إجماع على ضرورة وضع أنظمة«فاعلة» لحظر التدخين في الأماكن العامة

إجماع على ضرورة وضع أنظمة«فاعلة» لحظر التدخين في الأماكن العامة
إجماع على ضرورة وضع أنظمة«فاعلة» لحظر التدخين في الأماكن العامة
إجماع على ضرورة وضع أنظمة«فاعلة» لحظر التدخين في الأماكن العامة
إجماع على ضرورة وضع أنظمة«فاعلة» لحظر التدخين في الأماكن العامة

في مكان عام، الدخان يتصاعد، القلب يحترق، والرئتان تشتعلان. لا دخان بلا نار، وليت تلك النار تصهر أحشاء الجسد الداخلية فقط، أو أنها تمتد لتسمّم المريء والفم واللسان والشفتين وحسب، بل إنها وفي تعد سافر تصيب أولئك الذين لا يتعاطون هذا القاتل البطيء، ولا ذنب لهم إلا أنهم يعيشون في بيئات يعمّها المدخنون الذين يلقون بأنفسهم في أودية التهلكة، ولا يبالون إن استدرجوا إليها أحبة لهم أو أصدقاء.

الأماكن العامة حق متاح للجميع، لكنها أصبحت محل صراع بين المدخنين وغيرهم، وللأسف فالغلبة دائما ما تميل لصالح المدخنين فهم أعلى وأظهر صوتا، ولافتات منع التدخين «لا تسمن ولا تغني من جوع»، بل حتى القوانين تذهب في غياهب الأدراج، منشورة في الصحف، مفقودة في الواقع. واقعٌ شاهدته حين عدت مريضا في العناية القصوى للقلب، لأجد شخصا وعلى مرأى الجميع، وفي مكان تميل النفس فيه إلى العبرة والعظة، والتضرع والدعاء، يلقي بسيجارته من فمه إلى الأرض ليطأها بحذائه في انتقال «دراماتيكي» غريب بين بقعتين متناقضتين. المريض فارق الحياة لاحقا وكأنه يخلّف وراءه رسالة تقول: ما قيمة الحياة وما طعمها إذا استبدت الأنانية بالبعض ليحرم الآخر من أبسط حقوقه، فمن لا يملك حق تنفس الهواء فماذا يملك؟

الزميل صالح الجمعة من «الاقتصادية الإلكترونية» طرح استفتاء عاما للقراء تساءل فيه إن كان التدخين في الأماكن العامة بات مشكلة كبيرة تستدعي التدخل بأنظمة صارمة لوقفه، وهل سيسهم منع التدخين في الأماكن العامة ورفع الرسوم الجمركية على التبغ وبالتالي ارتفاع أسعاره إلى تقليل نسبة المدخنين.

#2#

القراء أجمعوا وبنسبة 90 في المائة على أننا في حاجة إلى تلك الأنظمة الصارمة والفاعلة. ومثلّت تعليقاتهم صوتا أحاديا مطلقا يطالب بوقف الضرر المترتب على ممارسات المدخنين، فالعالم كله يتسابق لحظر التدخين في الأماكن العامة والمغلقة ويفرض هذا بقوة القانون، لعل آخرها على سبيل المثال «تركيا» التي وضعت حزمة من الأنظمة التي تم تطبيقها بشكل تدريجي بدأت مطلع العام الماضي، حين مُنع التدخين في أماكن العمل والدوائر الحكومية والعامة، لتنتهي حزمة قراراتها منتصف هذا الشهر بحظر التدخين في المقاهي والمطاعم، ولسنا عن إحدى الدول الخليجية المجاورة ببعيد، حين ناقشت وقبل أكثر من عشر سنوات مضت قانونا يمنع الأفراد من التدخين في الأماكن المغلقة، ومنها سياراتهم في قانون أثار جدلا عاما، هاجمه المدخنون حينها ووصفوه - وبازدواجية واضحة - بأنه تعدٍ على الحريات والحقوق الشخصية ومنع للتمتع بحق الحياة! وكأن حق غير المدخنين في استنشاق هواء نقي وفي حفظ أرواحهم من أضرار الدخان لا قيمة له.

