لا بديل عن النوم ساعات كافية ليلا
تشارلز إيه تشزلر، أستاذ طب النوم في مدرسة هارفرد للطب، يجيب على بعض أكثر الأسئلة شيوعاً حول ما يعتبره هو وخبراء النوم وباء عالمياً يتمثل في الحرمان من النوم. وإن كنت ممن ينامون أقل من ثماني ساعات فربما يتعين عليك إعادة النظر في عدد ساعات نومك بعد قراءة إجاباته هذه.
ما المدة المثالية للنوم بالنسبة للبالغين؟
مدة النوم التي تعتبر مثالية بالنسبة للشخص البالغ تراوح في المتوسط بين ثماني ساعات وثماني ساعات ونصف. ويقول كثير من الناس إن البالغين يحتاجون إلى خمس ساعات نوم فقط، لكن من غير الممكن أن يقوموا بعملهم على نحو جيد بهذا القدر من النوم. وبعض الناس يكتفون بخمس ساعات من النوم، لكنهم يتمكنون من الاستمرار على ذلك بتناول كميات كبيرة من الكافيين، أو الحبوب المنشطة. لهذا السبب يعتبر البُن ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط. والسؤال المعكوس الذي يطرح كثيراً: هل يمكن أن يكون النوم الزائد عن الحد مضراً؟ لا يوجد دليل على ذلك.
وهناك بيانات تفيد أن معدل الوفاة بين الأشخاص الذين ينامون ساعات أقل، أو أكثر من اللازم، أعلى. لكن لا ينبغي تفسير ذلك بأن النوم هو السبب في وفاتهم. فهناك أسباب أخرى لذلك، مثل الاكتئاب في هذه الحالات.
هل نستطيع أن ندرب أنفسنا على العمل بمعدل نوم أقل؟
عندما بدأت العمل في هذا المجال كانت هناك كتب عن تعلم النوم لساعات أقل والاستمتاع أكثر بالحياة. وكانت تلك الكتب تستند إلى تجارب كان يدفع للطلاب فيها كي يقولوا إنهم يعملون بصورة جيدة عبر تقليل ساعات نومهم بالتدريج إلى أربع أو خمس ساعات. لكن عندما تم تكرار تلك الدراسات في المختبرات، وبخاصة من قبل الجيش حيث لم يكن باستطاعة الجنود أن ينتحوا إلى زاوية ويأخذوا غفوة، كان أداؤهم يتراجع بشكل كبير يوماً عن يوم. ومن المثير أن الطلبة الأصليين لم يلاحظوا بالفعل أن حالتهم كانت تسوء بل إن فكرتهم عن أدائهم تأثرت.
هل تفيد الغفوات التي يأخذها الناس نهاراً إذا كانوا في حاجة إلى النوم؟
النوم القصير والقيلولة يمكن أن يكونا مفيدين. لقد أجرى أحد زملائي سلسلة من التجارب تضمنت 145 فترة مختلفة من النوم والقيلولة – خمس ساعات نوم وقيلولة لمدة ساعة أثناء النهار، وأربع ساعات زائداً قيلولة لمدة ساعتين في النهار وهكذا – لمعرفة ما إذا كان هناك مزيج سحري بحيث يكون لديك فترتان من النوم مجموعهما أقل من ثماني ساعات وفي الوقت نفسه تحصل على مستوى الأداء نفسه. لكن تبين بكل أسف أنه ما لم يكن مجموع فترتي النوم والقيلولة ثماني ساعات، فإن الأداء يتراجع أكثر فأكثر. لكن إذا كنت تعاني من الحرمان من النوم، كما هي حال معظم الناس في هذه الأيام، فإن إغفاءة قصيرة تساعدك على استعادة يقظتك مؤقتاً، لكنها ليست بديلاً عن الحصول على قدر كاف من النوم.
