الهبة

من أسباب الملكية في الفقه الإسلامي «الهبة», وهي كما يُعرّفها الفقهاء: تمليك عين في الحياة بغير عوض, فإذا كانت لفقير فهي: صدقة, وإن كانت لصديق فهدية, والهبة تنعقد وتكون صحيحة سواء كان هناك إيجاب وقبول أو كانت بالفعل- المعطاة- ولو لم يكن هناك قول, والهبة- الهدية- مندوب إليها فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يُهدِي ويُهدَى إليه, وفي الحديث:»تهادوا تحابوا» أخرجه البخاري في الأدب المفرد, والهبة كالبيع في أغلب أحكامها, ومن شروطها: أن تكون مالا معلوما وموجودا ومقدورا على تسليمه, وأن يكون الواهب كامل الأهلية , أي بالغا عاقلا, وهل يلزم أن يتم قبض الهبة؟,هذا هو المشهور في المذهب الحنبلي وعليه العمل لدى بعض الفقهاء والقضاة, ويرى آخرون أنه لا يلزم القبض لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :»العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه», والقبض يحصل في كل شيء بحسبه فإذا كان الموهوب منقولا فيكون بنقله وإذا كان عقارا فبتخليته.
ولابد من التنبيه هنا لأمور, أولها: أنه لابد من التسوية في الهبة بين الأولاد لقول النبي صلى الله عليه وسلم – لمن وهب أحد أبنائه - :»أكل ولدك أعطيته مثله؟ قال :لا, قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم», وفي رواية: «لا تشهدني على جور», وفي رواية أخرى:«سوّ بينهم», ولأن في تفضيل بعضهم على بعض ما يورث الضغينة والبغضاء وقطيعة الرحم, ولهذا فلابد له أن يرجع في هبته كما أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، هذا الواهب, وقد أجاز بعض العلماء أن يخص الأب أحد أبنائه بالهبة للحاجة أو للمرض أو لبره به ونحوها من الموجبات , وقرر العلماء أن الأم كالأب في هذه الأحكام , ثانيها :أنه لا يجوز للولي أن يهب من مال القاصر , فلا يجوز للأولياء بصورة عامة أن يُخرجوا من أموال القاصرين مالا من غير عوض سواء كان صدقة أو هدية, ولا يجوز في مالهم إلا الزكاة .
وأخيرا: هل تصح هبة المنافع, مثل أن يقول وهبتك السكن في هذه الدار؟ في المذهب أن هذه الهبة لا تلزم لأن هبة المنفعة تستوفى بمضي الزمان شيئا فشيئا فلا تلزم إلا بمقدار ما قبضه منها واستوفاه, وللواهب الرجوع في هذه الهبة بخلاف هبة عين العقار.
أعتذر عما في هذا المقال من عبارات علمية وتفصيلات قد لا يحتاج إليها إلا المختصون ولكن طبيعة الزاوية تفرض ذلك أحيانا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي