سمعة شركات المحاماة على المحك.. ووعود للخليجيين بتغيير هياكل الصكوك الجديدة
أكدت لـ ''الاقتصادية'' مصادر قانونية مطلعة أنه ينتظر أن تسهم قضية ''الصكوك المتعثرة'' في تغيير هياكل الصكوك الحالية عما هي عليه الآن في حالة اضطرت المحاكم الخليجية إلى التعامل معها, في حين أوضحت مصادر أخرى أنه من الأرجح أن تشهد صناعة المالية الإسلامية ''إعادة'' هيكلة مزيد من السندات الإسلامية.
وبدا واضحا في الفترة الأخيرة قيام شركات المحاماة الدولية، التي يستعان بها لهيكلة الصكوك، بتمحيص هياكل السندات الإسلامية التي أعدتها لعملائها, ولا سيما المتعثرين منهم أو أولئك المرشح لهم أن يتعثروا. وظهر جليا تمني بعض شركات المحاماة عودة عقارب الساعة إلى الوراء من أجل إحداث بعض التعديلات في هياكل تلك السندات، نظرا لأن سمعة هذه الشركات ستصبح على المحك وستتضرر لو قدر حسم قضايا الصكوك المتعثرة في المحاكم الخليجية.
بعض شركات المحامات الدولية (تحتفظ ''الاقتصادية'' بأسمائها) اعتذرت عن عدم المشاركة في هذا التقرير نظرا لحساسية الموقف بعد أن تعثرت صكوك عملائها. معلوم أنه تم تسجيل خمس حالات تعثر ''مؤكدة''، في حين ارتفعت قبل أسبوع حالات الصكوك التي تعثرت بشكل ''فني'' إلى ثلاث.
وعن إذا ما كانت هياكل الصكوك ستشهد تغيرا جذريا نتيجة لحالات التعثر، يقول لـ ''الاقتصادية'' طارق حميد، محام لدى Simmons & Simmons ''معظم هذه الهياكل جديدة, ولذلك فإنه من غير الأكيد معرفة كيف ستقوم المحاكم بالتعامل معها في حالة كان هناك دعاوى قضائية''. وعن تبعات ذلك، يقول طارق، :''من الأرجح أن نوعية الصكوك لن تتغير, ولكن ربما تتغير الطريقة التي تتم فيها هيكلة الصك, وعليه فمن المرجح في هذه الحالة أن يكون الخلل موجودا في العقد نفسه بدلا من هيكل الصك''.
وهنا يقول أليكس صالح، وهو شريك لدى شركة دي إل إيه بايبر DLA Piper في الكويت، وله تعاملات واسعة في مجال الصكوك: ''بين عام 2003 حتى الصيف الماضي، كانت الأحوال طيبة تماماً. لم تكن هناك حالات إعسار. ولكننا نمر الآن بالدورة الثانية، حيث نجد شركات غير قادرة على تسديد التزاماتها.'' ويتابع في تصريحه لصحيفة ''ناشونال'' ''لو كان بإمكاننا العودة وإحداث بعض التغييرات في طرق هيكلة الصكوك، فإننا سنقوم بذلك لكن هذا هو السبيل الذي نتعلم من خلاله''.
ويرى محامون أن هيكل الصكوك يمكن أن ينطوي على تحديات وحالات تأجيل، حيث إن القضاة المختصين في قضايا الإفلاس في البلدان الغربية والمعتادين على السندات التقليدية يحاولون معرفة موقع حاملي الصكوك إذا ما كان ينظر إليهم كدائنين أو مالكين للصكوك.
الصكوك المعقدة
تمر صناعة المال الإسلامية باختبار كبير، في الوقت الذي تظهر فيه للمرة الأولى حالات التعثر وعمليات إعادة الهيكلة في سوق السندات الإسلامية.
وتجري الآن في الشرق الأوسط عمليات أخرى لإعادة هيكلة الصكوك، خصوصاً في دبي والكويت. على سبيل المثال تحاول شركة المشاريع العقارية ''نخيل'' إعادة هيكلة صكوكها، بما في ذلك صكوك بقيمة 3.5 مليار دولار يقع تاريخ استحقاقها في كانون الأول (ديسمبر).
