الرياض: خريطة استعمالات أراض حديثة تغطي 5400 كيلومتر مربع
تتطلع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، إلى تأسيس منهجية مبتكرة في استخراج المظاهر الحضرية عن طريق صور الأقمار الصناعية، من خلال مشروعها الذي بدأته أخيرا، والرامي إلى تحديث خريطة وقاعدة بيانات استعمالات الأراضي في مدينة الرياض باستخدام تقنية الاستشعار عن بعد، وهي التقنية التي من شأن استخدامها، إنتاج خريطة استعمالات حديثة لأراضي المدينة تشتمل على تصنيفات رئيسية تبلغ 18 تصنيفاً، وتغطي مساحة تبلغ 5400 كيلومتر مربع، تمثل مساحة حدود حماية التنمية في المدينة.
#2#
وأنهت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، عملية التحديث التي بدأتها قبل أشهر لخريطة وقاعدة بيانات استعمالات الأراضي لمدينة الرياض باستخدام تقنية الاستشعار عن بعد، حيث بدأت مطلع العام الجاري 1430هـ إجراء أول مسح يعتمد بشكل أساسي على تقنية الاستشعار عن بعد بالاعتماد على خريطة استعمالات الأراضي التي تم إنتاجها عام 1425هـ كمرجع أساسي لدراسة التغير.
وعمدت الهيئة إلى استخدام هذه التقنية في عملية تحديث خريطة وقاعدة بيانات استعمالات الأراضي للمدينة، نتيجة لما تشهده الرياض من توسع سريع في مساحتها بلغت بموجبه مساحة حدود حماية التنمية في المدينة نحو 5400 كيلومتر مربع، الأمر الذي ترتب عليه زيادة في جهود المسوحات الميدانية الشاملة لجميع مكونات المدينة، والوقت الذي يستغرقه هذا المسح.
وقد اقتصر المشروع الحالي على تحديث استعمالات رئيسية في المسح السابق، وأظهرت التحليلات الإحصائية ارتفاع احتمالية تغير استعمالاتها، وهي الأراضي البيضاء، والأراضي ذات المباني تحت التشييد، والاستراحات.
واستخدمت الهيئة في مسوحاتها بتقنية الاستشعار عن بعد، صور أقمار صناعية حديثة الالتقاط وعلى درجة وضوح مكاني عالية، تغطي التغيرات التي تحدث سنويا في المسوحات السابقة، وتؤسس لقاعدة بيانات حديثة للمسوحات الميدانية الشاملة والتي يتم إجراؤها كل عشرة أعوام.
وتم إنجاز هذا المسح بالطرق العلمية المتبعة في مثل هذه الحالات، ابتداء من تصحيح صور الأقمار الصناعية ذات الوضوح المكاني العالي والتي تم التقاطها حديثا، مرورا بعمل تفسير بصري شامل لها، وأخذ العينات الميدانية التي ستستخدم كوسيلة للتحقق من المصنفات المستخرجة من التفسير، وأيضاَ لإجراء عملية حساب دقة الخريطة المنتجة، وأخيرا إنتاج خريطة استعمالات الأراضي حديثة بالتصنيفات الرئيسة.
ونتج من هذا المسح خريطة استعمالات حديثة لأراضي المدينة تشتمل على التصنيفات الرئيسة، كالتصنيف السكني والتصنيفات المتفرعة منه مثل الفلل والعمائر السكنية وغيرها من الاستعمالات السكنية التي يمكن استنتاجها تحت هذا التصنيف، وكذلك التصنيف التجاري الذي يندرج تحته جميع الاستعمالات ذات الطابع التجاري، ومن المتوقع أن يبلغ عدد التصنيفات الرئيسة المستخرجة 18 تصنيفا.
وتتطلع الهيئة من خلال هذه المشروع، إلى تأسيس منهجية مبتكرة في استخراج المظاهر الحضرية عن طريق صور الأقمار الصناعية ذات الوضوح المكاني العالي بطريقة آلية أو شبه آلية، وهو ما يعد تطورا هائلا في مجال استخدامات صور الأقمار الصناعية، ويتيح الفرصة لإنتاج صور مجسمة بعد رفع درجات الوضوح المكاني لصور بعض الأقمار الصناعية إلى أقل من متر واحد في الصورة، لكل من صور الأقمار الصناعية: إيكونوس، كويكبيرد، وجيوآي، فيما بلغت درجة الوضوح 41 سنتيمترا للصور أحادية الطيف.
