حقن قطاع التعليم الأوروبي بأمصال المشاريع الاستثمارية

حقن قطاع التعليم الأوروبي بأمصال المشاريع الاستثمارية

تم إعطاء طلبة الجامعات في الصين ألف رينمنبي (146 دولاراً، 112 يورو) لكل منهم، وطلب منهم تحويل أفكارهم إلى واقع وقيل لهم: "اذهبوا إلى الشوارع، وسوقوا المنتجات، وقوموا ببناء شيء ما". وبعد عام واحد، كان لدى معظمهم شيء ما يثبتون به جهودهم. وحالما تركوا الكلية، كانوا في قطاع العمل. ويقول مارتن شورمانز، رئيس المجلس الحاكم للمعهد الأوروبي للابتكار والتكنولوجيا: "إننا نرى ثقافة المشاريع الاستثمارية هذه أيضاً في أماكن مثل الهند، والولايات المتحدة، ولكننا لا نراها في أوروبا. ويجب أن يتغير ذلك. ولا أعتقد أن المشاريع الاستثمارية تدخل في الجينات الوراثية – بل أعتقد أن باستطاعتنا إنجاز الكثير لإعداد الشباب ليكونوا مغامرين استثماريين".
وأضاف شورمانز "إنه يجب استخدام التعليم لبناء ثقافة المشاريع الاستثمارية". ولا يتعلق الأمر بكلية إدارة أعمال تطور درساً صفياً آخر حول المشاريع الاستثمارية، بل إنه حول بناء روح المشاريع الاستثمارية في الهندسة والتكنولوجيا والفنون، والتعلم بواسطة الإنجاز، حسبما قال لـ "إنسياد نولدج" INSEAD Knowledgeعلى هامش قمة الأعمال الأوروبية السابعة التي انعقدت أخيراً.

الدفع باتجاه الصلة في الجامعات
تجادل ماريا أولاسكا، وزيرة التعليم في جمهورية بولندا، قائلة: "قبل آلاف السنين، كانت في أوروبا أفضل الجامعات التي تخرج أعظم العلماء. وفي الولايات المتحدة، فإن أفضل الجامعات بدأت قبل 200 عام فقط، ومع ذلك فإنها ذات صلة بيومنا هذا، بينما جامعاتنا ليست كذلك. فكيف يمكننا القيام بما تقوم به على نحو جيد؟".

إن ما نتوقعه من خريجي الجامعات في يومنا هذا مختلف للغاية عما كنا نتوقعه منهم في الماضي، حسبما تقول أولاسكا. فنحن نريد منهم اليوم، أن يكونوا جيدين في مناهجهم، وأن يكونوا مبتكرين ومبدعين، ويؤسسوا الشركات، وأن تكون لديهم القدرة على اتخاذ المخاطر، ودعم القرارات. ومن شأن ذلك أن يخلق تحديات كبيرة للجامعات.
وتعترف قائلة إنه ليس من السهل تغيير ذهنية أعضاء هيئة التدريس في الكلية الجامعية، وإشراكهم في الأنشطة المبتكرة. ومن أجل تمكين هذه العملية، ربما يجب أن يكون هناك مزيد من الإجازات الخاصة بإجراء الأبحاث، والمبادلات بين الجامعات، فضلاً عن بين الجامعات والشركات. وربما يكون وجود نظام جامعي أشد تنافسية، وحركة المعلمين، ومزيد من الدعم للجهاز الأكاديمي، مساعداً في إحداث التغيير اللازم.
وترى أيضاً أن هناك مشكلة جوهرية بين الشركات والجامعات. وتقول: "عندما تسأل الشركات متى تريد أن يكون أمرا ما جاهزاً، فإنها تجيب "بالأمس". وعندما تسأل الجامعات السؤال ذاته، فإنها تقول "في غضون عامين". وهناك صدام جوهري بين التوقعات، وعلينا أن نجمع هاتين الثقافتين معاً".