إن إعادة هيكلة السندات في الخليج عملية غير مجرَّبة نسبياً، حتى في سوق السندات التقليدية. تقول مجلة ''يوروموني'' ''لكن في سوق الصكوك فإن الأمور أكثر تعقيداً حتى من السندات التقليدية، على اعتبار أن الحلول والتسويات الغربية لا يمكن نقلها بسهولة إلى السندات الإسلامية. كما أنه لا يوجد في المصرفية الإسلامية حتى مفهوم ''مجموعة الدائنين''، وإنما هناك فقط البنوك والمستثمرون''.
يقول أحد المصادر القانونية، إن أساليب إعادة الهيكلة على النمط الغربي الآن قيد التطبيق على الصكوك المصابة بالتعثر, وبدلاً من الالتزام بدفع فوائد ربوية، فإن الدفعات الدورية تتم إعادة توظيفها بطريقة تناسب قدرة الشركات على التسديد في ظل الأوضاع الحالية. وبدلاً من استبدال الدين بالأسهم العامة، لا بد للشركات من أن تعطي شيئاً يقوم مقام التعهد، ولكنه يدعى ''المشاركة في الربح''.
استعادة الموجودات
يتمتع حاملو الصكوك بمصلحة مباشرة للانتفاع بالموجودات التي تقوم عليها الصكوك، التي تولد الأرباح التي تدفعها تلك الصكوك لحملة شهاداتها, لكن هناك جدل حول السبل المتاحة للمستثمرين وحقهم في الحصول على الموجودات المذكورة في حالة التعثر. تقول ''فاينانشيال نيوز'':'' إذا كان الحكم هو أن الصكوك قائمة على الموجودات، فإن هذه الموجودات تولد العوائد ولكن المستثمرين لا يحق لهم العودة على الموجودات في حالة التعثر، ويجب أن يعتمدوا بدلاً من ذلك على التعهد بالشراء من طرف ثالث. لكن إذا كانت الصكوك مدعومة بالموجودات، مثلما هي الحال في التوريق المالي، فإنه يحق للمستثمرين فقط العودة على الموجودات''.
وعن آلية تصويت حملة الصكوك في حالات التعثر، يقول بادليسياه عبد الغني، الرئيس التنفيذي لبنك CIMB الإسلامي الماليزي: ''يتم تفعيل إعلان التعثر من الناحية القانونية عندما يعلن ثلثا حملة الصكوك ذلك'', ويواصل في مقابلته الهاتفية من كوالالمبور: ''لا أتوقع أن نسمع عن إعلانات كثيرة خاصة بحالات تعثر *قانونية''. إلا أننا لا نستبعد وجود عديد من المحادثات حول إعادة هيكلة الصكوك أو حتى إعادة تمويلها، بدلا من أن يتم تفضيل خيار تسييلها''.
انعدام العوائد العالية
تاريخيا، كانت الصكوك تحقق لحامليها نسبة أعلى من العوائد تفوق حتى عوائد السندات التقليدية، ويعود بعض السبب في ذلك إلى أن هذه الصكوك لم تتعرض قط للاختبار من خلال حالات التعثر وإعادة الهيكلة.
ويدور حديث بأن حالات التعثر الحالية ستسهم في عدم مطالبة المستثمرين بعوائد ''عالية'' بهذا القدر، وهو ما سيجعل تكاليف الاقتراض رخيصة نسبياً بالنسبة للشركات التي تصدر الصكوك لجمع رأس المال.
أما عن الآثار الإيجابية لقضايا التعثر، يقول برناردو فيزكاينو، المدير التنفيذي لشركة AMSAR'' ومن الآثار الجانبية الإيجابية هنا هو تقديم أساس للسوابق القانونية (خصوصاً في مناطق الاختصاص الرئيسية التي تدرَج فيها الصكوك) وكذلك احتمال التعثر PD، والتعثر الناتج عن الخسارة والإحصائيات المستخدمة في حساب التقييمات الائتمانية LGD''.
وبحسب محيي الدين قرنفل، العضو المنتدب في شركة الجبرا كابيتال، فلا توجد في دول الخليج قوانين خاصة بالإفلاس ''جيدة'' ولا حتى ''سوابق لحالات إفلاس كثيرة'' في المنطقة. وعليه ''فجميع المستثمرين يتطلعون إلى سيناريوهات الإفلاس هذه من أجل التعلم منها''. وتمنى قرنفل أن تؤدي حالات التعثر الحالية للصكوك في المساهمة في سن قوانين جديدة تتعلق بالإفلاس من أجل أن تنمو أسواق السندات والصكوك في المنطقة.