«النجارة» .. جودة المنتج المحلي تقف أمام رخص الخشب المستورد!
يعد فن صناعة الأثاث من المهن القديمة، فهي ممتدة منذ زمن نوح عليه السلام، واستمرت ديمومتها مع حياة الإنسان ومتطلباته، كونها تعتمد على الخشب بأنواعه كمادة أساسية. ونظرا لحاجة الفرد الدائمة للأثاث، فإن ذلك جعل الصانع لها يبدع في ابتكار فنون وديكورات مختلفة تتناسب مع أذواق المجتمع.
وبحسب إحصائية وزارة التجارة فإن عدد محال النجارة في منطقة الرياض يبلغ 4365 محلا، أما محال المفروشات العامة فهي 7783 محلا، وكلها تقدم معروضاتها لزبائن منطقة الرياض وتلبي احتياجات السوق المحلية في المنطقة.
النجارة فن وذوق يكمن في تشكيل قطع خشبية مختلفة المقاسات يجمعها ليكون جسما متكاملا، يتشكل بما يتناسب مع الاحتياجات المنزلية للفرد، فهي من أعرق وأقدم الفنون ومهنة مليئة بالخبرات والمهارات الواسعة والمتطورة، يبدع فيها النجار بما يتوافق مع ذوق الزبون.
جولة «الاقتصادية» بين محال صناعة الأخشاب للوقوف على فنون هذه المهنة ومفرداتها وطلبات زبائنها، كانت كفيلة بالخروج بتفاصيل مثيرة، من حيث التعاملات التجارية، وتنويع الأشكال الهندسية بتنوع صانعيها.
#2#
بداية كان الحديث مع عبد الله صالح الذي بدأ حديثه بالاختلافات الكبيرة التي تشهدها صناعة النجارة، حيث يذكر أنه منذ 25 عاما وهو في هذه المهنة، ففي السابق كان العمل مكلفاً لعدم توافر الآلات الحديثة، إلا أنه اليوم، ومع توافر تلك الآلات انصرف المستهلك للمستورد، وعن تشكيل الديكورات يوضح أن الأمر يحكمه ذوق المستهلك، وبشكل عام فالديكورات مختلفة وتختلف أسعارها على حسب الشكل. ونوه إلى أن الديكورات المستخدمة في محال الموبيليا هي أشكال جاهزة من الصاج من بلد المنشأ، وأضاف عبد الله «تمر النجارة تمر بمراحل عدة من شراء قطع الخشب سواء كان سميكا أو خفيفا، وهذا يكون غالبا في الصناعية في منطقة الرياض حيث تختلف قيمتها من قطعة لأخرى حسب الجودة والصناعة، ثم يتم تقطيع الخشب على حسب الموديلات المطلوبة، ثم التجهيز للكبس بالغراء لتشكيل القطع المطلوبة من قبل الزبون.
ويشير عبد الله إلى أن سبب انصراف المستهلك عن محال النجارة واعتماده على الأثاث المستورد هو قلة تكلفته وإيفاؤه بالغرض، كما أنه يعد مناسبا لذوي الدخل المحدود، حيث غالبا ما يفي باحتياجات الشباب المقبل على الزواج، فالغرفة المكونة من سبع قطع يجدها المستهلك مستوردة بأسواق عديدة من ضمنها حراج «بن دايل» أو مستودعات الأثاث المنتشرة في حي الفيصلية بسعر يصل إلى خمسة آلاف ريال، وبديكورات جيدة، إلا أنها قد تفتقر إلى مقومات الجودة، وعن مميزات وعيوب الخشب المضغوط أنه خفيف منخفض الثمن وألوانه متعددة وديكوراته تخدم ذوق المستهلك، إلا إن عيوبه عدم الضمانات المقدمة، وسهل التلف، فسمكه لايتجاوز ثلاثة مليميترات، كما أن أغلب الخشب المضغوط هو من الخشب الماليزي والذي يسمى m.d.f ثم التركي ثم الصيني، أما عن النوعية الخشبية فهي تحدد من قبل الزبون، فهناك زبائن تبحث عن الجودة مهما كان السعر وهناك من الزبائن من يبحث عن السعر المتدني دون النظر للجودة والتحمل.
أما النجار علي محمد فيقول «اختفى زمن الطلب على النجارة، أو بشكل خاص اقتصر على المصانع الكبرى، فلدينا يقتصر الأمر على الأشياء الصغيرة جدا والتي تفصل على حسب حاجة الزبون وطلبه بمواصفات معينة، ثم يذكر أن المستهلك لا يحرص على المنتج المحلي إنما استبدلها بالصيني والإيطالي، وتعليله لذلك برخص أثمانها، مطالبا المستهلكين بالحرص على المحلي وتشجيعه خصوصا إن لدينا طاقات شباب تنتج أفضل المواصفات، فاليوم المعهد المهني بقسمه المختص بالنجارة يخرج أمهر الطاقات، لذا علينا أن نكون مصدرين لا مستوردين من أجل الحفاظ على ثروات البلد. محمد إسلام قال «النجارة اليوم زبائنها لا يتجاوزون 30 في المائة، أما مدة إنجاز الطلبات التي ترد إليهم فقال «تعتمد في ذلك على حسب التصاميم، وغالبا لايتجاوز 20 يوما، أما المواد الخام فإنها الخشب الصافي والتي تحضر من المنطقة الصناعية بأسعار تختلف من 95 إلى 130 ريالا، وبشكل عام يختلف السعر باختلاف الصناعة والجودة، فالخشب السويسي والسنديان يعدان الأفضل. وعن كيفية التفريق بين الخشب المضغوط والخشب الصافي وضح إن هذا الأمر لا يكشفه إلا خبير بالنجارة، وبشكل عام الزبائن تجذبهم الديكورات ولا ينظرون للفوارق، إلا أن زوايا الخشب ومكان التصاقها ببعض ووزنها فيه شيء من التفريق، فهناك خشب (بلوستر) يصعب التفريق بينه وبين الطبيعي. وذكر محمد أن المحال المنتشرة اليوم في وسط الرياض هي للموبيليا وهي تختلف اختلافا كبيرا عن محال النجارة، فالموبيليا مختصة بالديكورات أما النجارة هي مصانع كبرى تكون عادة في الأماكن البعيدة عن الأحياء، مشيرا إلى أن خبرة النجارة ومدى تمكنه من تقليد المستورد قد تساعده في عقد الاتفاقيات مع بعض محال المفروشات التي تبيع المستورد فقط حينما يتحلى النجار بالخبرة الاحترافية في الديكورات.