كيف يواجه العالم العربي الضجة الجديدة حول قدرة التمويل الإسلامي!
يمر التمويل الإسلامي في حالة من النهوض في العالم العربي نتيجة للكساد الاقتصادي، وفقاً لما جاء عن أليكس ماكجيليفراي، شريك أول في «أكاونت أبيليتي» – Account Ability، وأحد مؤلفي التقرير الجديد الذي يحمل عنوان «القدرة التنافسية المسؤولة في العالم العربي عام 2009» Responsible Competitiveness in the Arab World 2009.
وهنالك ضجة جديدة في العالم العربي حول التمويل الإسلامي، الذي حظي بسمعة كونه «لطيفاً» على الرغم من أنه يقدم «عوائد أقل»، كما يقول.
يجادل ماكجيليفراي، أن التمويل الإسلامي يُنظر إليه في أيامنا هذه على أنه رهان أكثر أمناً، وأفضل للمستثمرين من «دورة الكازينو الغربية» للاستثمار التمويلي.
«إنه ليس مجرد استثمار ثابت، ولكنه تفوق على كثير من البنوك الغربية، وبالتالي فإن نوع الفكرة بأن النسخة العربية من الإدارة المالية كانت نوعاً ما متعبة، ولكنها مطلوبة للمسلمين الجيدين، تم دحضها بعد أن كانت هي الفكرة المكونة سلفاً. لذا، فإن المقالات الواردة في التقرير من داري التمويل أبراج، والبنك التجاري الوطني، مكرسة ومتحمسة للغاية بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه التمويل الإسلامي، وبشأن الدور الذي يمكن أن تلعبه النسخة العربية من حوكمة الشركات».
«لذا، بينما كنت تسمع عديدا من المستثمرين الغربيين الذي كانوا يقولون قبل عام، «إن الحوكمة تفتقر إلى بعض الأمور، وغير ملائمة للمخاطر بالمقارنة بالتمويل الغربي» فإن ذلك لا يمكن أن تسمعه الآن».
«وما عليك سوى ضم كل ذلك إلى السعودية التي تنضم إلى مجموعة الدول العشرين كلاعب نشط في القيادة العالمية، وترى صورة مختلفة تماماً تأتي من العالم العربي. فهم يريدون أن يكونوا جزءا من الحل».
المؤشر
يشمل التقرير تحليلاً بشأن القضايا، والفرص العربية، وكذلك مقالات تدور حول التحديات الملحة أمام قادة الاستدامة السبعة.
وتجادل «أكاونت أبيليتي»، وهي مؤسسة فكرية عالمية غير ربحية، بأن هنالك دليلاً مما يزيد على 100 دولة يشير إلى أن الاقتصادات الناجحة هي تلك التي تسير فيها القدرة التنافسية، والاستدامة، ومسؤولية النشاطات العملية جنباً إلى جنب.
ويتم نشر التقرير كل عامين، وفي هذه المرة، فقد وسّع تغطيته ليضم 15 دولة عربية. فهو ينظر إلى القيادة المسؤولة ضمن قطاع النشاطات العملية، وما يقوم به صانعو السياسة داخل الحكومات من أجل توليد مناخ يساعد النشاطات العملية على أن تكون مسؤولة، وينظر كذلك إلى ما يقوم به المجتمع المدني لفرض الضغوط على الحكومة، والنشاطات العملية من أجل أن تكونا مسؤولتين.
وهو يورد أن نتائجه الأساسية التي توصل إليها، هي أن القدرة التنافسية المسؤولة في العالم العربي تُظهر علاقة إيجابية قوية بكافة معاييرها ضمن القدرة التنافسية الوطنية، مثل مؤشر نمو القدرة التنافسية الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي، ومؤشر «سهولة ممارسة النشاطات العملية» الخاص بالبنك الدولي، وشركة التمويل الدولي.
وتشير النتائج كذلك إلى أنه عموماً، وعالمياً، وإقليمياً، وبخاصة الدول التي لديها مناخ نشاطات عملية مسؤولة تميل إلى أن تكون ذات ميزة تنافسية.
ويخص التقرير بالذكر سبع محركات قدرة تنافسية أساسية في العالم العربي. وهي مناخ النشاطات العملية المسؤولة، والسياسة البيئية، وسياسة العمل، والحوكمة، وابتكار المنتج والخدمات، والمهارة، ومشاركة أصحاب المصلحة.
وتأتي على رأس مؤشر القدرة التنافسية العربية المسؤولة، الإمارات ، تتبعها قطر، الكويت، لبنان، البحرين، عُمان، الأردن، مصر، تونس، السعودية، المغرب، الجزائر، سورية، اليمن، وموريتانيا.
ووفقاً لما جاء عن «أكاونت أبيليتي»، من حيث محركات السياسة، فإن الإمارات ، السعودية، والبحرين هي الدول الرائدة في إصلاح السياسات، وفرض التشريعات.
