ما هو التنضيض الحكمي؟
اختلفت مع صديق لي في تجارة معينة وكان من الأشياء التي تسبب بها أن لدينا سلعة قد قل ثمنها السوقي عندما أردت تقييمها لشرائها لنفسه بينما كنت رافضا القسمة؛ كوننا نعمل شراكة ولا يجوز أن يخص نفسه بسلعة معينة وبعد فترة ارتفع ثمنها فوافقت على البيع أيضا شراكة لكنه طالبني بالبيع بحسب قيمة الشراء الأولى؟ فرفضت غير أنه طالب بتشكيل لجنة للتقييم والتي يسمونها بالتنضيض الحكمي؛ فما هو التنضيض الحكمي؟
جابر حامد ـ المنامة
* إن ما تعرضت إليه في رسالتك فيه عقود تفاهم وشراكة فيما بينكما في الربح والخسارة، وبالتالي فإن المشتريات والمبيعات تتم لحساب الشركة، ومن أراد أن يخص نفسه بسلعة معينة فيجب أن يكون ذلك بتفاهم مع الشريك الآخر واشتراط قبوله وعدم تعرضه للخسارة، لكن أن يتأخر في القبول وترتفع السلعة فهذا جائز طالما أن الموافقة لم تحصل بعد، فمثلا لو بيعت تلك السلعة لحساب الشركة بثمن عال فإن الربح من نصيب الطرفين، وليس من نصيب طرف دون طرف وبالتالي فالتأخير ليس سالبا ولا يمكن اشتراط البيع بنفس سعر الشراء الأول؛ فكثيرا من المنتجات والسلع يرتفع ثمنها ويربح التاجر وكثيرا منها ما يقل ثمنها ويخسر. ناهيك عن فترات الحفظ والتخزين والصلاحية.
وأما ما يتعلق بالتنضيض الحكمي فقد تعرض له مجلس المجمــع الفقهــي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، فــي الــمدة من 10/26-21/ 1422هـ الذي يوافقه 10/5-1/ 2002م، وصدر ذلك رقم القرار: 4 ودورة رقم: 16 بشـأن التنضيض الحـكمي بأن المراد بالتنضيض الحكمي تقويم الموجـودات من عروض، وديون، بقيمتها النقدية، كما لو تم فعلاً بيع العروض وتحصيل الديون، وهو بديل عن التنضيض الحقيقي، الذي يتطلب التصفية النهائية للمنشآت وأوعية الاستثمار المشتركة، كالصناديق الاستثمارية ونحوها، وبيع كل الموجودات، وتحصيل جميع الديــون، وبعد استعراض البحوث التي قدمت، والمناقشات المستفيضة حــول المـوضــوع
قــــرر المجلــس مــا يلي:
أولاً: لا مانع شرعًا من العمل بالتنضيض الحكمي (التقويم) من أجل تحديد أو توزيع أربــاح المضاربة المشتركة، أو الصناديق الاستثمارية، أو الشركات بوجه عام، ويكون هذا التوزيع نهائيًّا، مع تحقق المبارأة بين الشركاء صراحة أو ضمنًا،
ومستند ذلك النصوص الواردة في التقويم كقــوله صــلى الله عليه وسلم: "تُقطَعُ اليدُ في رُبُعِ دينارٍ فَصَاعِدًا، أوْ فِيما قِيمَتُه رُبُعُ دينارٍ فَصَاعِدًا". رواه البخاري.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "مَن أَعتَق شِقْصًا له في عبدٍ فَخَلاصُهُ في مَالِه إنْ كان له مالٌ، فإنْ لم يَكُنْ له مَالٌ قُـــوِّمَ عَلَيه العَبْدُ قِيمةَ عدلٍ، ثم يُسْتَسْعَى في نَصِيبِ الذي لم يُعتِقْ غيرَ مَشْقُوقٍ عَلَيه". رواه مسلم.
ويستأنس لذلك بما ذكره صاحب المغني في حالة تغير المضارب (لموته أو لزوال أهليته)، مع عدم نضوض البضائع،
فيجوز تقويمها لاستمرار المضاربة بين رب المال ومن يخلف المضارب، فضلاً عن التطبيقات الشرعية العديدة للتقويم، مثل تقويم عروض التجارة للزكاة، وقسم الأموال المشتركة وغير ذلك.
ثانيــًا: يجب إجراء التنضيض الحكمي من قبل أهل الخبرة في كل مجال، وينبغي تعددهم بحيث لا يقل العدد عن ثلاثة، وفي حالة تباين تقديراتهم يصار إلى المتوسط منها، والأصل في التقويم اعتبار القيمة الســوقيــة الـعـادلــة.