فوجئنا بالعرض العام للمشاريع رغم أن الموضوع كان عن الآبار
أشير إلى ما كتبه أخي العزيز الدكتور عبد العزيز الجار الله في "مدائنه" يوم السبت الموافق 6/6/1430هـ حول ما دار من مناقشات ومداخلات أثناء اللقاء الخاص عن "مشروع تغذية آبار حمادة الغاط " الذي عُقد من خلال تعاون بين مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز لأبحاث البيئة والمياه والصحراء وبين مركز الرحمانية الثقافي في مدينة الغاط، وبحضور وزير المياه والكهرباء وبعض المختصين. ولي حول ذلك وقفات سريعة ، هي:
الوقفة الأولى: كان موضوع اللقاء معنونا بـ" مشروع تغذية آبار حمادة الغاط " حسب الدعوة الموجهة من محافظ الغاط رئيس المجلس الاستشاري لمركز الرحمانية الثقافي، لكننا فوجئنا بأن اللقاء كان عرضا عاما للمشاريع التي نفذها مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز لأبحاث البيئة والمياه والصحراء باسم "مشروع الملك فهد لحصد وخزن مياه الأمطار والسيول في المملكة العربية السعودية" على هيئة غدران صناعية في كل من: ضرما وعشيرة سدير، أو آبار تغذية الطبقات السطحية في كل من : العلب، والحريق، وضرما، والمزيرعة، وحريملاء، والغاط، والغيل في الأفلاج. ولا شك أننا استفدنا من المعلومات التي تفضل بعرضها الدكتور عبد الملك آل الشيخ رئيس المشروع، إلا أن سعادته لم يتعرض لمشروع تغذية آبار حمادة الغاط إلا من خلال عرضه السريع عن مجمل المشاريع، ولذا كان العرض في اللقاء مخالفا لعنوانه.
الوقفة الثانية: أثناء عرض الدكتور آل الشيخ المشاريع المنفذة – ومن ضمن هذه المشاريع خمس آبار حُفرت أمام سد وادي الغاط – ذكر سعادته أنه بعد سقوط الأمطار في ربيع الثاني 1430هـ ارتفع مستوى الماء الأرضي وانخفضت نسبة الملوحة في معظم المزارع المجاورة وعلى مسافات تصل لعشرات الكيلو مترات، وسمى تلك المزرعة البعيدة نوعا ما بأنها مزرعة الدكتور زياد بن عبد الرحمن السديري التي تقع في الحمادة.
عندما انتهى الدكتور من عرضه وبدأ الحاضرون بالتداخل وطرح التساؤلات طلبت الإذن وأُعطيت إياه من الدكتور عبد العزيز الطرباق الذي أدار الحوار، وطرحت التساؤلات التالية:
الأول: من خلال عرضكم لاحظنا أن القياسات تمت بعد حفر الآبار، فهل قمتم بها قبل الحفر؟ وجاء جواب الدكتور عبد الملك بالنفي, ما دعاني للقول إن هذه القياسات لا تكفي حكما على ارتفاع المنسوب، إذ من المعروف لدينا نحن أهالي الغاط أنه عندما يسيل الوادي يرتفع منسوب المياه في الآبار السطحية، وبالتالي فارتفاع منسوب المياه في الآبار القريبة من السد بعد هطول الأمطار أمر مفروغ منه وليس حفر آبار التغذية سببًا له.
الثاني: ذكرتم أن مزرعة الدكتور زياد السديري استفادت من المشروع، والجيولوجيون يقولون - والعهدة عليهم- أن طبقات الأرض في القطاع الرسوبي – حيث تقع الغاط - تميل من الغرب للشرق، وبالتالي كيف استفادت تلك المزرعة من المشروع وهي واقعة غرب المشروع. ألا ترون أن ما لاحظتموه في تلك المزرعة ناتج عن تلك السيول التي عمت وادي الرمة ووادي الرشاء وغيرها (الواقعة غربًا)؟ وذكرت أثناء تساؤلي هذا أن السد لم يفد آبار الغاط عندما كانت المياه تحجز أمامه ولا يتاح لها الخروج.
وعلق الدكتور عبد الملك موضحًا أن طبقات الأرض لها الخصوصية المحلية، ولم يشرح لنا ما هذه الخصوصية المحلية؟ فهل قام المركز بدراسة جيولوجية لمعرفة ميل الطبقات، وكيف استفادت تلك المزرعة البعيدة من المشروع.
ولي أن أتساءل: أين فاعلية هذه الخصوصية المحلية للطبقات الأرضية – إذا سلمنا بها - عندما كانت مياه السيول تحجز أمامه ولا يتاح لها الخروج، حيث نشفت مياه آبار مزارع الوادي نتيجة لذلك، ولا يرتد إليها الماء إلا عندما يمن الله ـ سبحانه وتعالى ـ على المنطقة بسيل يزيد على مخزون السد ويفيض منه ويجري الماء في الوادي، وعلى هذا فتلك الخصوصية المحلية للطبقات التي يراها سعادته ربما أن فاعليتها بطيئة جدا، بل ربما تقتصر على المناطق المحيطة بالسد، ووفقًا لهذا فقد أعطينا الفرصة – من حيث لا نريد – لزيادة تبخر مياه السيول المحجوزة أمام السد وأضعنا الفرصة على زيادة الماء الأرضي في الطبقات الجوفية السطحية على طول الوادي ، كما كان سابقًا، أما فيما ذكره سعادته من استفادة تلك المزرعة البعيدة من المشروع - مع أنني أستبعد ذلك بحكم ميل الطبقات، كما يقول الجيولوجيون- أرى أن المزرعة استفادت من تلك السيول التي تنحدر من الشعبان القريبة منها مثل: (شعيب حليفة، شعيب أبا الصلابيخ)، إضافة إلى أن مجرى وادي الغاط في الحمادة يمر قريبا من المزرعة. وبهذه المناسبة أقدم الشكر الجزيل للدكتور زياد السديري عندما جعل آبار مزرعته متاحة في أي وقت لإجراء القياسات اللازمة.
