوق العمل والجاهزية التقنية.