المكافآت والوضوح
هل نكافئ المشاريع الاستثمارية في أوروبا، وهل تملك ما يكفي من الوضوح؟، حسبما يسأل شورمانز، ويضيف: "إننا نرى ذلك يحدث في مناطق أخرى من العالم، ولكن ليس في أوروبا. وهذه بعض الأمور فقط التي يمكننا أن نفعلها لتشجيع ثقافة الروح الاستثمارية. وإن الاتحاد الأوروبي يستوعب ذلك ولكن ما زال هناك كثير مما يجب إنجازه".
ويشير شورمانز إلى أنه ضمن قائمة نشرت حديثاً حول أكثر من 200 شخصية مؤثرة في هولندا، كانوا جميعهم من كبار السن، ولم يكن هناك رجال أعمال مغامرون، ولم يكن أي منهم ناشطاً في أوروبا. ويجادل قائلاً: "إن المكافآت في المشاريع الاستثمارية أمر ضروري، ونحن لا نعترف بالمشاريع الاستثمارية على نحو كافٍ".
لكن، كيف يتسق ذلك مع الثقافة الأوروبية المتمثلة بوجود مساواة أكبر؟ يقول جان فيليب كورتواز، رئيس "مايكروسوفت إنترناشيونال" Microsoft International، إن هناك تناسباً وحاجة. وفي "مايكروسوفت"، لديهم مكافأة يطلق عليها كأس التخيل Imagine Cup، التي تكافئ الطلبة على التطور البرمجي الأكثر ابتكاراً الذي يمكنه أن يحدث اختلافاً في العالم.
ويقول كورتواز: "لا يمكننا أن نتخيل الشغف عند كل مستوى عندما يمضون من المؤسسة إلى البلد ثم إلى المستوى العالمي. وإن الشعور بالفخر كبير للغاية. وعندما ألتقي بهم بعد عامين أو ثلاثة أعوام من فوزهم بالكأس، فإنهم يقولون لي بفخر إن لديهم عمل، وإنهم يفعلون هذا وذاك. ونحن بحاجة إلى مزيد من الحوافز والتقديرات مثل هذه".

تغيير الناس والشركات خلال الأزمة.
مما لا شك فيه أن الأزمة أثرت في الاستثمار في التدريب والأشخاص. ووفقاً لبول ديبودت، الرئيس التنفيذي لـ "ألكاتل – لوسنت بيل" Alcatel-Lucent Bell، فإن "الأمر الأخير الذي تريد القيام به هو أن تتخلى عن الكفاءات التي لديك خلال الأزمة". وبدلاً من ذلك، هناك حاجة إلى تغيير الناس والشركات في الاقتصاد الجديد.
لتحقيق ذلك، هناك حاجة إلى الاستمرار في إعادة التسلح بالمهارات، وأن تكون لديك القدرة على التكامل بين الشركات والتكنولوجيات، وتشجيع الإبداع.
ومن أجل تحفيز المشاريع الاستثمارية، والابتكار، والإبداع، فإن لدى "ألكاتل – لوسنت" مخيماً لزيادة الابتكار يدوم ثلاثة أشهر. وهي فرصة للموظفين للتواصل مع الفريق وزيادة المهارات. ويخرج الموظفون بفكرة ما، ويطورون هذه الفكرة. والعملية مفتوحة تماماً، وليست ضيقة النطاق، وحتى هذا التاريخ تولوا مشروعين داخليين، خرجا من مخيم التحسين.
يوضح ديبودت: "إذا لم نقم بذلك، يمكن أن يقوم به رأسمالي مغامر، ونخسر الأشخاص. وتلك هي إحدى الطرق التي نقنع بها الناس بالتغير والإسهام فيه".
تقليدياً، تركز معظم الشركات على استبقاء الموظفين واجتذابهم. وفي السنوات الثلاث الأخيرة الماضية، كانت "ألكاتل – لوسنت" تتولى منهجاً يأمل بواسطته موظفوها في أدوارهم ومستقبلهم في الشركة. ويقول ديبودت: "إننا نساعدهم على إيجاد نقاط القوة والضعف لديهم، وإعطائهم خبرة عمل إضافية لإثراء ذواتهم، والشركة. كما أننا ندعو الأشخاص للتدخل في العمليات بأنفسهم، وهم يقولون لنا إنهم يرغبون في مراجعة، أو قاعدة سليمة يقفون عليها".

تخسر الشركة في بعض الأحيان بعض الموظفين لأنهم يحصلون على أمل مشروع لدورهم ومستقبلهم. ومن الناحية الأخرى، فإن من شأن ذلك أن يثري الأشخاص الذين يبقون، ويشجعهم على إيجاد دورهم في الشركة.
ويقول ديبودت: "تلك هي الأمور التي أرشدت موظفينا، والشركة، خلال عملية التغيير".

الأكثر قراءة