واستمرارا لنهجها في التشاور والاستشارة والاستفادة من الخبرات والتجارب الأخرى، عقدت الهيئة ورشة عمل لمناقشة مشروعها لتحديث خريطة وقاعدة بيانات استعمالات الأراضي في مدينة الرياض باستخدام تقنية الاستشعار عن بُعد، شارك فيها خبراء ومختصون من داخل المملكة وخارجها، وخرجت بالعديد من المقترحات والتوصيات المفيدة، في الوقت الذي تواصل فيه الهيئة متابعة التطورات والتقنيات الجديدة في هذا المجال، تمهيدا لجلبها واستخدامها في مدينة الرياض في مجالات العمل المختلفة متى ما كان ذلك ممكنا ومجديا.
وتعرف تقنية الاستشعار عن بعد بعلم وفن وتقنية الحصول إلى المعلومات عبر جسم أو ظاهرة ما من مسافات أو ارتفاعات مختلفة، باستخدام أجهزة استشعار متنوعة ودقيقة تكون محمولة في الطائرات أو الأقمار الصناعية أو المركبات الفضائية.
وتنوعت المجالات التي يتم عليها تطبيقات الاستشعار عن بعد، وتفاوتت دقة المعلومات المنتجة بتنوع هذه التطبيقات، كما تفاوت أنواع الصور المستخدمة من دقة الوضوح، وتوسع «الطيف الكهرومغناطيسي» الخاص بالمتحسس المحمول في القمر الصناعي، ما أحدث ثورات متتابعة في جودة ودقة المعلومات المستخلصة من هذه التقنية وساهم في تعدد استخداماتها.
كما أن مسوحات استعمالات الأراضي تعد أحد أهم العناصر التخطيطية الرئيسة لأي جهاز يعمل في مجال التخطيط الاستراتيجي للمدن، إذ تساهم في تقويم التغيرات التي حدثت في الاستعمالات والإسكان والأنشطة الاقتصادية خلال الفترات الزمنية التي تجري فيها عمليات المسح، وتعتبر نتائج هذه المسوحات تقديرات عامة تستعمل كخطة إرشادية وإطار عام للمدينة.
ويمثل مخطط استعمالات الأراضي الذي وضعته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ضمن «المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض» وثيقة مرجعية لخطط التطوير المستقبلية للمدينة، فمن خلال مقترحات توزيع الأنشطة والاستعمالات الرئيسة، فإنه يمكن تنظيم عمليات التطوير وإعادة التطوير لقطاعات المدينة الرئيسة سواء المطور منها أو المخطط أو الأراضي الفضاء المتوفرة بكثرة خارج حدود المدينة المركزية لاستيعاب النمو السكاني والاقتصادي في المدينة.
وكانت الهيئة قد نفذت أول مسح لاستعمالات الأراضي في مدينة الرياض عام 1407هـ، وتم تحديث هذا المسح مرتين خلال 1411هـ، وبعد ستة أعوام (1417هـ)، واشتمل على أكثر من 700 ألف استعمال مختلف، وأظهرت المسوحات السابقة زيادة مثيرة في التنمية الحضرية بلغت 57 في المائة بين عامي 1411هـ و1417هـ.
وفي عام 1424هـ تمكن فريق العمل في الهيئة، من الانتهاء من أحدث مسح للمدينة غطى جميع الأراضي داخل الرياض بواقع 208 أحياء، إضافة إلى المناطق المحيطة بالمدينة بما فيها المشاريع الكبرى والمواقع ذات الأهمية كمطار الملك خالد الدولي، ومنطقة الجنادرية، ووادي حنيفة وبعض القرى القريبة من المدينة، وقد زادت مساحة المنطقة المراد تغطيتها في المسح الأخيرة لتشتمل جميع حدود الإدارة الحضرية للعاصمة والبالغة 4900 كيلومتر مربع.
وكانت نتائج دراسة استعمالات الأراضي في الرياض، قد كشفت عن إسهام الاستعمالات السكنية بنسبة تزيد عن 40 في المائة من صافي مساحة المدينة، تليها فئة الخدمات بنسبة تصل إلى 30 في المائة، فيما تسهم فئة إنتاج الموارد بنسبة 8 في المائة من صافي مساحة المدينة، وهذا الاستعمال بشكل رئيس يتركز في النشاط الزراعي في بطون الأودية، ويمثل أحد استعمالات الأراضي التقليدية بمدينة الرياض، وتشكل فئة الصناعة ما نسبته 5 في المائة من صافي مساحة المدينة والتي تتركز في القطاع الجنوبي منها.