وزارة العمل تدشن المعهد السعودي للبيع بالتجزئة والتسويق في الرياض وجدة
هناك نكتة حول بطالة السعوديين حيث يحكي شاب لزميله مشوار البطالة في حياته بالقول (تعتقد أن البطالة بالأمر السهل في حياتي .. لقد درست 16 عاما حتى حصلت على شهادة البطالة) ربما يكون الحلم الوحيد الذي يتفق عليه السعوديون مسؤولون ومواطنون رجال ونساء وينتظرون تحقيق جزء منه هو "حلم القضاء على البطالة." في بلد ارتفع فيه حجم العمالة الوافدة إلى نحو سبعة ملايين عامل مقيم، إذ لا توجد بوادر لوقف هدير الاستقدام، حيث إن الزيادة بين عامي 2007 وعام 2008 تجاوزت 14 في المائة خلال عام واحد فقط.
لكن، هل هناك أمل في حلول لهذه القضية! وأين تتركز الفرص الواعدة في سوق العمل؟ وهل تتطلب هذه الفرص الوظيفية سرعة إحلال السعوديين مكان الوافدين في القطاع الخاص؟ وكيف يمكن الوصول إلى الأهداف والية التعامل مع هذه الفرص؟ وكم حجم الفرص الوظيفية التي يمكن سرعة توطينها مع المتغيرات الاجتماعية إذ علمنا أن هناك ثلاثة ملايين فرصة عمل للبيع في قطاع التجزئة بالكفاءات الوطنية المدربة.
في هذا الملف تفتح "الاقتصادية" قصة نجاح تجربة وزارة العمل ومجموعة صافولا في تأسيس المعاهد السعودية للبيع والتجزئة والتسويق التي تستهدف توطين ثلاثة ملايين فرصة عمل فيها بالسعوديين من خلال خطة عمل وبرنامج طموح لتأهيل فرص العمل في قطاع البيع في التجزئة بالكفاءات الوطنية المدربة التي من شأنها احتواء طالبي العمل من أصحاب الشهادات التعليمية الضعيفة خاصة المتسربين من المرحلتين المتوسطة والثانوية وأصبحوا اليوم قوى عاطلة لكنها جاهزة للعمل .. إلى تفاصيل مشروع المؤسسة العامة للتعليم الفني والمهني ومجموعة صافولا الذي يتحدث فيه أعضاء المجموعة وقياديو قطاعاتها التنفيذيون لـ "الاقتصادية" حول قصة الإنجاز والكفاح لاحتواء عطالة الشباب في الفرص الوظيفية في أسواق السعودية، خاصة مراكز التجزئة والتسويق التي تتوافر فيها فقط ثلاثة ملايين فرصة وظيفية.
#2#
لماذا الإقبال على فرص العمل في هذا القطاع؟
يعد البيع بالتجزئة والتسويق أحد الأنشطة التي يقبل الشباب السعودي على الالتحاق بها بنسبة تفوق المجالات الأخرى باستثناء الوظائف الحكومية العسكرية والمدنية، حيث إن بيئة العمل فيها تعد مقبولة لهم نسبيا مقارنة بالعمل على خطوط الإنتاج في المصانع أو في الورش المهنية، لكن هل كانت تجربة "صافولا" في فتح برنامج التوظيف في البيع بالتجزئة والتسويق مشروعا ناجحا في بداية إطلاق المشروع؟
في هذا الاستطلاع يتحدث الشيخ عماد بن عبد القادر المهيدب العضو المنتدب لمجموعة عبد القادر المهيدب والشريك الاستراتيجي في مجموعة صافولا ورئيس مجلس "المتحدة للسكر" حول هذا المشروع قائلا "هذا المشروع التدريبي سيضيف لسوق العمل قوى وطنية جيدة من خلال تأهيلهم وتدريبهم علميا وعمليا ليس لقطاعات مجموعة صافولا فقط بل لكل أسواق التجزئة في السعودية، مما يساعد على فتح فرص وظيفية أخرى أمام الشباب السعودي ويساعد على القضاء على بطالة الشباب، ويضيف بقوله" اليوم القطاع الخاص أصبح شريكا أساسيا في تنمية الموارد البشرية، وسوق التجزئة في المملكة سوق مهم جدا، وينمو بشكل كبير ويتوقع أن يصل حجمه إلى 130 مليار ريال في عام 2012 ومعدل النمو فيه يزيد على 5 في المائة وهذا دلالة على أن السوق سوق كبير وفرص العمل فيه متوافرة وواعدة، ولعل دخول شركات أجنبية في سوق التجزئة السعودي دلالة على متانة وحرية الاقتصاد والمنافسة الشريفة، وحجم السوق بحسب المعلومات المتوافرة من "بنده" فقد دخل مراكز التجزئة في فروع "بنده" في السعودية 44 مليون زبون.
