حرفيو العاصمة: الإيجار حرمنا أرباحنا.. ولن ننجح دون دعمنا

حرفيو العاصمة: الإيجار حرمنا أرباحنا.. ولن ننجح دون دعمنا

حرفيو العاصمة: الإيجار حرمنا أرباحنا.. ولن ننجح دون دعمنا

تسيطر العمالة الوافدة على المنشآت والمشاريع الصغيرة في السوق المحلية الأمر الذي يشير إلى أن منافسة الشباب السعودي في العمل لم تصل بعد إلى هذه الفرص الثمينة، التي تحتاج إلى إثبات القدرة، وقبل ذلك القناعة بأن العمل في المهن والحرف والمحال التجارية استثمار يمكن أن يحقق طموحات لا تستطيع الوظيفة تحقيقها، ولأنها كذلك فإن القليل جدا من الشباب السعودي استطاعوا دخول هذا المعترك الصعب، الذي يتطلب جهدا مضاعفا وحماسا للعمل وتفهما لطبيعة المهنة أو الحرفة وامتلاك المشروع الصغير وإدارته وتوفير عوامل النجاح له.
حيث يعمل في المشاريع الصغيرة، نحو 75 في المائة من العمالة الوافدة، أما المنشآت الصغيرة ذاتها فهي تشكل 90 في المائة من المنشآت العاملة في الاقتصاد السعودي وتشغل نحو 82 في المائة من إجمالي العمالة في القطاع الخاص، وتسهم بنحو 28 في المائة من الناتج المحلي الناشئ عن نشاط القطاع الخاص.
أمام مثل هذه الإحصاءات والأرقام طالب الكثيرون من المحللين والمسؤولين بتوجيه الشباب السعوديين إلى التوجه إلى الأعمال الحرفية والمهنية، مرددين بأن الشباب لا يحبذون العمل إلا في الوظائف الإدارية، متهمين إياهم بالكسل وحب الراحة والحرص على البعد عن الأعمال التي تتطلب مجهودات كبيرة.
إلا أن كثيرين من الشباب أكدوا خطأ هذه النظرية حينما توجهوا إلى الأعمال الحرفية والمهنية وشكلوا فيها علامات فارقة بين أقرانهم بشهادة عملائهم الذين أصبحوا يحرصون على التعامل معهم دون غيرهم، لأسباب عدة أهمها أنهم محتاجون لتلك الثقة التي يستحقونها.
إلا أن أولئك المهنيين السعوديين فوجئوا بعديد من العراقيل والمعوقات التي تحول دون نجاحهم واستمرارهم في مثل تلك المهن والأعمال، وأهمها ارتفاع أسعار إيجارات المحال في الأسواق، والتي لا يجد العامل الوافد أي مشكلة فيها كون هامش الربح الضئيل يكفيه قوته وقوت عائلته في بلده نظير فارق العملة السعودية في عملة بلده، الأمر الذي لا يتماشى مع الشاب السعودي، إلى جانب عدم قلة أعداد الورش بسبب سيطرة العمالة عليها واشتراطهم مبالغ خيالية للتنازل عنها.
وطالب المهنيون السعوديون الجهات ذات العلاقة بالوقوف معهم في مشاريعهم من خلال دعمهم ماديا وتوفير «أراض» لهم لإقامة مشاريعهم عليها.
ويرى هؤلاء الشباب أنهم يملكون تخصصات فريدة مثل ميكانيكا السيارات أو فنون الحدادة إلا أن أكثر ما يعويقهم هو ضعف المردود المادي للورش، حيث تذهب هوامش الأرباح في تسديد الإيجار والذي قد يصل إلى أكثر من ستة آلاف ريال شهريا.
يقول الشاب فيصل الحميضي طالب في الكلية التقنية قسم الميكانيكا إنه عجز عن الحصول على ورشة تكون مناسبة لأوضاعه المادية نظير الارتفاع الكبير في أسعار إيجار الورش، مضيفا «ذهبت إلى صندوق المئوية لغرض الحصول على قرض وأبلغني العاملون فيه أنه بإمكاني الحصول على مبلغ 200 ألف ريال تسلم على شكل دفعات، إلا أنه صدم باشتراط أحد مستأجري الورش مبلغ 100 ألف ريال لأجل الخروج من الورشة».
