الرسول عليه السلام وأزواج بناته
في يوم ما خرج علي بن أي طالب ـ رضي الله عنه ـ متخاصماً مع زوجته فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ وانطلق لينام في المسجد النبوي، ولحق به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما علم بأمر هذا الخلاف من ابنته فاطمة؛ فوجد عليَّاً نائماً وملابسه قد تغطت بالغبار جراء نومه على أرضية المسجد غير المغطاة، وأخذ ـ صلى الله عليه وسلم – بأبي وأمي هو – ينادي صهره: أبا تراب.. أبا تراب.. وصحب عليَّاً وأصلح ما بينه وبين فاطمة ـ رضي الله عنهما ـ. فهذا هو محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأب ليراه ويعرف سنته الكثير من الآباء اليوم ممن غابت أدوراهم تماماً من حياة أبنائهم المتزوجين وغير المتزوجين، الذكور منهم والإناث، أو الآباء ممن كان حضورهم مثل عدمه.
من الآباء من تجرد من إنسانيته فافترض أن ابنته المتزوجة عليها الطاعة التامة لزوجها في الحق والباطل لأن هذا ما درج عليه، وورث عنه أبناؤه المتزوجين هذه الطباع والافتراضات الخاطئة في تعاملاتهم مع زوجاتهم من بنات الناس، وذلك في ظل قبول فريق الذكور من كل الأطراف. من الذكور من يظهر بمظهر المتدين ومنهم من هو بمظهر آخر، ولكنهم يشتركون في وراثة أفكار الدين منها برئ.. ومع الأسف فعندما انفجرت المرأة مشتكية قالوا هذا من تضييق الدين وقالوا كلا بل هذا تأثير الفضائيات، فمتى دعا الإسلام إلى سوء المعاملة والعشرة؟ وهل كانت الفضائيات ستكون قوية التأثير لو كان التعامل أفضل وكان الاحترام والاستماع للطرف الآخر حاضراً؟
ولست ممن يؤيد تشكيل ملايين اللجان الاجتماعية والمنظمات الإنسانية للتعاطي مع عدد لا يستهان به من القضايا الاجتماعية من حولنا، ولكنني أقول: أسس أفراداً. ولنبدأ من مواقع التلقي المعتادة المساجد والمدارس، وبالتحديد الأخيرة، فلا يكفي أن نتناول قضايا السلوك والتعامل مع الآخرين على هامش موضوع دراسي نقرأه في مادة القراءة أو المطالعة أو نعبر عنه في سطور لعلنا ننجح في مادة التعبير.. ولعله تكون لدينا حصة دراسية لمادة التنمية الفكرية تتيح للطالب مناقشة القضايا الاجتماعية وتعمل على تنشئته على أصول التعامل السليمة مع الجنس الآخر بالتحديد والآخرين بشكل عام. كما يمكن من خلال هذه المواد الخاصة العمل على تنمية وتطوير قدرات أبنائنا على التعبير اللغوي والإلقاء لأننا والله لا نعرف كيف نتكلم، وإذا قُدِّر لك الاستماع إلى مراهق أمريكي عند تحدثه لخدعك وظننت عمره يفوق بعشر سنوات عمره الفعلي وستدرك في الوقت نفسه أيضاً حجم تأخرنا. والحقيقة أنه كلما ضعفت القدرة على التعبير بالشكل الصحيح لغوياً كلما ساءت معاملة الآخرين وتم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة والاعتداءات الجسدية.
عدد القراءات : 488