ثلاثية "أرامكو" .. جامعة وأبحاث وإبداع

ثلاثية "أرامكو" .. جامعة وأبحاث وإبداع

مفهوم الثلاثية عبر عنه أخيرا المهندس خالد الفالح رئيس "أرامكو" السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين في ندوة أكسفورد السنوية الـ 31 للطاقة في كلية سانت كاثرين في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة كسياسة داخلية إدارية بحتة تطبقها الشركة, وبما احتواه هذا المفهوم من ارتباط وثيق الصلة ببعضه من ناحية التوازن والتكامل في ثلاثة أقطاب وأعمدة تمثلت في التقنية والموهبة البشرية مضافا إلى الشراكة المتبادلة لدى تلك المواهب, هو نتاج طويل استمد قوته من الثقل الذي حملته وما زالت تحمله هذه الشركة العملاقة على عاتقها في عملية استرخاء وشد للتذبذبات والترهلات الاقتصادية التي مرت وتمر على العالم, ومن هنا كان ظهور الجانب التطويري المستمر للشركة ليس غريبا بل هو متوقع من شركة كبرى كهذه كان وسيبقى دورها كبيرا وملموسا في الداخل على المجتمع من ناحية التعليم والثقافة والموهبة والأبحاث المتصلة والمتواصلة في التقنية كأحد أقطاب وأضلاع الثلاثية المستهدفة في النمو الاستراتيجي المستقبلي حتى يمكن القول بوصول الأمر إلى محاكاة الشركات الأخرى لها ومحاولة مقارعتها ومنافستها في الأنظمة والجودة, إلى ما هو أبعد من ذلك وهو الأهم في بقائها في القمة من ناحية الاستثمار الكبير في البشر المتضمن تنمية الموارد البشرية التي تستمد نجاحاتها المتواصلة منه ولا يخرج عن المفهوم التنفيذي للثلاثية المعنية. وهو ما عرفت به الشركة إبان تأسيسها إلى يومنا هذا من ناحية برامجها ومقرراتها النافذة القوية في اللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات الحديثة والمحدثة بما توازي الثانوية العامة وقد تفوقها علميا, والتي ارتبط الكثير ممن أنهوها بالجامعات الأمريكية وواصلوا دراساتهم العليا على رسلها وممن أسهموا بعد ذلك في بقاء استحواذها وجذبها الموارد الإبداعية الكامنة.
فمن منطلق الثلاثية, يمكننا القول إن البرامج التطويرية التنافسية والتحفيزية المستمرة للمواهب البشرية دليل بروز منتسبي "أرامكو" على نطاق واسع في المحافل والمشاركات والندوات الداخلية والخارجية, وكان في خلق الثقة وتجلياتها على مخرجات ومشاركات المبدعين المميزين من أبنائها الدور الرئيس في هذا التميز. إن المتتبع للنشاطات العلمية من مؤتمرات ومساهمات فروع الجمعيات الهندسية وغيرها التي تقوم بها الإدارات سواء البحثية أو التشغيلية أو الهندسية والتي تتبناها الشركة وتشجع عليها, يدعو إلى الفخر والاعتزاز بوجود هذا التفاعل الثقافي والعلمي والمعرفي في قطاع صناعي نفطي مترامي الأطراف في المملكة, لما لهذه النشاطات من أثر إيجابي في خلق أجواء تنافسية إبداعية ترفع من شأن الشركة عالميا ومكانتها, وتستحث المنافسين لها على مواكبتها والسير على خطاها, فلولا مصداقيتها ومدى التزامها بالأنظمة والمعايير العالمية, لما آلت إليها توجيهات خادم الحرمين الشريفين في بناء وتأسيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية, ليس فقط من ناحية التشييد وسلامة الإنشاءات بل من ناحية وعيها وقوة ممارستها الحقيقية لكل مصنفات العلوم الهندسية والمعلوماتية والإدارية وحتى الطبية الميكروبيولوجية والبيئية ذات العلاقة بالنفط من تجهيزات حديثة عالية الجودة والدقة في مركز الأبحاث وإدارة خدمات الاستشارات مقارنة بالتقليدية التي تمتلكها بعض من مراكز أبحاث عالمية وحتى جامعات تصنف في مراكز متقدمة في العالم, وهو ما يمكنها من بسط نفوذها الإبداعي الذي يتوجها ويشرفها أن تسمى جامعة أبحاث وإبداع, لربما يضعها يوما ما كأول شركة نفطية في العالم لو وضعته نصب عينيها في تأسيس أو تطوير مركزها لمعهد أبحاث شامل للعلوم والتقنية والمعلوماتية للدراسات العليا وما بعد الدكتوراة, يتخطى ما تصنعه بعض الشركات الأخرى من تصديرها نظرياتها الخاصة أو ممارساتها التشغيلية فقط للخارج.

د. زهير آل طه
باحث في معالجة المواد بالليزر الصناعي

الأكثر قراءة