وتُعتبر كل من الكويت، لبنان، مصر، أمثلة لدول تشارك في المعايير الدولية، والحث على حوكمة الشركات الجيدة، كما جاء في التقرير.
ووفقاً لما جاء عن هؤلاء الباحثين، فإن كلاً من قطر، المغرب، والأردن، تعزز مهارات الاستعداد للعمل لديها، وتحسّن البنية التحتية الاجتماعية، وتوفــّر فرص تمويل المشاريع الصغيرة، وكذلك الاستثمار في وسائل الإعلام.
«وجزء من هدف هذا التقرير هو محاولة إظهار أن هنالك قائمة من الناس يمكن استقطابها من كافة أرجاء المنطقة، فلدى موريتانيا بعض المبادرات المهمة في جذب النساء إلى السياسة»، كما يوضّح ماكجيليفراي. «وبرغم أنها دولة فقيرة للغاية، وفي أقصى غرب العالم العربي، فيمكن للناس أن يستفيدوا من ذلك».
العالم العربي وحلول انبعاثات الكربون المنخفضة
يعترف ماكجيليفراي، على أية حال، بأن هنالك مواضيع يبدو أن أجزاءً من العالم العربي غير مهتمة بها إلى حدٍ كبير، مثل حلول انبعاثات الكربون المنخفضة. ولكنه يقول إنه مسرور على الرغم من ذلك لوجود بعض النقاش حول الموضوع.
«إن ما تجده هو، أنه بينما هنالك بعض الدول الرئيسية المنتجة للنفط التي لا ترى أي مصلحة لها في ذلك إطلاقاً، فإن هنالك دولاً أخرى كذلك، مثل مصر، التي ستكون عرضة إلى حدٍ كبير للتغير المناخي، حيث لديها مساحات كبيرة من الأراضي، والسكان الذين سيطغى عليهم ارتفاع منسوب المياه، وليس لديهم أمن فيما يتعلق بالطاقة»
«لذا، لديك فعلياً مجموعة من الدول في العالم العربي مهتمة للغاية بالطاقة المتجددة، وفي التعامل بصورة مبكرة مع التغير المناخي من أجل تقليص تأثيرات ارتفاع منسوب المياه. لذا، فإن هنالك مناقشة من الممكن أن تبرز فيها».
وباشرت أبو ظبي فعلياً في بناء أول مدينة محايدة الكربون، حيث تنعدم فيها النفايات، وتُدعى مصدر. وسيتم إمدادها بالطاقة بصورة رئيسية بواسطة الطاقة الشمسية، وستؤوي 50 ألف شخص. ولن تكون هنالك سيارات، فسيتحرك السكان باستخدام «حجيرة السفر» التي تعمل على سكك مغناطيسية. إن ذلك مثال جيد، كما يقول ماكجيليفراي، من جانب دولة عربية تتطلع قدماً، وتحاول التخطيط لـ 50 عاماً في المستقبل.
وُضعت الخطة الرئيسية لمصدر من قبل شركة هندسة معمارية بريطانية، تُدعى فوستر بلس بارتنرز، ووفقاً لماكجيليفراي، فإنه بينما كانت هنالك محاولات في بعض مناطق من العالم من أجل بناء مدن صديقة للبيئة، فإنك ستناضل حقاً من أجل أن تجد واحدة في دولة تابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقد سببت مبادرة أبو ظبي حركة نشطة في المنطقة، كما يشير ماكجيليفراي، نظراً للقدرة التنافسية، وضغط النظراء في العالم العربي، وعندما تكون هنالك مبادرة جيدة، يكون لها تأثير كبير.
وعلى الرغم من ذلك، وبالنسبة للدول المنتجة للنفط، لا يزال يعتقد أن هنالك سؤالاً مهماً يبقى عما إذا كانت تتصور الطريق نحو اقتصاد منخفض الكربون في المستقبل، حيث لا يتم تركها تحوز على احتياطي ضخم من النفط الذي قد لا يكون بالإمكان بيعه في غضون 30 عاماً من الزمن.
«كيف تشرك البلدان المنتجة للنفط في المفاوضات بشأن التغير المناخي في كوبنهاجن؟ إنها قضية كبيرة. وهناك ميل بين المفاوضين بشأن المناخ للاعتقاد بأنه أمر لا يمكن الفوز به».
مع ذلك، حسبما يقول، فإنك عندما تنظر إلى اقتصاد ما مثل اقتصاد السعودية، فإن هنالك في واقع الأمر قطاعاً في غاية الأهمية غير متعلق بالنفط، يشتمل على مركز مالي كبير، وصناعة كبيرة لتصنيع الأطعمة.
دور المجتمع المدني
ينظر إلى دور المجتمع المدني على أنه دافع مهم فعلياً للتنافسية المسؤولة، وهذا أمر يعترف به الآن في العالم العربي، وفقاً لما يقوله ماكجيليفراي.
وتبين أن الأبحاث التي أجرتها «أكاونت أبيلتي» AccountAbility وآخرون، تشير إلى أن البلدان التي توجد فيها مجتمعات مدنية قوية، قادرة على الحصول على الأمثل من قطاع العمل، ولديها أيضاً بيئة سياسة جيدة.