الوقفة الثالثة: وصفني الدكتور عبد الملك في نهاية رده على تساؤلاتي بأنني أشكك في نجاح المشروع، ولا ضير عندي في ذلك ما دام سعادته يبني نجاح المشروع على نتائج نعرفها ويعرفها كثير من أهالي الغاط قبل تنفيذ المشروع، إضافة إلى ذلك لماذا تعدت الاستفادة من المشروع بقية مزارع الوادي مثل: مطربة، والفشخاء، والرمحية، ومزارع الإبداع، والوشيليات، والمزارع الوسطى قرب الوسيعة وغيرها كثير؟ لماذا لم تستفد هذه المزارع من المشروع، خاصة أن سعادته ذكر أن طبقات الأرض لها خصوصيتها المحلية؟ وليسمح لي سعادته بأن أبقى مشككًا في نجاح المشروع في الغاط ما دام يبني نجاح المشروع على أمور مسلَّم بها، وإلى أن يثبت لنا سعادته بما لا يدع مجالا للشك فنحن منتظرون.
الوقفة الرابعة: جاء في عرض سعادته أنه بعد سقوط الأمطار في ربيع الثاني عام 1430هـ ارتفع مستوى الماء الأرضي وانخفضت نسبة الملوحة في معظم آبار المزارع المجاورة، وعلى مسافات تصل إلى عشرات الكيلومترات. وإنني أتساءل هنا – حيث لم يسمح لي مدير الحوار وقتها بالاستمرار في طرح تساؤلاتي- هل هذا الوقت كاف لأن تظهر النتائج المشجعة للاستمرار في المشروع؟ وهل المدة الزمنية كافية لأن نرى النتائج في مزرعة في الحمادة تبعد عشرات الكيلو مترات؟
الوقفة الخامسة: وفقًا لما جاء في الوقفة الثالثة والوقفة الرابعة، وإشارة لما جاء في التوصيات التي يراها سعادته التي جاء فيها: رفع توصية لصناع القرار بتعميم الأساليب المثلى (التي تم اعتمادها في المرحلتين السابقتين) في مناطق المملكة. انتهت التوصية، أرى من واجبـي الطلب من سعادته التريث قليلا قبل رفع التوصية هذه حتى يثبت لديه ولدى المهتمين نجاح المشروع، ولعلي في هذا المجال أشير إلى مداخلة الدكتور عبد العزيز اللعبون - وهو الجيولوجي المتخصص- الذي أبدى مخاوفه من تأثر مسام الطبقات الأرضية بالطين الذي يصاحب عملية حقن المياه. أقول يجب التريث قبل الرفع لصناع القرار لاستصدار الأمر بتعميم الأساليب فما زال الأمر في طور التجربة، خاصة أن النتائج التي بُني عليها نجاح المشروع - في الغاط بصفة خاصة - ليست مقنعة إطلاقًا.
الوقفة السادسة: أن وادي الغاط بما له من خصائص طبوغرافية وجيولوجية يعرفها المختصون أرى أن الأسلوب الذي يمكن التعامل معه لرفع مستوى المياه في آبار المزارع هو الأسلوب الثالث الذي يتبناه مشروع الملك فهد لحصد وخزن مياه الأمطار، الذي يتمثل في الإكثار من بناء السدود الصغيرة في أماكن متعددة على طول مجرى الوادي، فهذا الأسلوب – من وجهة نظري - يتيح لمياه السيول التدفق عبر مجرى الوادي وتقوم هذه السدود الصغيرة بحجزها مدة أطول تتيح لها التسرب إلى الطبقة الجوفية السطحية.
الوقفة الأخيرة: كثير من الدراسات العلمية الناجحة لا يقوم بها مختصون في علم واحد، بل يشارك فيها مجموعة من المختصين في علوم أخرى، وهذا هو سر نجاح كثير من الدراسات في الدول المتقدمة، ولعلي هنا بالمناسبة أطلب من القائمين على المركز استقطاب ذوي الكفاءات العلمية المختصة في علوم الأرض والجغرافيا والدراسات البيئية والاستيطانية وكل من له علاقة مباشرة أو غير مباشرة للمشاركة في إثراء المشروع من خلال دراسة الجوانب الإيجابية والسلبية – المنظورة والمستقبلية – بطريقة سليمة. كما أن هناك جهات حكومية مثل : وزارة المياه والكهرباء، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية وغيرهما - بما لهم من اختصاص في مجال دراسات المياه – لديهم من الدراسات العلمية ما يمكن الاستفادة منها للعمل على البحث عن أنسب الأساليب التي من شأنها زيادة مصادر المياه في المملكة.
#2#