السلامة المرورية في الرياض .. مشكلة تتحول إلى إنجاز
السلامة المرورية في الرياض .. مشكلة تتحول إلى إنجاز
بعد أن كانت أحد أهم القضايا والمشكلات المتنامية التي تواجه سكان مدينة الرياض بما تخلفه من خسائر اجتماعية واقتصادية ومآسي إنسانية كبيرة، أصبحت قضية السلامة المرورية في مدينة الرياض إحدى القضايا التي حققت المدينة في معالجتها إنجازات كبيرة جعلت منها نموذجا يحتذى به في عديد من مدن المملكة، ومحط إعجاب من منظمات وهيئات دولية.
فقد شهدت نتائج تنفيذ الخطة الخمسية الأولى من استراتيجية السلامة المرورية في مدينة الرياض خلال الأعوام الخمسة الماضية (1425-1429هـ)، انخفاضا في معدل الوفيات والإصابات الخطرة، حيث انخفضت أعداد حوادث الوفيات من 478 حالة في بداية الخطة إلى 315 حالة وفاة في نهاية الخطة الخمسية الأولى.
وباستخدام المؤشرات الرئيسة العالمية لتحليل معدلات الوفيات الناجمة من الحوادث المرورية، نجد أن معدل الوفيات المسجل لكل عشرة آلاف مركبة في مدينة الرياض قد سجل انخفاضا مستمرا طيلة سنوات الخطة، حيث بلغت بنهاية عام 1429 هـ 1,7 حالة وفاة لكل عشرة آلاف سيارة بعد أن كانت تشكل 3.4 عام 1425هـ، وذلك رغم التزايد السنوي لعدد المركبات والسيارات، وتزايد عدد الرحلات المرورية في مدينة الرياض، التي كانت تبلغ 5,8 مليون رحلة يومية في عام 1425هـ، لتصل خلال العام الماضي إلى 6,2 مليون رحلة يومية.
أما ما يتعلق بحوادث الإصابات الخطرة، فقد انخفض إجمالي عدد الإصابات في مدينة الرياض من نحو 1555 حالة إصابة بليغة عام 1425هـ، إلى 959 حالة في عام 1429هـ، وهو ما يعني انخفاض معدل الإصابات الخطرة من 12,5 حالة إصابة لكل عشرة آلاف سيارة في 1425هـ إلى 5,2 حالة.
إجراءات الخطة الأولى
تضمنت الخطة الخمسية الأولى عديدا من الإجراءات التي تم تنفيذها وأسهمت في رفع مستوى السلامة المرورية في مدينة الرياض ومن أهم هذه الإجراءات:
* تأسيس قاعدة المعلومات المرورية التي تتضمن عمليات جمع وتحليل معلومات الحوادث المرورية، وربطها بالخريطة الأساسية للمدينة، ومن ثم بناء خريطة الحوادث المرورية في مدينة الرياض، التي أسهمت في التعرف على الطرق والتقاطعات التي تشهد أكبر عدد من الحوادث الخطيرة وبالتالي علاج هذه المواقع.
* تطوير مركز التحكم والسيطرة وغرفة العمليات في مرور منطقة الرياض.
* تطبيق الأنظمة المرورية في حق المخالفين وخاصة في المخالفات تتسبب في الحوادث الخطيرة مثل السرعة وقطع الإشارة والانحراف المفاجئ والقيادة بتهور.
* معالجة المواقع الخطرة في المدينة.
* تحسين مستوى إجراءات الإسعاف والعناية الطبية المتعلقة باستقبال ضحايا الحوادث.
* افتتاح مراكز إضافية لهيئة الهلال الأحمر في مدينة الرياض.
* تنفيذ المزيد من الدراسات التنفيذية المتعلقة بالسلامة المرورية.
تقييم ومراجعة
أما الخطة الخمسية الثانية للسلامة المرورية في مدينة الرياض 1430–1434هـ، فتشتمل في سنتها الأولى على عدد من المشاريع التنفيذية والحلول العملية لعديد من المشكلات المتعلقة بالسلامة المرورية في مدينة الرياض.
وفي الوقت الذي يجري فيه العمل حاليا على إعداد المتطلبات اللازمة للخطة الخمسية الثانية، وافق اجتماع اللجنة العليا على تحديث استراتيجية السلامة المرورية في مدينة الرياض، بما يشمل تقييم ما تم تنفيذه من برامج ومشاريع خاصة بالسلامة المرورية من قِبل الجهات ذات العلاقة، ومراجعة للمهام والمسؤوليات المدرجة في الاستراتيجية، التي لم يتم تنفيذها خلال الخطة الخمسية الأولى.
