هل استراتيجية فرض قيود على الإنفاق على الاستدامة أسلوب ناجح؟

هل استراتيجية فرض قيود على الإنفاق على الاستدامة أسلوب ناجح؟
هل استراتيجية فرض قيود على الإنفاق على الاستدامة أسلوب ناجح؟

يتم تخفيض الميزانيات في ظل التراجع الاقتصادي ، سواء تعلق الأمر بالتدريب، أو السفر، أو التسويق، أو النشاطات ذات الصلة بالعلاقات العامة. غير أن هذه الاقتطاعات كثيراً ما تتجاوز كل هذه الأمور الاختيارية. وبعد أن كانت الشركات توجه الكثير من الإنفاق نحو تشجيع وتعزيز عوامل الاستدامة فيها، فإنها عادت في الوقت الراهن إلى إعادة التركيز على أساليب الحد من النفقات. ووفقاً لما يقوله جون إكنجتون، المؤسس المشارك، ومدير شركة ?ولانز فنتشر في لندن، "فإن الآثار السلبية بالغة الخطورة، بينما يعمل التراجع الاقتصادي على تضييق الخناق على ميزانية سلامة، وصحة الشركات، وكذلك الأموال المخصصة لرعاية البيئة، وضمان استدامة عمل الشركات.
إن هذه الشركة هي إحدى الشركات الاستشارية التي تقدم المشورة للزبائن فيما يتعلق بالمخاطر، والفرص، ذات العلاقة بمسؤولية الشركات، والتنمية المستدامة فيها. ويقول إكنغتون إنه على الرغم من أن قضايا مثل التغير المناخي، وتوافر المياه، أصبحت أشد الحاحاً، إلا أن التراجع الاقتصادي أدى إلى تقليل في التركيز على اهتمام الشركات بالاستدامة، كما أبعد تفكيرها عن اللجوء إلى الخدمات الاستشارية المتعلقة بالاستدامة.
وكشفت شركة ماكنزي الاستشارية، خلال الفترة الأخيرة، عن نتائج بحث ميداني أفادت أن قادة النشاطات العملية يمضون مزيدا من وقتهم على قضايا الحكم الرشيد، مقابل القليل من الوقت على شؤون البيئة. ووفقاُ لما ورد في هذا البحث، فإن بعض الشركات تقوم بالفعل بتقليص الميزانية الخاصة بالاستدامة، بينما تقوم شركات أخرى بإعادة تخصيص الأموال الخاصة بذلك، على أن تقوم بإنفاقها الوحدات المتخصصة، بعد أن كانت تنفق على صعيد مركزي. ويقول إكنغتون، وهو مؤلف كتاب "سلطة الناس غير المنطقيين: كيف يوجد مؤسسو المشاريع الاجتماعية أسواقاً تعمل على تغيير العالم"، "لابد لمثل هذه الأولويات أن تدخل، بمرور الوقت، في صلب استراتيجية الشركات ، وعملياتها، ونماذجها العملية في نهاية المطاف. وإننا نستهدف ما سوف نقوم به في الأجل الطويل، ولكن لابد من أن تكون السنوات القليلة المقبلة مجالاً لإجراءات فعلية".

#2#

وهو يرى أن الأثر الناجم عن التحول فيما يتعلق بالنظرة إلى البيئة سوف يعتمد على حجم الشركة، ومدى وضوح أهدافها، وكيفية إثارة عملياتها للقضايا المتعلقة نشاطها العملي ، وكذلك على جوانب جيوسياسية أوسع فيما يتعلق بأسواقها. وسوف يعتمد ، إضافة إلى كل ذلك، على موقع الشركة على سلسلة القيمة. وعلى سبيل المثال "إذا كنت مزوداً لوول مارت، فإنك سوف تتعرض إلى درجات متزايدة من الضغوط إزاء قضايا البيئة، بأكثر مما إذا كنت مقاولاً تعمل وفق عقد موقع مع شركة غاز بروم".

