شارع ابن القيم .. هدوء يسبق الموت
شارع ابن القيم .. هدوء يسبق الموت
حين تلج شارع ابن القيم الجوزي الواقع شرق العاصمة ينتابك شعور بالارتياح وتتمنى أن تكون أحد سكان هذا الشارع، الذي يتميز عن غيره من الشوارع بسعته وكثرة الأسواق القريبة منه، إضافة إلى الفلل الجميلة المبنية على الشارع وبأسعار معقولة، لكن سرعان ما تتراجع عن هذا الأمر وتقرر الهرب بعيدا عن هذا المكان، الذي تشتم فيه رائحة عجلات السيارات وهي تصرصر بأصواتها المرعبة بعد منتصف الليل.
"الاقتصادية" كانت هناك وشهدت دقائق مرعبة كان الموت خلالها يحوم في كل ثانية على رؤوس الشباب المراهقين، الذين كانوا ينطلقون بسياراتهم الفارهة بسرعة تتجاوز 180 كيلو مترا في الساعة، وكأنهم يسابقون الريح ، يعقب ذلك تفحيط يثير الرعب والهلع لدى سكان الشارع الهادئ.
#2#
#3#
يقول المواطن سليمان الزهراني إنه يفكر جديا في الانتقال من هذا الشارع، الذي أصبح يثير الخوف والهلع بسبب التفحيط الذي يقوم به المراهقون، مشيرا إلى أنهم يضطرون لوضع سياراتهم في فناء المنازل أو في الشوارع الخلفية لمنازلهم، ويتجنبون إيقافها أمام سكنهم كما جرت العادة، ويضيف "الجنون الذي يقوم به بعض المراهقين تسبب في كثير من الأحيان في إزهاق أرواح أولئك المراهقين الذين لا يزالون في عمر الزهور" معربا عن أمله في متابعة الآباء أبناءهم، مؤكدا أن كثيرا من الأضرار لحقت بالسيارات التي كانت تقف قرب المنازل بسبب ما يحدث، حيث يفقد في بعض الأحيان المفحط سيطرته على مقود سيارته ما ينتج عن ذلك اصطدامها بالسيارات الواقفة أمام منازل أصحابها، قبل أن يلوذ بالفرار، تاركا لأصحاب تلك السيارات الحسرة على ما أصاب سياراتهم دون أن يكون لهم ذنب فيها.
وطالب الزهراني الجهات المختصة بأن تضع حدا لتلك المهازل التي تثير الهلع والخوف في نفوس سكان الشارع، وأضاف " في أحد الأيام، كنت عائدا إلى المنزل بعد منتصف الليل، وما حدث أثار الرعب والهلع في نفوس أطفالي وعائلتي وهو تجمع المئات على جنبات الشارع لمشاهدة الاستعراض المتهور والجنوني الذي قام به أحد المفحطين في الشارع نفسه الذي كنت أسير فيه، والذي كاد أن يتسبب لي ولأفراد أسرتي ما لا يحمد عقباه، ولكني تمكنت من الوقوف جانبا حتى أتجنب التواجد في مساره نفسه، والحمد لله أن الأمور سارت على ما يرام".
أما المقيم أبو أيمن فيقول "إن ما يحدث يخرج عن نطاق العقل"، وتسائل بقوله "هل يكره هؤلاء الشباب أنفسهم حتى يقدموا على تلك التصرفات الجنونية التي تشبه الإقدام على الانتحار؟"، مؤكدا أن الشارع شهد وفاة بعض المفحطين وبصورة مفجعة، وأضاف " تخيل هذا المراهق يسير بأقصى سرعة ثم فجأة يلتف على نفسه عدة لفات، فالأمر أقرب ما يكون إلى الجنون، حيث إن ذلك قد يتسبب في فقدان ذلك المراهق سيطرته على سيارته في أي لحطة، وبالتالي قد لا يوقفها إلا سيارة أخي أو عمود إنارة أو جدار أحد المنازل، بل إن الأمر قد يصل إلى درجة الانقلاب ودهم الجمهور الذي لا يقل جنونا عن المفحط نفسه، وهو ما سيؤدي إلى حدوث إصابات ووفيات لن تجد مسؤولا عنها بعد ذلك"، منوها إلى أن تلك السيارات من النوع الفاخر والموديلات الأخيرة، وأن التفحيط دقائق معدودة لا تتجاوز عشر دقائق، لكنه يدمر السيارة تماما ويقضي على العجلات التي تكلف شيئا كثيرا، داعيا المتجمهرين إلى عدم متابعة تلك الأحداث الخطيرة كون هذا خطرا عليهم من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا التجمهر يشجع المفحطين على التمادي في عملهم غير مبالين بالنتائج التي قد تكون وخيمة.
وأثنى أبو أيمن على الجهود التي تقوم بها الجهات المختصة لوقف أولئك الطائشين عند حدهم، كما أثنى على قيام الدوريات بمعاقبة المتجمهرين كونهم ساعدوا المفحطين على التمادي في تفحيطهم، مؤكدا أن الدوريات الأمنية تتصدى بنجاح وتنقذ المتجمهرين والمفحطين من خطر داهم يقود إلى الخسائر المادية والبشرية في كثير من الأحيان.