متصفحو «الاقتصادية الإلكترونية» أبدوا آراءهم، «ابن البلد» تساءل إن كانت هناك جدوى من سنّ أنظمة إضافية، فالقوانين تعيش حالة من الإهمال من جهة القائمين عليها فلا تجد اهتماما من الجهات المسؤولة عن تطبيق أي نظام بمتابعة نفاذه واحترامه بين الناس.

وضرب أمثلة على مؤسسات عامة وبعضها شبه حكومي ينفث موظفوها سمومهم ضاربين عرض الحائط بالأنظمة المرعية أو هكذا يفترض أن تكون.

وافق كثير من القراء هذا التوجه وتسابقوا لذكر جهات حكومية ومؤسسات رسمية يعبث موظفوها بنظام منع التدخين، وهذا يشكّل دافعا لوجود نظام صارم يخرج عن دائرة «الحبر على الورق». القارئ «فهد» بيّن قائلا: لا بد من فرض غرامات مالية على المدخنين في الأماكن التي يحظر فيها التدخين أسوة بدول عديدة.

«أبو فيّ» قال إن ارتفاعا في أسعاره كفيل وبلا شك بالحد من المدخنين، حيث تعد المملكة من أرخص الدول في أسعار «علب الدخان» ووافقه القارئ «فواز» وأضاف: إن التضخم الذي ضرب البلاد رفع أسعار السلع بنسب تصل إلى حد الضعف لكنه مر بالدخان مرور الكرام - وليته لم يفعل.

«عبد الله الحسيني» قال «يتميز غالبية المدخنين باللا مبالاة، فهم يؤذون الناس بروائح الدخان الكريهة في الصلاة وفي الأماكن العامة، والمجالس الخاصة، وعدم وجود أساليب رادعة لن يحل هذه الإشكالية».

«عقاب سالم» أوضح قائلا: إن - أضعف الإيمان - أن ترفع الضرائب على واردات الدخان والاستفادة من العوائد في بناء مراكز لمكافحة التدخين وأخرى لعلاج أمراض السرطان والقلب، فالمدخنون في المملكة أنفقوا خلال السنوات بين 1998 - 2005 عشرة مليارات ريال في أقل تقدير لأرقام متعددة منشورة، وهي كفيلة ومع رفع الرسوم عليها ببناء مراكز صحية تخدم الوطن، بل تخدم المدخنين، فهي استقطاع مقدم لعلاجهم لاحقا، فما داموا مُصرِّين على الاستمرار في إهلاك أنفسهم فليوفروا أولا ثمن علاجهم، وليدعونا نعيش.

وعلى هذا وافق «إبراهيم الأنصاري»، حيث قال: نحتاج إلى رفع الرسوم على شركات التبغ فهي تحقق فوائد ضخمة، والوطن يستنزف طاقاته الطبية على علاج المدخنين حين تفتك بهم الأمراض التي يسببها التدخين. فآخر الإحصائيات تشير إلى أن 22 ألف سعودي يموتون سنويا بأمراض مرتبطة بالتدخين.

ختاما، التحذير المكتوب على علب الدخان - بالخط بالغ الصغر- والذي بالكاد يُرى بالعين المجردة، دفعنا للتساؤل، ما السر في مقاطعة الناس لكثير من المنتجات بناء على إشاعات لا تمت للحقيقة بصلة، أو بناء على كلام لم يتم تمحيصه والتأكد منه فتراهم يحذرون من منتج وينفرون عن آخر، بينما تكتب الشركات المنتجة للتبغ رسالة واضحة بأن التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين، ورغم هذا لا يحرك هذا التحذير في قلوب المدخنين ساكنا!.

عدد القراءات: 1004

الأكثر قراءة