تزايد الإقبال على الوظائف المتخصصة في المصرفية الإسلامية بعد صمودها في وجه الأزمة
يرى خبراء الموارد البشرية والتوظيف في شرق آسيا وجامعات المال الأوروبية، أن الوظائف التي سيكثر عليها الطلب في قطاع الخدمات المالية عقب الأزمة المالية العالمية تتمحور حول المتخصصين في الصيرفة والتمويل الإسلامي، فضلا عن تلك الوظائف في إدارة المخاطر والائتمان، وكذلك التحليل المالي والإدارة المالية. يقول لـ ''الاقتصادية'' فيليب مولينو رئيس كلية Bangor لإدارة الأعمال: ''لقد بدأنا في ملاحظة أن هناك طلباً على وظائف المستشارين في إدارة الثروات الإسلامية وتلك المرتبطة بالأجهزة التنظيمية''.
ويأتي ذلك الزخم على وظائف الصيرفة الإسلامية، على خلفية تصريحات جيل روليه، رئيس قسم الشرق الأوسط التابع للبنك السويسري Mirabaud بأن ''عددا قليلا للغاية من الأشخاص المتمكنين يستحقون الرواتب العالية التي يحصلون عليها، ولكنك تجد عدداً كبيراً من الناس في هذه السوق غير قادرين على تحقيق النتائج المرجوة''. وأشار إلى أنه لن يفاجأ إذا وجد ''بعض هؤلاء الناس في الشارع خلال سنة أو سنتين من الآن''. وذكر روليه أن القيام بعملية قوية للتخلص من الأشخاص الذين لا يتمتعون بالكفاءة سيكون مفيداً لهذا القطاع الناشئ.
وبالعودة إلى شركات التوظيف، تتوقع كالا كولاراجه، مديرة هاي جروب الماليزية، أن تعمل المؤسسات المالية على تقوية قدراتها على إدارة المخاطر، ما ينتج عنه ازدياد الطلب على أهل الاختصاص الذين يستطيعون القيام ''بالتفكير الاستباقي'' بهدف حماية المؤسسة من أي آثار أو قرارات عملية غير مرغوبة. كذلك فإنها تتوقع مزيدا من الطلب على الأشخاص المؤهلين الذين يتمتعون بمهارات تخصصية، مثل وضع نماذج المخاطر risk modelling والحسابات المالية. حيث تقول لصحيفة ''ذا ستار'' الماليزية ''بما أن الميزانيات المخصصة للرواتب هذه الأيام تشكل 50 إلى 70 في المائة من التكاليف التشغيلية، فإن اللاعبين سيرغبون في توظيف المؤهلات المناسبة والأشخاص الذين يسهمون في تحقيق عوائد أعلى على الاستثمار''.
كليات المال في أوروبا هي الأخرى بدأت تلاحظ أن هناك طلبا من المؤسسات المالية على الطلاب الذين يمتلكون خلفية اقتصادية في الصيرفة الإسلامية. يقول لـ ''الاقتصادية'' جون بورد، مدير مركز ICMA لإدارة الأعمال في جامعة ريدنج البريطانية:'' كشفت الأزمة (أو أسبابها) أن هناك نقصاً في التدريب على وظائف معينة عند عدة مستويات في كثير من المنظمات المالية، وأن تصحيح هذا الوضع (على سبيل المثال من خلال التشدد في الأنظمة الرقابية والإشرافية) يبدو من الأولويات المهمة. على رأس هذه الأولويات سيكون هناك طلب على متخصصين في إدارة المخاطر (التي يمكن أن تشتمل على الائتمان، ولكنها ستشتمل الآن على المخاطر ''الجديدة''، مثل مخاطر السيولة)''. ويتابع: ''المصرفية الإسلامية تقع في فئة مختلفة، حيث ينظَر إليها على نطاق واسع على أنها مجال للنمو وستقوم الشركات بالتوظيف لهذه الغاية كجزء من توسعها، وسترغب في تقديم خدمة كاملة إلى عملائها''.
وتشتمل قائمة الوظائف الرئيسية التي تعدها مليسا نورمان، نائبة الرئيس والمدير للإقليم في شركة Kelly Services، على أهم الوظائف المطلوبة بشدة في القطاع المالي، من قبيل المحاسبين والمحللين الاستثماريين، والمديرين الماليين، والمدققين الداخليين، ورؤساء المخاطر الائتمانية العامة في الشركات، ومسؤولين عن الالتزام بالأنظمة، ووظائف مرتبطة بالسوق مثل رئيس قسم بطاقات الائتمان أو بطاقات السحب المباشر.
لكن نورمان تتوقع أن ينتهج أصحاب العمل منهجاً حذراً وانتقائياً في التوظيف. وقالت: ''سيكون هناك مزيد من التركيز على إجراءات ضبط التكاليف والحوافز التي تمنح على الأداء. وينظر إلى المنهج الحذر الذي تتبناه الشركات على أنه سبيل لضبط الرواتب العالية وتقليصها، إلى جانب تقليص العلاوات''. ويعد النقص في الكفاءات المؤهلة العقبة الرئيسية أمام القطاع المزدهر للمصرفية الإسلامية، ولكن التوظيف بطريقة ''كيفما اتفق '' يمكن أن يعرض سمعة القطاع للخطر، بحسب ما يراه بعض التنفيذيين الغربيين. لكن آفاق خان، كبير التنفيذيين للمصرفية الإسلامية في بنك ستاندارد تشارترد قال إن النقص المزمن في الكفاءات المؤهلة يمكن أن يعرقل نمو الصناعة.
وقال خان الذي يدير وحدة صادق التابعة للبنك:'' هناك أزمة قوية مثل عنق الزجاجة.'' وقال إن سمعة الصناعة يمكن أن تكون على المحك. المخاطر التي أراها هي أن أضعف حلقة ستؤدي إلى كسر السلسلة. ستتعرض سمعة الصناعة ككل للتلف بسبب خطأ ترتكبه جهة واحدة''.
وفي السياق ذاته يرى أحد الأكاديميين الأوروبيين أن عديدا من كبار المصرفيين الغربيين لم تكن لديهم أدنى فكرة عن المخاطر الفظيعة التي كانت تتعرض لها مؤسساتهم. يقول كولين جاردنر بروفيسور في جامعة بانجور ''إن ما تقوم له الحاجة الآن هو برنامج هائل لإعادة التعليم موجه لكبار مديري البنوك - وذلك لضمان عدم تكرار الأخطاء نفسها في السنوات القليلة المقبلة.
ويرى جاريدنر أن عديدا من كبار المصرفيين لم يكونوا على دراية بالمخاطر التي تتعرض لها بنوكهم، وعليه فلا بد أن يكون التدريب على إدارة المخاطر إلزاميا. ولم يتوان الأكاديمي البريطاني في وصف هؤلاء المصرفيين ''بالأرانب'' التي سلطت عليهم ''أضواء سيارة'' فجأة فوقفوا في أماكنهم ولم يعرفوا كيفية التصرف.