#3#
إن إطلاق برنامج التعليم والتدريب على رأس العمل سيساعد في سد الحاجة إلى كوادر مدربة ومؤهلة للدخول بقوة في سوق العمل في هذا القطاع..
ويضيف المهيدب بقوله "أمام الشباب اليوم فرصة كبيرة للوصول إلى التدريب على هذه الوظائف وصولا للوظائف القيادية في مراكز التجزئة والأسواق، كما أنها دافع كبير لتنمية حب العمل واطلاعه على إسرار المهنة التي تسيطر عليها العمالة الوافدة من قبل المتسترين عليهم. إن الدخول في هذا البرنامج سيفتح آفاقا أوسع في عالم هذه المهنة وتعلم أسرارها وتنمية مهاراته وقدراته وتطويرها والتعرف على آلية العمل في قطاع التجزئة، حيث بإمكان الشباب أيضا الاستقلال بأنفسهم والعمل في قطاع (البقالات) المنتشرة داخل الأحياء.
الوصول للنجاح بالفشل
يكشف الدكتور سامي باروم العضو المنتدب لمجموعة صافولا أن تجربة "صافولا" في هذا برنامج في البيع بالتجزئة لم تكن مشروعا ناجحا في بداية إطلاق المشروع وذلك في بداية عام 2002، حيث فرضت جملة من التحديات والمعوقات الاجتماعية والتعليمية مثل الانضباط، الغياب، التأخر المتكرر، معاكسات، اختلاسات، وقصور في أخلاقيات العمل، أيضا اكتشفنا أن هناك نقصا واضحا في المهارات الأساسية, من خلال ضعف ارتباط المناهج الدراسية بالتطبيقات العملية في سوق العمل، ولكل هذا تأثير سلبي في خدمة الزبون إضافة إلى قضية التسرب الوظيفي، حيث زاد عدد المتسربين في عام 2002 على ألف موظف، وذلك لجملة التحديات التي واجهت المشروع، ولم تتوقف الطموحات والرغبات عند حدود هذه الإشكالية فنحن نملك إدارة متمرسة تستفيد من تلك التجارب عبر الدراسة المهنية المتعمقة لتحديد أوجه القصور والإشكاليات وآلية معالجتها، لذا كان لا بد من خروج مشروع أكاديمية تعليمية متخصصة في البيع بالتجزئة والتسويق، ثم تطورت إلى هذه التجربة لتتحول إلى معهد قادر على استمرار تغذية سوق العمل في كافة مراكز التجزئة والسوبر ماركت بمهنيين حرفيين كمشروع مشترك بين المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ومجموعة صافولا ولتعنى هذه المؤسسة التعليمية بتطوير مهارات وقدرات الموظفين العاملين في قطاع التجزئة من خلال تقديم تدريب احترافي وتشجيع الشباب للعمل في مجال البيع بالتجزئة من خلال تقديم مسار وظيفي واعد ودعم جهود الدولة من خلال توطين الوظائف في مجال البيع بالتجزئة وتقليل نسبة البطالة بين الشباب السعوديين الراغبين في العمل في مجال التجزئة.
تفاصيل البرنامج التدريبي
لعل ما يراهن عليه كل مطلع على البرنامج التدريبي أن محتوى البرنامج يعد واحدا من أكبر عوامل جذب الشباب السعودي الراغب في اقتناء فرصة عمل شريفة..
يقول الدكتور عبد العزيز إسماعيل عبد العزيز مدير المعهد السعودي للبيع بالتجزئة والتسويق: تم تقسيم المتدربين إلى سبع مجموعات بحيث لا يتجاوز عدد المجموعة الواحدة 15 متدربا ويتم توزيعهم على الأقسام السبعة التي سيتدربون فيها وهي: قسم الخضار، قسم اللحوم، قسم محاسبة المبيعات (الكاشير)، قسم الأجبان، قسم تصفيف البضائع، قسم المخبز، وقسم الإلكترونيات. كما سيقوم المتدرب بتطبيق ما تعلمه في المعهد في بيئة العمل الحقيقية من خلال العمل في أحد الأسواق التي تم تحديدها مسبقا (أسبوع في كل قسم). كما سيلحق بالمتدرب برنامج التدريب على مهارات الحياة، حيث سيتم التركيز على تزويد المتدرب بالمهارات التي يحتاج إليها في حياته الشخصية مثل النظافة العامة وفن الإتيكيت وكيفية التعامل مع الآخرين، إضافة إلى خدمة العملاء وفن التعامل مع العملاء ذوي الطباع الصعبة. وسوف تتم دعوة متحدثين خارجيين من الخبراء في جميع المجالات المتخصصة في مجال البيع بالتجزئة للتحدث عن خبراتهم الشخصية والتحاور مع المتدربين في مجالات اختصاصهم. وقد تم التنسيق مع جميع رؤساء القطاعات في شركة بنده وبعض الشركات الأخرى بهذا الخصوص، بحيث يستضيف المعهد متحدثا واحدا أسبوعيا طيلة فترة التدريب التي تستمر لـ 14 أسبوعا.
ويكتسب البرنامج قيمة إضافية في مهارة تطوير الذات، إذ سيتعرف المتدربون على أهم معاني النجاح في الحياة وتزويد المتدربين بمهارة التوازن في الحياة وإكسابهم معاني الفاعلية والإيجابية والحافزية والحماس لتفعيل الذات وغرس معاني التعلم وتنمية الثقافة العامة والعملية لدى المتدربين، وكذلك أخلاقيات المهنة، وخدمة العملاء وفن الإتيكيت والاتصال الفاعل وبناء الفريق الفاعل والمقدرة على مواجه المشكلات وحلها..
لماذا السعودة او التوطين؟
يكشف الدكتور عبد الواحد الحميد نائب وزير العمل في محاضرة له سابقا أن السعودة لا تختلف عن القوانين التي تسنها أي دولة من دول العالم لتنظيم الجوانب المختلفة من الحياة العامة التي من خلالها قد تعطي امتيازات لمن يحمل جنسية تلك الدولة ولا تعطيها لغيره. فلو أراد السعودي أن يمارس العمل في بعض الدول العربية أو الأجنبية فلن يتاح له ذلك إلا وفق ترتيبات معينة تحددها أنظمة تلك الدول وقد تكون أصعب مما هو في المملكة، ولم يقل أحد إن هذه الترتيبات والإجراءات تعني أن هناك تمييزاً عنصرياً ضد السعوديين..
لقد بلغ المعدل العام للبطالة في شعبان 1429هـ، 10 في المائة من إجمالي قوة العمل السعودية، أي ما يعادل 416350 متعطلا، وبلغ معدل بطالة الذكور 6.8 في المائة، أي ما يعادل 239176 متعطلا، وبلغ معدل بطالة الإناث 26.9 في المائة، أي ما يعادل 177174 متعطلة. وبالتأكيد فإن هذه المعدلات المرتفعة غير مقبولة في بلد يستقدم ملايين العمالة الوافدة.
لقد انعكس من بطالة السعوديين وارتفاع أعداد الوافدين ارتفاع في حجم التحويلات المالية الهائلة، حيث بلغت هذه التحويلات المالية في عام 2007 ما يصل إلى 60 مليار ريال. كما أن هذه التحويلات النقدية تجاوزت تريليون ريال (ألف مليار ريال) خلال الفترة من عام 1990 إلى عام 2007. وتعد المملكة العربية السعودية الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة في حجم تحويلات العمالة الوافدة..
أين نهاية الخلل
باطلاعي على خطوات هذا البرنامج الكبير الذي أخذ من التطوير والتحديث حتى الخروج بهذه الآلية على مدى سبعة أعوام، لم يعد أمام الشباب السعودي الباحثين عن فرصة عمل مجال للترفع أو التعفف لاقتناص فرصة عمل شريف تكون دافعا لطريق مستقبل مشرق في عالم التسويق. لقد سجل معيض العتيبي الذي التحق بالعمل في "بنده" على وظيفة معبئ أكياس بمرتب 2.160 ريال في عام 1998 قصة نجاح عظيمة أمام السعوديين حينما كافح وعمل حتى اعتلى منصب مدير هايبر ماركت بمرتب أساسي 32400 ريال، وكذلك زميله رائد منقل الذي التحق بـ "بنده" تحت وظيفة متدرب إداري ليصل اليوم إلى منصب مدير قطاع الإمداد بمرتب أساسي 40.500 ريال، وكذلك زملاؤه الآخرون الذين التحقوا بوظائف بسيطة منهم وليد الخوتاني وخالد العلي وعبد الرحمن اليافعي ووليد شمس وخلف المطرفي ...