هل يفيد النوم ليلا وفي الذهن مشكلة في إيجاد حل لها، أم إن هذه خرافة؟
نعم، هذه حقيقة. أثناء النوم، لكن بشكل خاص أثناء الفترة التي تتحرك فيها العينان بسرعة في آخر ساعتين من النوم، يبدو أنه يحدث نوع من التفكير الترابطي وآلية حل المشاكل لدينا – وإن كان ليس بالضرورة أن تكون المشكلة التي نواجهها - وخلال معظم فترة النوم نقوّي الذاكرة. لكن في الفترة التي تتحرك فيها العينان بسرعة، يبدو أن الدماغ يفرز بعض الأنماط الخفية التي لا يستطيع المرء القيام بها في حال اليقظة. ويبدو الأمر كما لو أن الدماغ يقوم بمعالجة المعلومات، واستعراض الأمور التي حدثت في النهار ويوجد العلاقات بينها.
ما أفضل طريقة الآن للتعامل مع الأرق؟
لا توجد طريقة واحدة أفضل، لكن بعض الأشياء تساعد كثيراً. من المهم جداً أن تكون مواعيد النوم والاستيقاظ منتظمة. يعتقد كثير من الناس أن باستطاعتهم تغيير نمط نومهم طوعاً أو كرهاً، لكن ساعتنا البيولوجية تنظم متى ننام ومتى نصحو، وتحدُث تغييرات هرمونية وتغييرات أخرى مختلفة عندما تقترب مواعيد نومنا واستيقاظنا. كما أن البيئة التي ينام فيها الشخص لها أهميتها - كالنوم في مكان يميل إلى البرودة، ومعتم وهادئ، وخال من الوسائل التي تلهينا عن النوم كالهاتف، والكمبيوتر، والتلفزيون وما شابه. كل من هذه الوسائل يسرق النوم منا. الكثير من الناس ينامون وجهاز الراديو أو التلفزيون مفتوح، لكن هذا ضار جداً بالفعل.
#2#
الأرق
الحرمان من النوم مشكلة خطيرة، لكن معظمنا يعاني منها بشكل مزمن. إنها تقلل من نوعية حياتنا، وأصبح معروفاً الآن أن لها آثاراً سلبية على الصحة لم تكن مفهومة في السابق.
إن نقص النوم لا يقتصر على التسبب في عوارض واضحة، كالإجهاد وضعف الذاكرة وقلة القدرة على التعلم، بل هو مسؤول أيضاً عن حدوث تغيرات في الأيض، ويزيد حاجة الجسم إلى الكربوهيدرات، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن، وعدم كفاية الإنسولين، ما يؤدي إلى مرض السكري، وحتى إلى ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشريان التاجي الذي يسبب الأزمات القلبية.
وأظهرت دراسة أجرتها شركة فيلبس ـ العاملة في مجال الرعاية الصحية ـ في آذار (مارس) 2009 على مديرين في خمسة بلدان، أنهم ينامون أقل من الثماني ساعات اللازمة في الليلة بنسبة 19 في المائة. وألقى 40 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع وعددهم 2513 شخصاً، اللوم على حالة الاقتصاد العالمي باعتبارها السبب الرئيسي في عدم قدرتهم على النوم.
والحرمان من النوم يضر بصحة المديرين وبأداء شركاتهم. وذكر أغلب الذين شاركوا في الاستطلاع – 61 في المائة - أن عملهم تأثر سلباً بسبب نقص النوم.
ويعجز الناس عن النوم إما بسبب عدم قدرتهم على النوم (الأرق) أو بسبب الإجهاد المتعلق بالعمل في الأحوال الاقتصادية الراهنة، كما يقول الدكتور ديفيد وايت، رئيس الإدارة الطبية في شركة Philips Home Healthcare Solutions . ويشير الدكتور وايت أيضاً إلى مشكلة شائعة هي انقطاع التنفس أثناء النوم باعتباره أحد العوامل الرئيسية في الحرمان من النوم. ويعتبر انقطاع التنفس أثناء النوم حالة ينهار فيها مجرى الهواء بشكل متكرر أثناء النوم، ما يحول دون التنفس بشكل عادي ويؤدي إلى الشخير.
وبحسب الدكتور وايت "ينبغي على الناس أن يأخذوا موضوع النوم بقدر أكبر من الجدية لأن التنفس ليس عملية اختيارية – إنه بالغ الأهمية لحياة الناس".