المصارف الإسلامية تنتشر في العالم الغربي

المصارف الإسلامية تنتشر في العالم الغربي

علت في المرحلة الأخيرة أصوات من دول غربية شتى تستنجد بالاقتصاد الإسلامي، وقد قرأنا كثيراً منها في الصحف والمجلات وعلى شبكة الإنترنت، وكان من أعجبها المقال الذي نُشر في السابع من آذار 2009م، في صحيفة الفاتيكان الرسمية، داعياً البنوك في مختلف أنحاء العالم إلى أن تتبنى مبادئ المصرفية الإسلامية، لاستعادة الثقة بالاقتصاد العالمي، ومن ذلك أيضاً ما نشرته (لوريتا نابوليوني)، وهي اقتصادية إيطالية، كما قالت (كلوديا سيجري)، وهي محللة استراتيجية لاستثمارات الدخل الثابت في البنك الاستثماري الإيطالي (أباكس بانك): إن «المبادئ الأخلاقية التي تقوم عليها المصرفية الإسلامية ربما تعمق العلاقة بين البنوك وعملائها، وتجعلها أقرب إلى الروح الحقيقية التي ينبغي أن تكون شعار كل خدمة مالية».
لم تكن البنوك الإسلامية قبل عقد الستينات من القرن الماضي قد شهدت النور في هذا العالم، إلا أن عقد الستينات أيضاً هو الذي شهد مولد أول بنك ادخاري صغير يعمل بنظام الشريعة الإسلامية بميت غمر المصرية، وكان يعمل على نطاق ضيق، ثم بعد ذلك أقرت منظمة المؤتمر الإسلامي قيام بنك التنمية الإسلامي في عام 1975، وكان على شكل بنك تنموي تساهم فيه الدول الإسلامية. وفي منتصف السبعينات بدأت البنوك الإسلامية الخاصة في كل من الإمارات والسعودية، ومن ثم انتشرت فشملت السودان وقطر والبحرين والكويت والأردن وغيرها.
وتشير الإحصائيات إلى أن ثلثي المصارف الإسلامية تقع في الشرق الأوسط والبقية في دول آسيا وشمال إفريقيا (السودان ومصر).ومنذ التسعينات وحتى يومنا هذا صارت البنوك الإسلامية أكثر تطوراً في عملياتها وآلياتها، وذلك من أجل تلبية الطلب المتزايد على المنتجات المصرفية الإسلامية في مقابل التنافس الكبير بينها وبين البنوك التقليدية، لأن البنوك الإسلامية أنشئت ضمن نظام مصرفي مختلط جنباً إلى جنب مع البنوك التقليدية.
ومازالت البنوك الإسلامية في تحولات متسارعة حيث يقدر عددها بنحو 250 مؤسسة ما بين بنوك تجارية وشركات استثمار وتأمين، وتتوزع هذه المؤسسات في نحو 75 دولة، وتدير الآن ما لا يقل عن 200 مليار دولار أمريكي بمتوسط نمو يقدر بنحو15 في المئة في العام. والملاحظ أيضا أن امتداد البنوك الإسلامية لم يقتصر على الدول الإسلامية فحسب، بل شمل أيضا دول أوروبا حيث تعتبر إنجلترا الدولة الأولى في مجال بنوك الاستثمار الإسلامية بنظام (الافشور). وفي التسعينات بدأت صناديق الاستثمار الإسلامية المشتركة متاحة للمستثمرين الذين يرغبون في التعامل بالطرق المتوافقة مع النظام الإسلامي وبلغت نحو 126 صندوقاً منها 4 صناديق في دول أوروبا وتبلغ أصولها ما لا يقل عن 4 مليارات دولار أمريكي.
ونظراً لأهمية النظام الإسلامي للصيرفة وبسبب زيادة الطلب عليه وفعالية أدواته فإن بعض البنوك التقليدية في دول الغرب قد بدأت من أجل الاستفادة من النظام الإسلامي في إنشاء وحدات ونوافذ مصرفية تعمل بالطريقة الإسلامية، هذا بالإضافة إلى أن بعض المنظمات العالمية غير الحكومية التي تعمل في بعض الدول الإسلامية لجأت إلى تطبيق بعض الصيغ الإسلامية في تمويل الفقراء ولاقت نجاحاً كبيراً. ومن الجدير بالملاحظة أن أهم أسباب الانتشار المصرفي الإسلامي في الغرب لا يتعلق بالمسميات ولكن بشرعية العمل وتوافقه مع قواعد الشريعة الإسلامية، التي تعطي الثقة للمتعاملين مع البنك في أسعار الفوائد على مدخراتهم.
ويبدو أن النقلة النوعية والتطور الذي حدث في عمل البنوك الإسلامية يعودان إلى إنشاء أول بنك إسلامي في المملكة المتحدة، فهناك ما لا يقل عن نصف مليون مسلم من أصول ترجع إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن المعروف أن انتشار البنوك الإسلامية أو المنتجات الإسلامية في المصارف التقليدية الغربية لا ينفصل عن وجود العملاء المسلمين الذين يرغبون في التمويل الإسلامي من جهة وفي فعاليته ومنافسته من جهة أخرى .

الأكثر قراءة