ويضيف ماكجيليفراي قائلاً: «هنالك بلدان توجد فيها سخونة أكثر من الضوء فيما يخص العلاقة بين المنظمات غير الحكومية وقطاع العمل – في بعض البلدان في أوروبا، لا توجد شراكة فاعلة بين المنظمات غير الحكومية، وقطاع العمل، والحكومة. ويكون لديك موقف مواجهة – على الأخص في بروكسل، حيث الأمور معاكسة تماماً، ولا تؤدي بالضرورة إلى كثير من الابتكار».
ويقول : «ولكن بشكل عام، فإن الدليل هو أنه كلما كان المجتمع المدني أقوى، زاد الضغط على قطاع العمل، وبالتالي يضطر على نحو أكثر إلى الابتكار. وكلما زادت حيوية المجتمع المدني، زادت قدرة قطاع العمل على الإصغاء إلى ما يريده المستهلكون في الحقيقة.» ويقول ماكجيليفراي إنه حتى في البلدان التي لا تملك الكثير فيما يتعلق بأساليب المجتمع المدني، فإنه تم إنشاء المؤسسات من قبل العائلات الحاكمة، أو المحسنين الخيرين، والتي تعمل وكأنها منظمات غير حكومية إلى حد ما.
الموهبة والجنس
والتعليم والقيادة
يريد العالم العربي أن يكون مبتكراً، ويتطلع إلى تطوير التعليم في المنطقة، حسبما يؤكد ماكجيليفراي، ولكن الأمر لن يكون سهلاً «لزيادة هذا الأمر فعلياً».
ويذكر ماكجيليفراي: «إنه أمر رائع أن ترى إنسياد في المنطقة. وهناك عدد من كليات الإدارة الأخرى التي تشترك في الأمر – لدى معهد ماساشوسيتس للتقنية شراكة مع مبادرة مصدر Masdarفي أبو ظبي، كما أن ثندربيرد Thunderbird معنية بإنجاز شيء ما».
«هناك اهتمام حقيقي، ويحصل طلبة الإدارة العرب على كثير من الدارسة دولياً، وسوف يحصلون على كثير أيضاً من وجود كثير من العروض ذات المنشأ المحلي فضلاً عن ذلك».
على سبيل المثال، فإن الملكة رانيا، ملكة الأردن، مشتركة في جهود تتعلق بالتعليم، وتركز على الأطفال في المدارس الابتدائية، ثم الثانوي، وخلال التعليم في المرحلة الثالثة، والتدريب الإداري.
وتقدم المنطقة فعلياً كثيرا من الأمثلة حول القيادة، حسبما يقول ماكجيليفراي. وهناك أيضاً دراسات حالة جيدة حول المشاريع الاستثمارية والمبادرات العربية.
إن المساواة بين الجنسين مسألة أخرى – أو حسبما يقول ماكجيليفراي – «فرصة ضائعة» في العالم العربي الذي توجد فيه جميع أنواع التأثيرات المتسلسلة عبر شتى أرجاء المجتمع.
ويوضح ماكجيليفراي: «في معظم البلدان، فإن هذه مشكلة كبيرة في واقع الأمر. فلا يمكنك أن تجلس في لندن وتتعالى على العالم العربي بشأن ضعف مبدأ المساواة بين الجنسين، بالنظر إلى كونك بعيداً عن الأمر بالمثل هنا في المملكة المتحدة». لكنه يشير إلى أن التقدم حاصل في مختلف البلدان، ويقول إنه لا يوجد عديد من الأمثلة حول انعدام التقدم على الإطلاق.
السلام في الشرق الأوسط
لكن الغيوم التي تحلق فوق المنطقة بأكملها هي بطبيعة الحال، عملية السلام التي لم يتم التوصل إلى حل بشأنها بعد في الشرق الأوسط.
ويقول آسفاً: «إنك بحاجة إلى السلام لتجسيد أي من هذه التنافسية المسؤولة. فلو كان هناك صراع في غضون 12 شهراً، فإن كثيرا من هذه المكتسبات سوف تذهب أدراج الرياح. ولن يصبح هذا، مرة أخرى، أجندة رئيسية سريعاً. وبناءً عليه، فإن تلك هي المشكلة – وهي مشكلة كبيرة.
وترأس التقرير ، التنافسية المسؤولة في العالم العربي 2009 , Responsible Competitiveness in the Arab World 2009، إلكس ماكجيليفراي، وسيمون زاديك في «أكاونت أبيليتي»، ودارين روفيري، في الاستدامة الرائعة في البلاد العربية Sustainability Excellent Arabia، وكتبت مقدمة التقرير الملكة رانيا العبد الله، ملكة الأردن.
* دعمت التقرير مجموعة قيادة الاستدامة العربية، ويشمل الداعمون أبراج Abraaj، وآرامكس Aramex ، وجورامكو JorAmCo، وإتش بي إس HBS.