مشاريع الخطة الثانية
ومن بين أبرز برامج الخطة الثانية، العمل على ربط غرفة عمليات الهلال الأحمر بمشروع تطوير آليات إدارة الحوادث المرورية في مدينة الرياض، وكذلك مشروع الإدارة الشاملة للحوادث المرورية في منطقة الرياض، إضافة إلى مشاركة قيادة القوة الخاصة لأمن الطرق في المنطقة في مشروع الإدارة الشاملة للحوادث المرورية في منطقة الرياض، نظرا لأهمية هذا القطاع في عمليات الدعم والمساندة للحوادث المرورية التي تقع على امتداد الطرق السريعة المؤدية إلى مدينة الرياض.
55 حملة مرورية يوميا
خطة تطبيق الأنظمة المرورية بمدينة الرياض التي يجري تنفيذها حاليا، تضمنت أيضا أهم المخالفات المرورية المسببة للحوادث الخطرة، حيث يتم تشغيل ما معدله 55 حملة يوميا، شاملة تطبيق الأنظمة من خلال الآليات المتحركة والنقاط الثابتة، إضافة إلى عمل المرور السري في معظم الطرق في عدد من المواقع في مدينة الرياض، يتم توزيعها حسب جداول زمنية ومكانية محددة.
مؤشرات تقويم الأداء
وفي هذا السياق، تم تطبيق مؤشرات تقويم الأداء لعمليات الضبط المروري، والقيام بمسوحات شاملة لجميع الطرق التي تنفذ عليها عمليات الضبط المروري خلال ساعات النهار والمساء، وذلك من أجل التعرف على آثار هذه العمليات في مستوى السلامة المرورية، وقد أوضحت النتائج نجاح العمليات في خفض معدل السرعة على جميع الطرق، وسيتم الاستمرار في تطبيق مؤشرات تقويم الأداء، كآلية لتقييم آثار عمليات الضبط المروري في مستوى السلامة المرورية في مدينة الرياض.
مشروع الرصد الآلي
أما مشروع رصد وضبط المخالفات المرورية آليا، الذي يأتي ضمن الخطوات التطويرية التي تقوم بها وزارة الداخلية في مجال الأنظمة المرورية، فيشتمل على رصد المخالفات وإدارة المرور، والأنظمة المستخدمة للأغراض الأمنية، وذلك لتحسين السلامة المرورية، وسلامة عملية النقل، وزيادة عوامل الأمن العام في المدن الرئيسة والمناطق في المملكة، وسيتم خلال الأشهر المقبلة تنفيذ المشروع في مدينة الرياض وسائر مدن المملكة.
وبناء على نتائج تحليل معلومات الحوادث المرورية، قام فريق عمل الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالعمل مع مرور منطقة الرياض بتحديد مواقع كاميرات رصد المخالفات على شبكة الطرق في المدينة من خلال التركيز على المواقع الخطرة.
سرعة الاستجابة للبلاغات
يشكل مشروع الإدارة الشاملة للحوادث المرورية في مدينة الرياض، أحد المشاريع المشتركة بين الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ومرور منطقة الرياض، الخاصة بتطوير آليات إدارة الحوادث المرورية في مدينة الرياض، ويهدف إلى تطوير مستوى أداء غرفة العمليات في مرور منطقة الرياض في سرعة الاستجابة لبلاغات الحوادث المرورية، وذلك باستخدام أحدث التقنيات في مجال غرف العمليات والطوارئ.
ويتضمن المشروع عددا من العناصر من أهمها:
* تحديد مواقع الحوادث وسرعة الاستجابة وذلك باستخدام خدمة تحديد المواقع من شركات الاتصالات، والخريطة الرقمية التي أنتجتها الهيئة، والمزودة بأسماء الأحياء والشوارع، وبناء على موقع المتصل سيحدد النظام أقرب موقع لدوريات المرور في المنطقة وإرسال البلاغ إليها آليا.
* نظام إدارة المرور والعمليات، حيث يوفر هذا النظام بشكل فاعل عمليات احتواء الحوادث عن طريق التوجيه السريع والآلي لدوريات المرور للقيام بالمهام المطلوبة بالسرعة والدقة اللازمة.
* نظام الربط مع الجهات الأخرى، حيث سيكون هذا النظام مرنا وقابلا للربط والتعريف مع الجهات الأخرى مثل هيئة الهلال الأحمر في منطقة الرياض وشرطة المنطقة والدفاع المدني وغيرها من الجهات، ما سيسهل استدعاء سيارات الإسعاف أو الدفاع المدني في حالة الحوادث الخطيرة.
الطرق المؤدية للرياض
من جانب آخر، أظهرت إحصائيات الحوادث المرورية السنوية، وقوع عدد كبير من الحوادث على امتداد الطرق السريعة المؤدية إلى مدينة الرياض، نتج عنها وفيات وإصابات خطيرة.
