خبراء يدعون إلى تأسيس وكالات تصنيف إسلامية

خبراء يدعون إلى تأسيس وكالات تصنيف إسلامية

من المؤكد أن المؤسسات المالية الإسلامية تختلف إلى حد ما في آلية عملها عن المؤسسات التقليدية، ومن ثم فإن معايير التقييم التي تتبعها وكالات التصنيف لا تأخذ في الاعتبار مبادئ الاقتصاد الإسلامي. ومن هنا جاءت الدعوة إلى تأسيس وكالات تصنيف إسلامية محددة المعايير.

تعزيز ثقافة التصنيف
يرى الباحث أحمد التميمي أن وضع نظم ومعايير للتصنيف الائتماني الإسلامي يعتبر أمراً غاية في الأهمية خلال الفترة القادمة. وأن وجود مثل تلك المعايير يعد أحد متطلبات الاستثمار والبقاء، حيث إن وتيرة التغيرات على الساحة المصرفية تسارعت بشكل كبير سواء على المستوى المحلي أو الدولي. وجاءت تلك التغيرات لتواكب التطورات العالمية التي شملت الجوانب الاقتصادية والسياسية على حد سواء. ويرى أن كل تلك التغيرات يجب أن تعجل بوجود استراتيجية عمل جديدة في البنوك الإسلامية تتناسب وتحديات المرحلة المقبلة التي تواجه فيها المصرفية الإسلامية بتحديات كبيرة. ويرى أنه لا بد من وجود هيئة مستقلة لتقييم مدى توافق الشركات والمؤسسات مع الشريعة لتكون تلك الهيئة بديلاً حقيقياً من وكالات التصنيف الأجنبية. ويتيح وجود تلك الهيئات توفير تصنيفات عالية الدقة بتكلفة مناسبة وهو ما يعمل بدوره على دعم التطور الكبير للقطاع المالي الإسلامي.
ومن أهم الخطوات التي يجب على المؤسسة المالية الإسلامية اتباعها طلب الحصول على تصنيف ائتماني كخطوة مهمة تسهم بها في تعزيز الصفة التنافسية، وكذلك رفع مقاييس الجودة في قطاع التمويل المتوافق مع الشريعة. كما يجب أن تقوم تلك المؤسسات بتمييز نفسها من خلال تبني أفضل الممارسات العملية التي تضمن بها مصلحة العملاء. ويشير إلى أن حصول المؤسسة المالية على تصنيف ائتماني لا يعتبر ضماناً بقدرتها على الوفاء بالتزاماتها؛ إذ إنه عبارة عن عملية تهدف إلى توفير المعلومات والتقييم المستقل من حيث مدى ملاءمة المؤسسة المالية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية.
ويوضح الباحث الهدف من الحصول على تصنيف ائتماني بأنه وسيلة لدعم المؤسسة المالية وجعلها أكثر مصداقية بين المستثمرين في المصرفية الإسلامية. يضاف إلى هذا أن هناك العديد من الفوائد التي تتحقق من خلال ثقافة التصنيف الائتماني.
ومن أهم هذه الفوائد تعزيز الشفافية في الأسواق المالية؛ ما يكون له أثر إيجابي في ثقة العملاء، وتوفير قاعدة معلوماتية لمتخذي القرار بشأن عمليات الاستثمار، وتطبيق أعلى المعايير الموضوعية والمستقلة، وتعزيز مكانة الجهاز المالي بشكل عام.
ويوضح التميمي الدور الذي تقوم به وكالة التصنيف في تنمية السوق المصرفية الإسلامية، حيث إنها تسهم في تطوير النشاط المصرفي الإسلامي، وتساعد الشركات المصدرة للأوراق المالية من خلال كشف نقاط الضعف والقوة في كل منها. كما أنها توفر أداة فعالة لمستثمرين يكون من شأنها التسهيل عليهم في اتخاذ القرارات الاستثمارية السليمة.
ولا بد أن يتم تعزيز ثقافة التصنيف الائتماني في المؤسسات المالية الإسلامية من خلال إجراءات يأتي على رأسها اعتراف السلطات النقدية بمؤسسات التصنيف الدولية الإسلامية، وإلزام السلطات النقدية بالمؤسسات المالية الإسلامية بالتصنيف الائتماني باعتبار أنه الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها المستثمر الحكم على أداء المؤسسات وتوقعات أدائها في الفترات القادمة.

إشكالية مطابقة الشريعة
وتأتي الدعوة لتكوين هيئة تصنيف ائتماني إسلامي بديلاً للوكالات الأجنبية، نظراً لأن الأخيرة لا تأخذ في الاعتبار عند تصنيفها للصكوك كون تلك الصكوك مطابقة للشريعة أم لا.
ويعزو لاحم الناصر – الباحث في الاقتصاد الإسلامي - أسباب عدم اعتبار تلك الوكالات للخلاف الفقهي عند تصنيفها للصكوك إلى ثلاثة أسباب:
يتلخص السبب الأول في أن وكالات التصنيف تعامل الصكوك على أنها أدوات دين ولا تراعي الخصوصية التي تتمتع بها الصكوك خلافاً لسندات الدين التقليدية؛ فالأولى تمثل حصص ملكية في الأصول المكونة للصك، في حين لا تمثل السندات أية حقوق ملكية. وتعتبر الصكوك منتجا قائما على ملكية حملة الصكوك لأصل أو منفعة أو خدمة، ويكون ربح الصك ناتجاً من هذا الأصل أو المنفعة أو الخدمة. وثمة اختلاف آخر بين الصكوك والسندات التقليدية وهو اعتبار مطابقة الصك للشريعة شرطاً لصحتها.
أما السبب الثاني فهو عدم وجود الخبرات الشرعية المؤهلة داخل تلك الوكالات، فتكون النتيجة أنها تنأى بنفسها عن الخوض في مدى مطابقة الصك للشريعة. أما السبب الأخير فهو عدم وجود معايير شرعية واضحة وموحدة للصكوك يمكن لوكالات التصنيف تطبيقها والاحتكام إليها. ويؤكد الناصر أنه لا يطالب الوكالات بإعطاء رأي حول مدى شرعية الصك، وإنما يتلخص مطلبه في أن تشير الوكالات إلى هذا الخلاف في تقريرها وتجعل له وزناً عند التصنيف. وفي هذه الحالة لا تكون قد أبدت رأياً أو حكماً في مدى شرعية الصك، وإنما هو من قبيل الشفافية وهو ما لا يحتاج إلى هيئة شرعية، بل إلى باحث شرعي، إذ إن تلك المعلومة تكون متاحة لمن لديه خلفية شرعية.
ويقول إن أهمية بناء هيئة مستقلة للتصنيف الائتماني الإسلامي تتضح من حقيقة تأثير مدى مطابقة الصك للشريعة على قرار المستثمرين. ويؤدي الطعن في شرعية الصكوك إلى عدم الاكتتاب بها أو شرائها نظراً للشكوك التي تحيط بشرعيتها؛ ما يؤدي إلى تراجع سيولة تلك الصكوك بحسب ما أقر به مسؤولون في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني. كما أن المستثمر غالباً ما يلجأ إلى بيع الصك بأقل من ثمنه للتخلص منه إذا ما تبين عدم شرعيته بعد أن اشتراه. وتظهر أيضاً المخاطر القانونية إذا ما حدث نزاع حول الصكوك المشكوك في شرعيتها. وتنشأ تلك المخاطر بصدور أحكام بمخالفتها الشريعة؛ ما يجعلها عرضة للإبطال >

الأكثر قراءة