الإمام الذي فقدناه
فجعت الأمة الإسلامية بغياب أبرز أعلامها سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، رحمه الله، في وقت الأمة فيه أحوج ما تكون إليه لفضله وعلمه، رجل زرع الله محبته في نفوس العباد، وهبه الله سعة في الفهم والعلم، ورزقه حب الزهد والتواضع بذل حياته في سبيل إعلاء كلمة الله جهر بالحق، لا يخشى في الله لومة لائم في وقت يعز فيه مَن يقف مثل هذا الموقف.
تخرج على يديه كثير من العلماء والدعاة، التزم، رحمه الله، منهج الوسطية في القول والعمل يأسرك، رحمه الله، بتواضعه ولين جانبه وبشاشته دائما طلق المحيا، يشارك عامة الناس في أفراحهم و أتراحهم ويبذل يد المساعدة لكثير من الفقراء والأيتام والأرامل والمحتاجين ما الله به عليم.
وهبه الله قدرة في الصبر والتحمل يجوب أصقاع الجزيرة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها في القرى والهجر في رؤوس الجبال والأودية في أيام الصيف اللافح وهو قد قارب الثمانين من العمر، لم يخلد، رحمه الله، إلى الدعة والراحة بل واصل ليله ونهاره في الدعوة إلى الله وتوضيح العقيدة الصافية كما جاء بها نبي الهدى محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة والسلام. عالم جاهد في الله حق جهاده، نصح الأمة أنار الطريق إلى عبادة الله وحده في وقت كثر فيه الضلال والانحراف عن جادة الحق نسأل الله الهداية.
عرفته وأنا يافعاً وإلى يومنا هذا، وهذا هو الشيخ، رحمه الله، في بساطته وتواضعه لم يتغير بل يزداد توهجا في حب الخير.
لقد رأيت منظرا مهيبا من خلال الآلاف التي تقاطرت إلى جامع الإمام تركي في الرياض جاءت من كل حدب وصوب من المدن والقرى والهجر ومن دول الخليج كلها تحمل مشاعر الوفاء لهذا العالم الجليل والألم والحزن ترتسم على وجوههم على فقدان حبيبهم وإمامهم وشاركهم في مشاعرهم الملايين في العالم العربي والإسلامي.
فإذا كان قد رحل عنا بجسده فإن ذكره العطر وعلمه الغزير باق، إن شاء الله، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها. نعم لقد أُصبنا بذهول وحزن كبير بفقدان والدنا وحبيبنا.
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون).
عدد القراءات: 310