وطالب الحميضي بدعم الشباب المهني السعودي بقروض مالية كبيرة شأنهم شأن أصحاب المشاريع الكبيرة مثل المستوصفات والتي من الممكن أن تصل القروض التي يستلمونها إلى أكثر من مليون ريال، متسائلا «لماذا لا تكون هناك لجنة لتقييم أعمالنا وعند إثبات الشاب جدارته يكافأ بدعمه مادياً على شكل قروض ميسرة؟»، لافتا إلى أن أكثر شباب هذا الوقت يفضلون الوظائف المكتبية على العكس من الشباب المهني الذي يجاهد نفسه بالأعمال الصعبة لإثبات جدارته وللحصول على قوت يومه.
من جهته أكد محمد السهلي (مستأجر ورشة لميكانيكا المركبات) أن أصعب ما يواجهه في عمله هو ارتفاع أسعار إيجار الورش حيث يدفع شهرياً مبلغا يصل إلى ستة آلاف ريال كإيجار، وأضاف الورشة تقوم بنفسها فقط دون تحقيق هوامش أرباح، حيث إن الأرباح التي يجنيها تذهب لتسديد مبالغ الإيجار وقسط صندوق المئوية ورواتب العمال وفاتورة الكهرباء، مشيرا إلى أنه يجد مضايقة كبيرة من بعض الأشخاص الموجودين في الصناعية من خلال استئجارهم الورش المجاورة لورشته بعد أن شاهدوا كثرة الزبائن حولها ما أصابه بالذهول تجاه تلك التصرفات.
وأوضح الشاب راجح الحربي (مستأجر لورشة حدادة) أنه سئم كثيرا من عدم حصوله على مبالغ تمويلية تساعد على انتعاش ورشته، مضيفا «جميع الأبواب التي طرقتها كانت مغلقة ما أصابني بالإحباط، حيث إن أي مشروع يتطلب توافر مبالغ مالية لجلب الأدوات المطلوبة من حديد وغيرها وهو ما لا أملكه، الأمر الذي تسبب في إيقاف العمل لأكثر من مرة»، متمنيا توفير أراض للشباب المهني لإقامة مشاريعهم عليها والتي ستسهم بشكل كبير في تخفيف المعاناة التي يواجهونها من خلال ارتفاع أسعار إيجار الورش.
من جهته أكد الدكتور إبراهيم الحنيشل مدير عام مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، أن دور المؤسسة الأساسي ينحصر في التدريب، إلا أنهم قاموا بتأسيس مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة والذي يهدف إلى إيجاد جيل من الشباب السعودي يعمل لحسابه الخاص من خلال مساعدته في اجتياز كل العوائق التي من الممكن أن تصادفه إضافة إلى تأهيله بالمهارات التي يحتاج إليها لنجاح مشروعه، مستطردا يسعى المركز للمساهمة في تهيئة البيئة المناسبة للشباب على الانخراط في العمل الحر، مشيرا إلى مساهمة المركز في توفير برنامج (تأهيل رواد الأعمال) والذين يسعون من خلاله إلى الوقوف مع الشباب منذ أول يوم يقررون فيه إقامة مشاريعهم، ومتابعة المركز لهم حتى مرور عام كامل على إقامة المشروع ونجاحه.
وأوضح الحنيشل أنه بعد مرور عام على إقامة الشاب لمشروعه يقوم المركز بتقديم دورات تدريبية له في بعض المهارات وكذلك في وضع خطة العمل، مضيفا «بعد ذلك نساعد الشاب في الحصول على قرض من بنك التسليف يصل إلى ثلاثة ملايين ريال في فترة لا تتجاوز الشهر»، لافتا إلى أنه في حال رغبة أي شاب إقامة مشروع صغير فإن مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة يساعده في الحصول على دعم من صندوق المئوية، مع صرف راتب شهري له يبلغ ثلاثة آلاف ريال لمدة عامين.
وحول مطالب الشباب المهني بمنح (أراض) لهم لإقامة مشاريعهم عليها أجاب الدكتور نحن لا نملك الإجابة عن هذه المطالب بحكم أنها تدخل في إطار عمل البلديات، ولكن إذا وجد الشاب أرضاً تملكها البلدية فإنه من الممكن تزكيته أمامها، وأضاف «تمت الموافقة على 800 قرض لمساعدة الشباب، ووصل عدد الشباب الذين يمارسون العمل إلى 300 شاب ما يؤكد أن المركز يقوم بأدواره على أكمل وجه».

الأكثر قراءة