اختبار للصداقة

اختبار للصداقة

في مقابلة له قبل خطابه للعالم الإسلامي في القاهرة في الرابع من حزيران (يونيو)، حث الرئيس باراك أوباما على ضرورة الصدق في الحوار الأمريكي - الإسرائيلي. وقال: "إن الصدق أحد أهم أسس الصداقة". وسيأتي دور بنيامين نتنياهو في الرابع عشر من حزيران (يونيو). فمن المقرر أن يعطي رئيس الوزراء الإسرائيلي رده على مطالب أوباما غير المرحب بها بأن تجمّد إسرائيل المستوطنات وتوافق على مبدأ حل الدولتين وتمضي قدما في المفاوضات مع الفلسطينيين لتحقيق ذلك.
ويتكهن السياسيون والمحللون الإسرائيليون بما يمكن أن يقوله نتنياهو ذو الروح القتالية. فهل يمكن أن يوفر الاسم الذي أطلق على الخطاب أية دلائل؟ لقد تم تسميته في البداية "خطاب Bar-Ilan"، تيمنا باسم الجامعة التي اختيرت لإلقاء الخطاب فيها. فهل كان نتنياهو يحاول من خلال هذا اختياره لهذا الاسم طمأنة أتباعه من اليمين الذين يشعرون بقلق بالغ، وأولئك الذين يعيشون بين المستوطنين وأولئك داخل حزبه، الليكود؟ لقد تم تأسيس جامعة Bar-Ilan بوصفها جامعة دينية ولا تزال تحتفظ بسمعتها، ليس بصورة عادلة تماما، باعتبارها بؤرة لليمين والمشاعر الدينية.
ثم تقرر تغيير الاسم إلى "خطاب بيجن - السادات"، تيمنا باسم مركز بيجن - السادات للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز فكري مرتبط بالجامعة والذي سيتم إلقاء الخطاب فيه. واسم بيجن - السادات يثير مشاعر متضاربة بين الإسرائيليين. فقد كان السلام مع مصر منذ 30 عاما حجر الأساس للاستقرار الاستراتيجي لكلتا الدولتين. ولكن تم التوصل إليه من خلال الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي المصرية المحتلة - سابقة سيئة بالنسبة لليمين. ومن جهة أخرى، مكّن هذا السلام إسرائيل من الاحتفاظ بسيطرتها على "أرض إسرائيل"، فلسطين التوراتية في قلب الأيديولوجية الدينية لليمين. علاوة على ذلك، أدى السلام مع مصر إلى ولادة الكلام الخادع فيما يتعلق ببناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية التي أضرت بعلاقات إسرائيل مع أمريكا منذ ذلك الحين. وكان جيمي كارتر، الذي توسط حين كان رئيسا في السلام بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد، يعتقد أنه حصل على التزام من رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت، مناحيم بيجن، بوقف بناء المستوطنات. وقال بيجن إنه وعد فقط بوقف بنائها لمدة ثلاثة أشهر.
ويتذكر اليمينيون ذوو الذاكرة القوية أيضا أن بيجن لم يستطع تمرير معاهدة السلام المصرية من البرلمان الإسرائيلي إلا بمساعدة حزب العمل المعارض. وكان غالبية مؤيديه يعارضونها. فهل هذه سابقة يتطلع إليها نتنياهو الذي يتعرض للضغوط، بما أنه محاصر بين تشجيع إدارة أوباما ومعارضة حلفائه في التحالف؟
واليوم، فإن حزب كاديما هو حزب المعارضة من يسار الوسط في إسرائيل، وتتزعمه تسيبي ليفني. وهي منحازة دون تحفظ لمبادرة الرئيس أوباما. وتقول إنها ستستمر في رفضها لعروض نتنياهو بالانضمام إلى حكومته إلا إذا وافق على حل الدولتين. وإذا اختار نتنياهو المواجهة المفتوحة مع الرئيس الأمريكي، سرعان ما سيسوء مسار السياسة الإسرائيلية. وقد تجد ليفني أن الأصوات الأكثر تشددا من اليمين تطعن بقومية حزبها. وقد اتهم بعضهم بالفعل أوباما بأنه يسعى لتغيير النظام في إسرائيل.
وما زاد من الضغوط بين الخطابين قيام مبعوث أوباما الخاص، جورج ميتشيل، بزيارة القدس ورام الله أخيرا. وقال بوضوح مناشدا الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، إن أمريكا تريد "الاستئناف الفوري والاختتام المبكر" للمفاوضات المتعلقة بحل الدولتين. ثم أمضى عدة ساعات في اجتماع مغلق مع نتنياهو.
وقال بيريز، "صانع السلام الدائم"، إن خطاب أوباما خلف "مشاعر بالغبطة" في المنطقة. ولكن هل انتقلت أي من هذه المشاعر إلى نتنياهو؟

الأكثر قراءة