دور الحكومات:
أطلقت شركة فولانز خلال الفترة الأخيرة تقريرها الذي يحمل عنوان "The Phoenix Economy" ، في منتدى Skoll World، حيث وجهت أسئلتها في هذا التقرير إلى مئات من مؤسسي المشاريع ذات العلاقة بشؤون البيئة، على الصعيد العالمي، وذلك لتحديد الاتجاهات الرئيسية، واختيار 50 شركة تعتبر أمثلة لما يمكن أن يحتاج إليه القطاع العام، والقطاع الخاص، والأفراد، لكي ينجزوه خلال السنوات المقبلة فيما يتعلق بالبيئة.
وبرز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، فيما يتعلق بالتركيز على دور الحكومات في مثل هذه القضايا الحيوية، وفقاً لما صرح به إكنغتون لمجلة إنسياد نولدج. ولكن ما أوضحه أصحاب المشاريع هو أنهم يريدون من الحكومة أن تقوم بدورها العادي، حيث يريدون أن تطور الحكومات، ووكالاتها المتخصصة، الرؤى الخاصة بذلك، وتحديد الأهداف، وهياكل الحوافز، لتقوم بعد ذلك بتسليم مهام الإنجاز إلى جهات أخرى.

آفاق مستقبلية:
يتوقع إكنغتون أن تكون الاستدامة قطاعاً شاملاً للنمو خلال العقود المقبلة، ولكنه يتوقع هزات ناجمة عن إغلاق المصانع، وعمليات الاندماج والاستحواذ. وهو يرى أن مزيدا من الشركات الكبرى سوف تتحرك باتجاه هذه الأسواق، الأمر الذي يعتبر اتجاهاً يلقى ترحيباً خاصاً، لعدد كبير من الأسباب أولها أنه سوف يفتح باباً واسعاً للمنافسة من أجل مزيد من انفتاح في هذه الأسواق. وأما الثاني، فهو أن هذه الشركات الكبرى كانت جانباً من الضجة التي أوقفت انتباه مؤسسي المشاريع لهذه الرسالة، حيث إن ذلك أبعدهم عن الأمر. وعمل ذلك في النهاية على تحييد هذه الرسالة ، وتداخل مضمونها مع مفاهيم أخرى.
إن لدى بعض هذه الشركات انتشاراً جغرافياً أوسع مما لدى الشركات الأصغر حجماً. وسوف تقوم الشركات الكبرى، خلال تفكيرها بما يمكنها أن تفعله، بإدخال شؤون البيئة في كل نشاطاتها ذات العلاقة بذلك، بحيث إن الانتقال نحو هذا المجال، بصورته الموسعة، سوف يمثل بداية لعدد من الخطوات المهمة.

مشاركة الجهات المستفيدة من الشركة:
ولم تتغير مطالب الجهات المستفيدة من الشركات نتيجة للأزمة الاقتصادية ، على الرغم من أن بعض المستفيدين والمشاركين، مثل المنظمات غير الحكومية، سوف يتشتت انتباهها. وإن ظروفاً مثل هذه تتيح المجال لداخلين جدد، ولذلك فإن من المتوقع ظهور عدد كبير من الشركات المتنوعة ، بما في ذلك شركات تبدأ نشاطاتها العملية للمرة الأولى، ومنظمات ذات اهتمام خاص بقضايا البيئة. ولا يتعلق هذا الأمر بالمخاطر فقط، وانما كذلك بسلوك الجهات المحركة للأسواق الناشئة، والفرص الكامنة في مثل تلك الأسواق.
وتأتي الاستدامة بأشكال مختلفة للغاية. وتتعلق الأمور الآن بالظروف الاقتصادية القائمة، ولذلك فإن الشركات الأشد انكشافاً هي التي سوف تواجه مشاكل أشد صعوبة. ومن المتوقع في ظل تراجع المد الاقتصادي، أن تتحرك عوامل الزعزعة الاجتماعية، الأمر الذي يزيد من انكشاف الشركات. وأما المد الأعلى، على المدى الأطول ، فمن المتوقع أن يكون خاصاً بالبيئة، حيث يخشى الخبراء من أن نكون مكشوفين جميعاً حين يتراجع ذلك المد.

الأكثر قراءة