الاقتصاد العُماني يزداد قوة

يتوقع أن يحقق الاقتصاد العماني نتائج متميزة في عام 2009، وذلك على خلفية تعزيز الإنتاج النفطي من جهة والانخفاض المستمر لمعدل التضخم من جهة أخرى. وكان الاقتصاد العماني قد سجل أداء متميزا في عام 2008 بدليل تحويل عجز مقدر بنحو مليار دولار إلى فائض بحجم أربعة مليارات دولار. وقد تحققت هذه النتيجة بعد تحقيق زيادة بنسبة 49 في المائة في الإيرادات الفعلية في ضوء ارتفاع أسعار النفط أكثر بكثير من متوسط سعر النفط المعتمد وقدره 45 دولارا للبرميل.

زيادة الإنتاج النفطي

يساهم القطاع النفطي بثلاثة أرباع الخزانة العامة وأكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي وعليه يلعب دورا محوريا في اقتصاد السلطنة. وما يهمنا في هذا المطاف هو الزيادة المضطردة في الإنتاج النفطي في الآونة الأخيرة.
بشكل أدق، ارتفع متوسط الإنتاج النفطي إلى 807 آلاف برميل يوميا في شهر حزيران (يونيو) مقارنة بـ 803 آلاف يوميا في أيار (مايو) فضلا عن 784 ألف يوميا في شهر نيسان (أبريل) من العام الجاري. ويعود الفضل بشكل رئيسي إلى تعزيز إنتاج حقل مخزينة النفطي. وكان تحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال الأمريكية قد فاز في عام 2005 بامتياز لتعزيز إنتاج هذا الحقل الضخم من عشرة آلاف برميل يوميا إلى 150 ألف برميل يوميا في غضون خمس سنوات وباستثمار مبلغ قدره مليارا دولار. وحسب آخر إحصائية، بلغ متوسط إنتاج حقل مخزينة 55 ألف برميل يوميا، وبالتالي مسؤول عن زيادة القدرة الإنتاجية.
حسب تقرير حديث لشركة بريتيش بتروليوم، شكل الإنتاج النفطي العماني نحو 1 في المائة من الإنتاج العالمي مقارنة بـ 13 في المائة نصيب الإنتاج السعودي من الإنتاج على مستوى العالم في عام 2008. كما هو الحال مع البحرين، لا تتمتع عمان بالعضوية في منظمة أوبك.

ميزانية 2009

وكانت السلطات العُمانية قد أعدت ميزانية السنة المالية 2009 على فرضية متوسط إنتاج قدره 805 آلاف برميل يوميا. بالمقارنة، بلغ متوسط الإنتاج النفطي 757 ألف برميل يوميا في عام 2008. وقد بلغ متوسط الإنتاج 792 ألف برميل يوميا في النصف الأول من العام الجارية مقارنة بـ 743 ألف برميل يوميا في الفترة نفسها من عام 2008.
ومن شأن تعزيز الإنتاج النفطي السماح بتحقيق نتائج أفضل من تلك المنشودة في ميزانية عام 2009. وقد قدرت الحكومة إيرادات ومصروفات السنة المالية 2009 بنحو 14.6 مليار دولار و 16.7 مليار دولار على التوالي مخلفا عجزا قدره 2.1 مليار دولار. لكن يتوقع أن يتم تحويل العجز إلى فائض في ضوء تعزيز الإنتاج النفطي وبقاء أسعار النفط أعلى من المتوسط عند إعداد الميزانية وقدره 45 دولارا للبرميل. ومن شأن ارتفاع الدخل النفطي تهيئة الظروف لزيادة النفقات العامة تماما، كما هو الحال مع العام 2008 عندما زادت المصروفات بواقع 12 في المائة.

تراجع التضخم

كما يتوقع حدوث تحسن في جانب آخر في الاقتصاد وتحديدا تحجيم التضخم. ويتوقع تقرير لشركة ميريل لينج تراجع متوسط التضخم إلى 3.2 في المائة مع نهاية عام 2009 مقارنة بـ 12.5 في 2008. وذكر تقرير حديث لوزارة الاقتصاد الوطني بأن معدل التضخم بلغ 1.8 في المائة في تموز (يوليو) من العام الجاري مقارنة بـ 13.4 في المائة في الفترة نفسها في 2008.
ولفتت وزارة الاقتصاد الوطني إلى أن ''من أبرز المجموعات السلعية المساهمة في انخفاض المؤشر العام، مواد الغذاء والمشروبات والتبغ التي انخفضت بنسبة 10 في المائة نتيجة تراجع أسعار الحبوب ومنتجاتها واللحوم والدواجن والبيض والحليب ومنتجاتها والفواكه والزيوت والدهون''. تعتمد السلطات العمانية على سلة كبيرة نسبيا لقياس مؤشر التضخم تشمل سلعة وخدمة تجمع من 1571 محلا تجاريا و1360 منزلا.

مواجهة التحديات

وفي المحصلة، تشير بعض التوقعات الرسمية إلى عبور الإنتاج النفطي حاجز 900 ألف برميل في اليوم في 2011، وبالتالي إعادة إحياء ذكريات بداية العقد الحالي عندما بلغ متوسط الإنتاج 961 ألف برميل في 2001 قبل بدء مسلسل تراجع الإنتاج النفطي لعدة سنوات.
وفي كل الأحوال، لا بد من توظيف الدخل النفطي بواسطة زيادة الإنتاج النفطي لمعالجة التحديات التي تواجه الاقتصاد العماني وفي مقدمتها معضلة البطالة والتي تبلغ نحو 10 في المائة. تنتشر في أوساط الشباب وخصوصا الإناث. بل تعد البطالة مشكلة كبيرة في المناطق البعيدة عن المدن الرئيسة. كما تشير الأرقام الديمغرافية إلى أن المجتمع العُماني يافع، حيث يشكل السكان دون سن الخامسة عشرة 43 في المائة من مجموع المواطنين. الأمر المؤكد هو أن عدد غير قليل من المواطنين سيدخلون إلى سوق العمل في المستقبل غير البعيد بحثا عن وظائف تتناسب وتطلعاتهم فيما يخص ظروف العمل والأجور. أيضا المطلوب توظيف جانب من الفوائض المالية لتطوير البنية التحتية مثل شبكة الطرق والكهرباء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي