البحر يأكل أبناءنا .. 562 غريقا خلال 5 أعوام فقط !
ترتبط عادة حالات الغرق التي تشهدها المملكة بالإجازة الصيفية،إذ ترتفع حصيلة الغرقى بسبب الإقبال الكبير لسياح الداخل من المتنزهين على الشواطئ وممارسة هواية السباحة، إلا أن بعض الذين يمارسون هذه الهواية لا يملكون فنون السباحة، فيما لا يملك بعضهم أدنى أبجدياتها، لذلك تجرفه الأمواج إلى عمق البحر، ويتم عادة ذلك رغم النداءات المتعددة للجهات المعنية بضرورة أخذ الحيطة والحذر وتجنب الأماكن غير المسموح بها بالسباحة.
سجلت شواطئ المملكة خلال السنوات الخمس الماضية وفاة 562 شخصا غرقا سواء في شواطئ المنطقة الشرقية أو المنطقة الغربية، في حين بلغ عدد الذين تم إنقاذهم من قبل دوريات حرس الحدود أثناء تعرضهم للغرق 4028 شخصا في مختلف المناطق.
هذه الأرقام في عدد الوفيات وارتفاع حالات الإنقاذ من الغرق دفعت إلى إطلاق سلسلة من الحملات التوعوية من قبل قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية لتكون أول إدارة على مستوى إدارات المناطق تقوم بنشاطات توعوية بين طلاب المدارس والتجمعات النسائية والشبابية, بعد أن تصدرت المنطقة الشرقية المرتبة الأولى في حالات الغرق على شواطئها.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فقد سجلت المنطقة الشرقية أعلى نسبة في حالات الإنقاذ من الغرق في صيف 2008بـ150 حالة من بين 373 حالة تم إنقاذها على مستوى فرق إنقاذ حرس الحدود، بينما احتلت محافظة جدة المرتبة الثانية بـ 78 حالة, وخلال النصف الأول من العام الحالي تم تسجيل 66 حالة إنقاذ لتصل إلى 815 حالة خلال 18 شهرا مما تم إنقاذهم أثناء ممارستهم السباحة في حين تم إنقاذ 187 شخصا إثر تعطل قواربهم في عرض البحر منذ مطلع العام الجاري.. إلى التفاصيل:
## فقدان الغرقى للأبد
#2#
كشف لـ "الاقتصادية" المقدم سالم السلمي الناطق الإعلامي في حرس الحدود في الإدارة العامة في الرياض, أنه في حالات يفقد الغريق ولا يمكن العثور عليه, إلا أن عدم العثور على بعض الغرقى لا يعني بالضرورة وجود قصور في عمليات البحث والإنقاذ لكن كما يقال "البحر غدار" ويبقى الأمر في دائرة القضاء والقدر، مشيرا إلى أن حرس الحدود لديه وحدات ونقاط للبحث والإنقاذ عددها 48, منتشرة على ساحل البحر الأحمر والخليج العربي.
وفي كل نقطة بحث وإنقاذ مجموعة من الغواصين وسيارات الإسعاف والقوارب المخصصة للإنقاذ ووسائل الإسعافات الأولية وعندما يتم الاتصال على رقم طوارئ حرس الحدود 994 للإبلاغ عن أي حالة غرق فورا يقوم مركز القيادة والسيطرة بتوجيه أقرب وحدة أو نقطة بحث وإنقاذ للموقع لمباشرة الحالة وإذا تتطلب الدعم من وحدات ونقاط البحث والإنقاذ الأخرى يتم ذلك كما حصل في حادثة الفتاه فاطمة الصعب التي توفيت في الساحل الغربي أخيرا, حيث شارك في عمليات البحث والإنقاذ أكثر من 30 غواصا من حرس الحدود, إضافة إلى وجود لوحات تحذيرية في المناطق الخطرة والتي تعد غير صالحة للسباحة كما أن دوريات حرس الحدود البحرية تعمل على مدار الساعة للمساعدة وتقديم العون لكل من يحتاج إلى ذلك داخل البحر.
#6#
## المتنزهون يزيدون الغرقى
وقال إن بعض حالات الغرق يرجع سببها إلى عدم تقيد المتنزهين على البحر بتعليمات منع السباحة في الأماكن الخطرة بل إن هناك حالات وجدنا الغريق قد وضع ملابسة بجوار اللوحة التحذيرية ومارس السباحة في المنطقة المحظورة وكانت النتيجة أن جرفته التيارات البحرية وأدت إلى غرقه,مشير إلى أن المملكة سجلت خلال خمسة أعوام 4028 شخصا تعرضوا للغرق ، لقي منهم 562 شخصا حتفهم غرقا.
وأكد أن المديرية العامة لحرس الحدود تهتم بنشر ثقافة البحث والإنقاذ وتقديم الإسعافات الأولية على مدار العام في معاهد ومراكز التدريب لجميع منسوبي حرس الحدود.
وقبل بداية موسم الصيف تنفذ الإدارات المختصة برامج توعية للمجتمع بكل فئاته لزيادة معرفتهم كما أن هناك تعاونا بين حرس الحدود والهيئة العامة للهلال الأحمر السعودي.
## 700 لوحة إرشادية
وبين أن الحوادث ترتفع في مواسم الصيف وقد تم تكثيف دوريات حرس الحدود على الشواطئ ويبلغ طول الشريط الساحلي في الشرقية نحو 1100 كيلومتر تقريبا يقابله الساحل الغربي 2400 كيلومتر.
وأكثر الشواطئ هي مواقع متاحة للنزهة وممارسه السباحة يستثنى من ذلك بعض المواقع المحظورة وغير المسموح بالوجود فيها لأسباب عدة إما لخطورتها وعدم صلاحيتها للسباحة وإما لقيود أمنية أخرى، كما أن هناك تعاونا مستمرا بين حرس الحدود وأمانات وبلديات المناطق لتحديد الأماكن الصالحة للسباحة لوضع لوحات إرشادية بها.
وحرس الحدود يشارك ضمن أنشطة وفعاليات الصيف خاصة التي تقام في المناطق البحرية التي توجد فيها شواطئ ويرتادها المتنزهون والسياح بكثرة.
وبين السلمي أن اللوحات التحذيرية الموجودة واضحة ووضعت بعناية في الأماكن التي وضعت فيها لكن يجب أن يعرف الجميع أن أماكن الخطورة في البحر تستجد في بعض الأماكن إما لظهور تيارات بحرية في مناطق لم تكن معروفة بهذه التيارات أو لتلوث المنطقة.
وقد وجهت الإدارة العامة لحرس الحدود بعمل 700 لوحه إرشادية وتحذيرية ستوزع حال الانتهاء منها على امتداد شواطئ البحر الأحمر والخليج العربي.
#5#
## ضعف الوعي
وحول وعي مرتادي البحر قال السلمي "أن وعي مواطني ومقيمي المملكة متفاوت تجاه اللوحات الإرشادية ومتدن, إلا أن هناك وعيا مطردا خلال السنوات الماضية يعود لاهتمام حرس الحدود بالتوعية بالسلامة البحرية, ولكن تبقى مسؤولية الأسرة عظيمة في احترام هذه اللوحات خاصة رب الأسرة حتى لا يعرض نفسه وأسرته لمأساة.
وأكد أن هناك صعوبات تواجه أفراد حرس الحدود أبرزها أن بعض الأسر تبحث عن أماكن بعيدة عن مناطق التجمع والمناطق التي خصصت للسباحة والتي وفر فيها حرس الحدود وحدات ونقاط للبحث والإنقاذ مزودة بكل الإمكانات من غواصين وسيارات إسعاف ومستلزمات الإسعافات الأولية بحجة الخصوصية وقد يكون ذلك سببا لتأخر عملية الإنقاذ، إضافة إلى تأخر في البلاغ عن حالات الغرق فهناك من لا يبلغ الحرس بالحادثة إلا بعد أن يستنفذ محاولات الإنقاذ الشخصية من قبل المتبرعين بالإنقاذ وهذا يودي بحياة الغريق لذا لابد من الاتصال أولا على هاتف الطوارئ 994 مع العلم أنه من حق أي شخص قادر على السباحة وملم بقواعدها القيام بعملية الإنقاذ لأنه عمل إنساني ولكن إذا لم يكن كذلك فليحذر لأنه قد يجني على حياته وحياة الغريق.
## نشرات يومية عن الطقس
وهناك عقبة أخرى تتمثل في عدم معرفة الشخص للموقع الذي يوجد فيه في حال واجهته مشكلة أثناء السباحة لذا وضع حرس الحدود رقما على كل لوحه إرشادية وهذه الأرقام معروفة لدى غرفة القيادة والسيطرة حتى لو وقع حادث غرق يمكن للمبلغ ذكر رقم اللوحة وبالتالي توجيه فرق البحث والإنقاذ إلى الموقع بسهولة.
ويمنع حرس الحدود مراكب الصيد والنزهة من نزول البحر إلا بعد استيفاء الاشتراطات الخاصة بالسلامة البحرية كتحديد عدد الركاب ومدى تناسبه مع حجم المركب وتوفير أطواق نجاة وصيدلية إسعافات أولية وغيرها.
والرئاسة العامة لهيئة الأرصاد وحماية البيئة تزود الحرس بنشرات يومية عن حالة الطقس والأحوال الجوية تمرر لكل مراكز حرس الحدود ويبلغ بها المراسي المرخص لها,وهناك معايير وضعت للنزول إلى البحر وإذا اختلفت هذه المعايير يمنع منعا باتا النزول للبحر سواء للصيد أو النزهة .
وحول حملات التوعية قال السلمي ," حرس الحدود كثفت حملات التوعية بالسلامة البحرية بين مواطني ومقيمي المملكة خاصة في المناطق القريبة من السواحل ,فعلى شواطئ الساحل الشرقي هناك خيمة توعوية إرشادية تشارك فيها الجهات الحكومية والأهلية ويقدم حرس الحدود من خلالها النشرات والمحاضرات لتوعية مرتادي البحر بخطورة البحر والتقيد بالأماكن المخصصة للسباحة والتأكيد بأن هاتف الطوارئ في حرس الحدود يعمل على مدار الساعة لاستقبال أي استفسارات حول المواقع الصالحة للسباحة على الشاطئ أو بلاغات بطلب النجدة والمساعدة.
## دورات تدريبية
وقال إن الإدارة تدرس حاليا إمكانية عقد دورات مجانية لعمليات الإنقاذ والإسعافات الأولية للأفراد من منطلق الخدمة الاجتماعية للراغبين في ذلك بحيث تمنح لهم شهادات رسمية وبطاقات خاصة وتسجل بياناتهم لدى حرس الحدود وتحدث كل فترة وأخرى ويصبحون أصدقاء للسلامة البحرية.
## برامج التوعية
من جانب آخر قال لـ " الاقتصادية " العقيد محمد الغامدي المتحدث الرسمي لحرس الحدود في المنطقة الشرقية إنه مع تزايد الحملات التوعوية بالسلامة البحرية انخفضت نسبة الغرق إلى 11 في المائة, مشيرا إلى أن المنطقة الشرقية بدأت إطلاق حملاتها التوعوية والتثقيفية منذ ثلاث سنوات بهدف تعزيز مفهوم السلامة البحرية.
وأضاف أنه تم إنقاذ 373 حالة خلال عام 2008 على شواطئ المملكة وجاءت الشرقية الأكثر بـ 150حالة تلتها منطقة جدة بـ 78 حالة إنقاذ، إلا أنه بمقارنة العام الماضي مع العام الذي سبقه 2007 م تبين انخفاض حالات الغرق والوفيات ففي صيف 2007 سجلت شواطئ المملكة 82 حالة وفاة ، نصيب المنطقة الشرقية منها 18 حالة.
أما خلال الأشهر الستة الماضية من العام الجاري سجلت الشرقية 253 شخصا تم إنقاذهم من بينهم 67 شخصا كانوا يمارسون السباحة فيما تم إنقاذ 187 آخرين على متن قوارب بحرية تعطلت في عرض البحر,في حين تم تسجيل سبع حالات وفاة , وانخفضت نسبة الوفاة في الشرقية بسبب الغرق نتيجة لتكثيف برامج التوعية للنساء والرجال وفي المدارس وما زالت حملات التوعية تتواصل, إضافة إلى انخفاض نسبة الغرق بحدود 11 في المائة عنها في الصيف الماضي.
وقال إن إدارة حرس الحدود في الشرقية تستعد لإجراء مسح ميداني لتحديد مستوى وعي المواطن المقيم ومدى تقيده والتزامه بقواعد وإرشادات السلامة من خلال اللوحات الإرشادية ومعرفته برقم طوارئ حرس الحدود, منوها إلى ضرورة مساندة بعض الجهات معهم لإنجاز هذا المسح.
## زوار الشرقية الأكثر غرقا
وأكد الغامدي أن أكثر من يتعرض للغرق هم من زوار المنطقة الشرقية, وأن إدارة العمليات تتلقى يوميا ما بين 15 إلى 25 اتصالا لطلب المساعدة لقوارب تعطلت في عرض البحر أو طلب معرفة حالة الطقس أو حالات غرق أو طلب مساعدة بشأن سيارة علقت في الرمال وغيرها ونحن نقوم بتمرير بعض المكالمات إلى أقرب وحدة إنقاذ لتقوم باللازم.