وبالاشتراك بين كل من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ومرور منطقة الرياض والإدارة العامة للدفاع المدني وقيادة القوة الخاصة بأمن الطرق في المنطقة وهيئة الهلال الأحمر ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، فقد تم استحداث مشروع الإدارة الشاملة للحوادث المرورية في منطقة الرياض والذي يهدف إلى تطوير مستوى أداء مراكز القيادة والتحكم بمرور منطقة الرياض والإدارة العامة للدفاع المدني والقوة الخاصة بأمن الطرق في منطقة الرياض وهيئة الهلال الأحمر في سرعة الاستجابة لبلاغات الحوادث المرورية على امتداد الطرق السريعة في المنطقة.
وسيتم ضمن المشروع، تطوير النظام لتغطية الطرق السريعة المؤدية إلى مدينة الرياض، وتحديث غرف العمليات في بعض المحافظات، ما يضمن سرعة وصول معلومات الحوادث إليها، ومباشرتها من قبل مرور منطقة الرياض والجهات الأخرى ذات العلاقة بالسرعة المطلوبة، وسيشمل المشروع بناء قاعدة معلومات متكاملة لتوفير المعلومات والإحصاءات الدقيقة، وتوفير جميع المعلومات الأساسية المتعلقة بها وما ينجم عنها من ضحايا وأضرار إلى جميع الجهات ذات العلاقة، مع التعرف على المواقع التي تشهد أكبر عدد من الحوادث المميتة على الطرق السريعة، أو التي ينتج عنها إصابات خطرة، وكذلك التعرف على الأسباب الرئيسة لهذه الحوادث.
وتجسيدا للمشاركة والتكامل بين الأجهزة الأعضاء في استراتيجية السلامة المرورية، توزعت المهام في الخمسية الثانية للاستراتيجية بين هذه الجهات على النحو التالي:
مهام أمانة منطقة الرياض:
حيث تم إنجاز مشروع تطوير نظام الحد من حوادث الانزلاق على شبكة طرق مدينة الرياض، كما تم البدء في مشروع تحسين مستوى السلامة المرورية عند المدارس والمساجد في مدينة الرياض، وتم إنجاز ما نسبته 10 في المائة من المشروع الذي سيشمل جميع المدارس والمساجد في المدينة.
كما تم البدء في دراسة لتحديد السرعات على الطرق والشوارع في المدينة، حيث تم تصميم برنامج آلي يقوم بحساب السرعات على كامل شبكة الطرق بناء على تصنيفاتها واستخدامات الأراضي عليها وفق الأسس المتبعة في مثل هذه الحالات.
وأكملت الأمانة المرحلة الأولى من برنامج معالجة المواقع الخطرة في مدينة الرياض، كما أصدرت دليلا لتحديد وتحليل ومعالجة المواقع الخطرة في مدينة الرياض وبدأ العمل بمخرجاته، كما تم إصدار دليل تدقيق السلامة المرورية على شبكة الشوارع والطرق بمدينة الرياض، وتنفيذ معابر المشاة لبعض الطرق المحكومة بإشارات مرور ضوئية.
مهام وزارة النقل:
تتمثل مهام وزارة النقل بالقيام بأعمال تحسين لطبقة الأسفلت للأجزاء المتضررة لبعض طرق مدينة الرياض، تحسين تقاطع طريق الملك عبدالله مع طريق خالد بن الوليد بتحويله إلى تقاطع حر دون إشارات مرور ضوئية، تحسين بعض المداخل والمخارج وتحسين التقاطعات للطريق الدائري الشمالي، وتحويل حركة مرور المركبات الثقيلة خارج الطريق الدائري الشرقي وطريق خريص من خلال ربط امتداد الدائري الجنوبي بطريق خشم العان لرفع مستوى السلامة المرورية وانسيابية الحركة المرورية.
كما تقوم الوزارة حاليا بتركيب كاميرات ولوحات إلكترونية متغيرة الرسائل، وحساسات، وإنشاء غرفة تحكم لتطبيق أنظمة النقل الذكية على بعض مداخل الرياض لإدارة حركة المرور، وتوجيه وتقديم معلومات للسائقين عن حالة حركة المرور على الطرق.
مهام وزارة الصحة:
تنظيم الإبلاغ عن الحالات الإسعافية ونقلها وتوجيهها، والتنسيق مع المستشفيات لاستقبالها من خلال غرفة عمليات موحدة تشرف عليها هيئة الهلال الأحمر وتشترك فيها القطاعات الصحية المختلفة، إلى جانب استئجار مستشفى في مدينة الرياض لاستقبال ومعالجة الحالات الإسعافية لتخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية، وتشكيل فريق عمل يتولى إعداد خطة لتنسيق الحالات الإسعافية في المستشفيات الحكومية والخاصة، وإعداد بروتوكول التعامل مع الحالات الطارئة من وإلى المستشفيات الخاصة، إضافة إلى استمرار الوزارة في عمليات الاستفادة من أسرة المستشفيات الخاصة وتحويل المصابين إليها.