تضاؤل ديترويت يحفز الصين على علامة تجارية جديدة
التسريح من العمل، تخفيض الإنتاج، هذان اثنان من شعارات عالم الأعمال في يومنا هذا، حيث يحاول الجميع تقريباً أن يصبح متأنياً قدر الإمكان كي يجتاز انكماشاً عميقاً ومطولاً لم يختبره معظمنا لغاية الآن.
لكن ماذا عن تعيين الموظفين، وبناء مصنع جديد، وابتكار علامة تجارية جديدة من البداية – وفي صناعة السيارات المتعثرة, حيث كان من الممكن أن تنهار الشركات الثلاث الكبيرة في ديترويت على الأرجح، لولا التمويل الداعم للحياة الذي قدمته حكومة الولايات المتحدة؟
تحاول مجموعة يولون Yulon Group التايوانية، التي كانت تجمِّع وتبيع السيارات لشركة نيسان Nissan Motor Co اليابانية، وميتسوبيشي Mitsubishi Motors Corp، منذ خمسينيات القرن الماضي، للمرة الثانية أن تؤسس علامة تجارية يمكن أن تدعوها بحق علامتها التجارية الخاصة بها. وبالجرأة ذاتها التي يبدو عليها هذا الأمر في أي وقت آخر، إلا أن "يولون" تقوم بخطوتها في وقت علقت فيه سوق السيارات المحلية في هبوط لم تشهده منذ عقود.
في كانون الثاني (يناير)، أعلنت "يولون" رسمياً عن طموحها لإطلاق العلامة التجارية "لوكسجين" في الصين، إضافة إلى تايوان. ومن المتوقع أن يصل أول عرض لسيارة لوكسجين – سيارة متعددة الأغراض بسبعة مقاعد – إلى السوق التايوانية في الربع الثاني حتى حزيران (يونيو).
ويقول فيلكس يانج، وهو محلل في "سينوباك سيكيورتيز" SinoPac Securities في تايبيه: "يجب أن تكون "لوكسجين" سلاحاً ذا حدين بالنسبة لـ "يولون". وإن هذا النوع من الاستثمارات بمليارات الدولارات يمكن أن يقتل الآخرين، أو يقتلك".
وعلى خلفية السوق المحلية المتقلصة، يجب أن تثبت "لوكسجين" ذاتها في سوق مزدحمة تماماً فعلياً. وحتى هناك، فإن النمو بدأ يتباطأ بشكل مشهود في النصف الثاني من عام 2008 بسبب الأزمة المالية العالمية.
وصلت مبيعات تايوان من السيارات الجديدة ذروتها في عام 2005، إلى 510 آلاف سيارة. وبعد هبوط نسبته 30 في المائة في العام الماضي، فإن أي تقلص آخر بنسبة 10 في المائة يمكن أن يصل بإجمالي المبيعات إلى أدنى من 210 آلاف سيارة في عام 2009.
في الصين، عانت مبيعات السيارات الجديدة من أول تراجع لها منذ عقد من الزمن في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي – بانخفاض يبلغ نحو 20 في المائة. وحتى أن الانخفاضات الأكثر حدة في الشهرين الأخيرين من العام دفعت بالنمو للعام بأكمله إلى أقل من 8 في المائة، وهو رقم مقلق لدى مقارنته بزيادة نسبتها 20 – 30 في المائة أخذها الناس أمراً مسلماً به في السنوات السابقة.
ودفاعاً عن التوقيت، يذكر كينيث ين، رئيس مجلس إدارة مجموعة يولون، المتشككين بالتكاليف الأدنى بشكل ملحوظ في كل شيء، من المواد إلى الأفراد، والممكن فقط في حالة الاقتصاد المتباطئ. وفي وجه هبوط عالمي لا يعفي أحداً، فإن "يولون" تعتبر إطلاق العلامة التجارية مخاطرة محسوبة تستحق أن تأخذها.
ويعتقد المراقبون أن يولون، أو لوكسجين في هذا الصدد، تتجه نحو بحر أحمر، بدلاً من محيط أزرق، في الصين. وإن حجم السوق التي ما زالت تنمو، ولكنها متباطئة، وموسومة بحرب أسعار دموية، تهيمن عليها المشاريع الاستثمارية المشتركة التي أسستها شركات صناعة السيارات الرئيسية مثل فولكسفاجن Volkswagen، وجنرال موتورز GM، وتويوتا Toyota، وهوندا Honda، وهونداي Hyundai ، وفورد Ford، إضافة إلى سيارتي الصين الرئيسيتين، شيريChery، وغيلي Geely .
مع ذلك، هناك نافذة للفرصة لهذه الشركة الناشئة من مضيق تايوان، إذ إن مركزها كبديل أقل تكلفة من سيارة ليكسز Lexus الخاصة بـ "تويوتا" يمكن أن ينجح فعلاً في وقت تعتبر فيها بطاقة السعر مهمة، وحتى أنها تملي عمليات الشراء. ويمكن أن تكون الاستراتيجية فاعلة بشكل خاص إذا استطاعت "لوكسجين" بطريقة ما أن تجد نوعاً من الحل الوسط بين العلامات الأجنبية الرئيسية، وخيارات محلية 100 في المائة.
يقول يانج من "سينوباك": "رغم أنه من الصعب تصديق ذلك، إلا أن فرصة "لوكسجين" يمكن أن تكمن أيضاً في فترة الانكماش الحالية، حيث تتفوق الهشاشة على الرفاهية. فأولئك الذين يطمحون إلى سيارة ليكسز، ولكن لا يمكنهم شراؤها، ربما يقنعون بسيارة لوكسجين".
ما زالت "يولون" تنتظر الموافقة من السلطات الصينية لمشروعها الاستثماري المشترك مناصفة مع شركة زهونغيو أوتومبيل Zhongyu Automobile في مقاطعة زهيجيانغ، لتجميع وتسويق سيارات لوكسجين في البر الصيني. وفي تايوان، لن تكون لسيارة لوكسجين خطوط إنتاج خاصة بها، حيث إن الشركة الأم سوف تدير التجميع بناء على عقود.
إن اسم لوكسجين مشتق من مزيج "الرفاهية"، والعبقرية". وتلخص طموح "يولون" في بسط خط جديد من سيارات الرفاهية المجهزة بمزايا معززة تراوح بين الترفيه السمعي المرئي، والاتصالات، وتحديد المواقع عالمياً، إلى الأمان.
وتستفيد "يولون" بقوة من قدرة ومهارات تايوان في تصنيع تكنولوجيا المعلومات لصنع سيارات "ذكية". وتشير قائمة شركائها المحليين إلى المزايا المتوقعة من سيارات لوكسجين: شركة صناعة الهواتف الذكية HTC Corp LED ، وشركة صناعة الإلكترونيات Everlight Electronics Co، وشركة صناعة الخلايا الشمسية E-Ton Solar Tech Co، ومقاول صناعة الكاميرات الرقمية Altek Corp.
إن حلم "يولون" بابتكار علامة تجارية محلية للسيارات يعود إلى أكثر من نصف قرن مضى. ودفع حلم "وضع أربع عجلات على سيارة خاصة بنا" بين شينغلينغ – الأب الراحل لرئيس مجلس إدارة "يولون" الحالي – إلى تأسيس الشركة في عام 1953.
مع ذلك، مرت ثلاثة عقود قبل أن تتجرأ "يولون" حتى على محاولة تحقيق ذلك الحلم. وعلى حساب إزعاج شريكها الياباني، أطلقت "يولون" في عام 1986 "فيلينج 101" – سيارة للتنقل مطورة ذاتياً للتخلي عن "نيسان" لصالح يولون – ولكنها فشلت بشدة. ولم يكن الفشل مدهشاً، حيث إن طموحات "يولون" لتصميم سيارة خاصة بها يمكن ألا تجد سوقاً محلية كافية تحتفظ بها لفترة طويلة.
ويقول مسؤول رفيع المنصب في "يولون" رفض أن يذكر اسمه: "إن ابتكار علامة تجارية خاصة بنا كان التزاماً مدى الحياة أورثه والداي كينيث ين. ويجري هذا الالتزام عميقاً، بحيث إنه يراهن بطريقة يعتبرها الكثيرون محفوفة بالمخاطر، وتشكل تهديداً دون أدنى شك حتى على عمل يولون القائم في سوقها المحلية".
معنى ذلك أن "لوكسجين" سوف تنافس أيضاً عدداً معقولاً من العلامات التجارية التي تبيعها "يولون" نيابة عن آخرين. وتدير "يولون" "نيسان موتور"، وهي قسم انفصل عام 2003، مبيعات السيارات التي تحمل علامة نيسان التجارية في تايوان. أما فرع "يولون" للسيارات "تشيانا موتورز كورب" China Motor Corp، الذي يرأسه كينيث ين أيضاً، فهو الشريك المحلي لـ "ميتسوبيشي" و"كرايزلر".
في كانون الأول (ديسمبر)، اضطرت "يولون" إلى تولي السيطرة الكاملة على مشروعها الاستثماري المشترك الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى أربع سنوات، مع "جنرال موتورز" المتعثرة مالياً، واستحوذت على حصة الأخيرة البالغة 49 في المائة مقابل مبلغ رمزي يبلغ دولاراً للسهم. وتعتبر "يولون جنرال موتورز" الآن البائع العام للعلامات التجارية لسيارات جنرال موتورز: كاديلاك ، وأوبل، وبويك.
ويوضح المحلل كيفين فانج، من "يوانتا كور باسفيك سيكيورتيز" Yuanta Core Pacific Securities: "سيكون الأمر شاقاً للغاية بالنسبة لسيارة لوكسجين كي تنطلق. ومن غير المحتمل أن يعمل الفرق في السعر الذي يراوح بين 5 و10 في المائة على تحول الولاء عن العلامة التجارية - سيكون أي شخص في غاية الحذر بشأن القيام بأي عملية شراء بحيث يدوم ذلك في العادة عشر سنوات أو أكثر".
علاوة على كل شيء، من الصعب أن نتخيل كيف أن أي قادم متأخر إلى السوق، مثل "لوكسجين"، يمكن أن يتوقع أن يحصل على مكان في السوق حيث يستحوذ أقوى 15 لاعباً قائماً حالياً على نسبة 90 في المائة من السوق، حسبما يضيف.