وذكر أن حالات الغرق تحدث في المنتجعات الخاصة إضافة إلى حوادث القوارب والسفن السياحية للتأجير في المنطقة والتي تتطلب الحصول على تصاريح من حرس الحدود لتأكد من وجود وسائل السلامة على متن هذه القوارب ,وقد شهدت الشرقية قبل سنتين حادثة لإحدى سفن التأجير وتحمل 40 متنزها حيث تعرضت لعطل أدى إلى توقفها في عرض البحر وقد قامت دوريات حرس الحدود بإنقاذ الأشخاص.
وشدد الغامدي على عدم التساهل في اتباع إرشادات السلامة البحرية وأخذها بجدية طوال الوجود قرب الشواطئ, من قبل العائلات والشباب وخصوصا الأطفال للحفاظ على سلامتهم من حوادث الغرق والحوادث الأخرى التي تحدث بالقرب من الشاطئ، لافتا إلى التنبيه بصفة دورية على المتنزهين إلى جانب وجود اللوحات التحذيرية والتوعوية بالأماكن المحظور الاقتراب منها للغوص أو السباحة وغير ذلك من وسائل التوجيه.
وكذلك الاتصال برقم طوارئ حرس الحدود 994 عند الرغبة في الاستفسار أو المساعدة منوهاً إلى أن جميع المناطق الواقعة على كورنيش الدمام والخبر والقطيف تعتبر خطرة وغير آمنة لمزاولة السباحة.
وقال العقيد الغامدي إن الذين يقصدون شواطئ المنطقة الشرقية خلال الإجازة الصيفية بهدف ارتياد البحر بدون الوعي بقوانين الأمان والسلامة أو المجازفة التي تصدر من بعض الشباب بالاتجاه إلى المناطق العميقة من البحر دون إدراكهم مخاطر ذلك وأنه قد يتسبب في حالات الغرق الأكيدة.
## لجنة نسائية للتوعية بالسلامة
وأشار الغامدي إلى أن حرس الحدود لديه نقاط ثابتة للبحث والإنقاذ في المواقع التي يكثر فيها المتنزهون بل ويتم مضاعفة أعداد أفراد الإنقاذ في كل المناسبات مثل مواسم الصيف والأعياد حتى نوفر الأمن والسلامة لهم، لكن لابد من تعاون المتنزهين مع هذه الجهود في اتباع النصح والتعليمات والالتزام بإرشادات السلامة البحرية.
وكانت المنطقة الشرقية قد شكلت أول لجنة نسائية متطوعات لجنة السلامة البحرية في حرس حدود الشرقية مكونة من 28 متخصصة وطالبة متطوعة.. ثماني متطوعات منهن طبيبات ومهندسات وإخصائيات اجتماعيات, تأتي ضمن لجنة "توعية مرتادي الشواطئ" تضم نساء ورجالا متطوعين.
وهنا يرجع العقيد الغامدي ليشير إلى أن دور اللجنة توعوي في محاولة لنشر ثقافة الوعي بين أفراد الأسر وتحديدا النساء, مؤكدا أن اللجان التوعوية انطلقت على أثر ارتفاع حالات الغرق والوفيات بسبب عدم وعي مرتادي الشواطئ بمخاطر البحر.
## متطوعات لتوعية النساء
#4#
من جانبها قالت شريفة العيد مديرة مركز الوحدة لخدمة سيدات الأعمال في الخبر التي انضمت إلى لجنة حرس الحدود في الشرقية، إن اللجنة شكلت بهدف توعية مرتادي الشواطئ وخصوصا النساء لرفع وعي الأمهات لأنه في حال أصبحت الأم واعية فهي بذلك تحافظ على أبنائها وأسرتها وترسخ فيهم مفهوم السلامة البحرية خلال فترة تنزههم عند الشواطئ.
#3#
في حين، قالت المهندسة صفاء قوصيني عضوة في اللجنة، إن انضمامهن إلى هذه اللجنة جاء رغبة منهن لخدمة المجتمع والعمل على نشر المزيد من ثقافة الوعي بالمخاطر البحر, وإيمانا من العضوات المتطوعات بأهمية التطوع في العمل التوعوي وغيره من الأعمال التي تتعلق بخدمة المجتمع أو المحافظة على البيئة وبذل ما يمكن من جهد وما يحقق الفائدة لجميع فئات المجتمع بناء على ما نلاحظه من نقص الوعي لدى الكثيرات من النساء بمتطلبات السلامة العامة سواء في البيت أو المدرسة وحتى عند الشواطئ وهو الأمر الذي أصبح شائعاً لدى الكثير، حيث نرى أن الكثير من الحوادث كان بالإمكان تفاديها في حال اتباع أبسط قواعد السلامة البحرية.