الاستثمار في إعادة الشراء: حان الوقت للخروج من "الفتور"؟
يتساءل عديد من المستثمرين: هل حان الوقت لسحب السدادة، والعودة إلى الأسهم؟ بينما لا يمكن لأحد التنبؤ بالمستقبل، فإن من المقبول عموماً أن يعرف المطلعون على الشركات، أكثر مما يعرف الغرباء. لذا، من المستحيل معرفة ما إذا كان المطلعون لديهم الثقة لتفقد بيانات شراء الغرباء الصافية (مشتريات الدخلاء مطروح منها مبيعات الدخلاء). على أية حال، فإن إشارة مثل هذه على الأرجح أن تكون ضوضائية، نظراً إلى أنه في عديد من الحالات تكون مبيعات الدخلاء مدفوعة بأسباب شخصية مثل الحاجة إلى بيع أسهم من أجل تمويل الاستهلاك، أو سداد دين.
#2#
وهنالك طريقة بديلة لاختبار ثقة المطلع وهي النظر في إعادة شراء الأسهم، حيث تُظهر الدراسات الاستطلاعية الأكاديمية أن السبب الرئيسي لإعادة شراء الأسهم هو "بخس القيمة"، إذ تعتقد الشركات أن السوق متشائمة بصورة مفرطة بشأن الآفاق المستقبلية للشركات. وأحدث دليل على توقيت السوق يرد في ورقة البحث الخاصة بنا "طبيعة، واستمرار مفارقة إعادة الشراء – The nature and persistence of buyback anomalies"، التي نُشرت في "مراجعة الدراسات المالية – The Review of Financial Studies"، في نيسان (أبريل) 2009.
وفي هذه الورقة، يظهر أن الاستراتيجية التي تستثمر في الشركات التي تعلن عن برامج إعادة شراء محفّزة من خلال القيمة البخسة، تتفوق على المعايير القياسية المعدّلة مع المخاطرة بما يعادل 50 في المائة فقط بعد ثلاث سنوات. وإن أرجحية أن تكون إعادة الشراء مدفوعة بعامل بخس القيمة تُقاس عن طريق مؤشر ذلك البخس. ويرتكز هذا المؤشر إلى حافز محدد في بيان صحافي، ونسبة معدلات السوق إلى السجلات، والسلوك السعري القديم، ورسملة السوق.
لماذا وُجد مثل هذا الإطلاق الحر طوال 25 عاماً؟ تُظهر دراستنا أن المفارقة هي نتيجة التركيز على الأرباح قصيرة الأمد للمجتمع التحليلي. وبرغم أن قيمة الشركة هي تمثيل لقيمة التدفق النقدي من الآن إلى ما لا نهاية، يعير المحللون اهتماماً مفرطاً للأداء قصير الأمد. وربما يعود ذلك إلى أساليب التقييم المبسطة، مثل التقييم المرتكز إلى مضاعف الأرباح. وكما أن لدى المديرين وجهة نظرة طويلة الأمد، فإنهم قادرون بصورة أفضل على استغلال الأخطاء المُحدثة بفعل التركيز على الأرباح قصيرة الأمد، على الأقل من حيث المعدل.
ولا يزال هذا يواجهنا بالسؤال عن السبب الذي يمنع المستثمرين من استغلال هذا الأمر بصورة طبيعية عن طريق تأسيس صناديق إعادة الشراء. ربما أن الاستراتيجية بسيطة للغاية، فهي ترتكز إلى المنطق العام، وليس إعلى النماذج الكمية المتطورة التي غالباً ما تكون نتيجة "الضغط على البيانات إلى أن تفصح". وإذا كانت الاستريتيجية بسيطة للغاية، فمن الممكن أن يكون المديروين كارهين لدفع الرسوم الإدارية إلى مديري المحافظ المالية الذين لا يبدو أنهم يعملون بصورة جيدة.
انهيارات سوق الأسهم وإعادة الشراء:
أحياناً تنفعل أسواق الأسهم في ردود فعلها، وتنهار دون وجود أسباب جوهرية، وتتجاوب الشركات مع ذلك بمعاودة شراء الأسهم الخاصة بها. مثالان: انهيار عام 1987، وانهيار الحادي عشر من (أيلول) سبتمبر. يُظهر الرسمان الأول والثاني مستوى مؤشر بورصة ستاندرد آند بورز 500، وعدد إعلانات إعادة الشراء اليومية المقرر عنها من قبل شركة سيكيوريتي داتا في الفترة المحيطة بالانهيارات. من الواضح أن إعادة الشراء ارتفعت بصورة دراماتيكية بعد هذه الانهيارات، وبخاصة بعد التاسع عشر من شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1987، حيث إن ما يزيد على 500 شركة أعلنت عن برامج إعادة الشراء خلال الأسبوع التالي.
الرسم الأول: عدد إعلانات إعادة الشراء، ومستوى مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في فترة انهيار تشرين الأول (أكتوبر) 1987.
الخط الأحمر عدد الإعلانات، الخط الأزرق مستوى مؤشر ستاندارد آند بورز (معدلاً على أسعار الإغلاق).
الرسم الثاني: عدد إعلانات إعادة الشراء، ومؤشر ستاندارد آند بورز 500 في فترة الحادي عشر من سبتمبر:
الخط الأحمر يشير إلى الإعلانات، والخط الأزرق يشير إلى مستوى مؤشر ستاندارد آند بورز (معدلاً حسب أسعار الإغلاق).
أما الظروف اليوم، فتختلف نوعاً ما، حيث إن الرسم الثالث، يشير إلى أن مؤشر ستاندارد آند بورز 500، وإعلانات إعادة الشراء اليومية تبدأ من الثاني من حزيران (يونيو) 2008 إلى الحادي والعشرين من نيسان (أبريل) من عام 2009. ومن الواضح أن الانهيار الحاصل في خريف عام 2008 لم تتبعه زيادة دراماتيكية في نشاط إعادة الشراء. وفي الواقع، أننا نعيش حالياً في فترة "فتور" مفرط" لإعادة الشراء. فخلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر نيسان (أبريل)، صدرت نحو سبعة إعلانات إعادة شراء فقط عن الشركات الأمريكية. ومن الصعب أن نجد فترة فتور كهذه خلال الأعوام العشرين الماضية. لذا، إذا لم تكن الشركات تشتري الأسهم الخاصة بها، فلماذا علينا أن نشتريها نحن؟ على ما يبدو أنهم اعتقدوا أن هنالك ما هو أسوأ سوف يحدث.
الرسم الثالث: عدد إعلانات إعادة الشراء، ومستوى مؤشر ستاندارد آند بورز خلال الأزمة الحالية:
الخط الأحمر يشير إلى عدد الإعلانات، والخط الأزرق يشير إلى مؤشر ستناندارد آند بورز (معدلاً على أسعار الإغلاق).
وهنالك حجة مضادة واحدة تشير إلى أن من المحتمل أن تكون الشركات تعتقد أن أسهمها مبخوسة القيمة، ولكن ذلك يعود إلى أن عبئها المالي يفوق هدفها، وهي تريد أن تخفف من العبء، بدلاً من زيادته عن طريق إعادة الشراء. وبالفعل، فإن إعادة شراء الأسهم تُعد منطقية إذا كان لديك فائض من النقد أو طاقة لتحمل المديونية. وربما قليلة هي الشركات التي تتمتع بمثل هذا الوضع اليوم.
وبدلاً من ذلك، فإن تراجع نشاط إعادة الشراء من الممكن أن يكون نتيجة الحقيقة أنه، بالنظر إلى يومنا الحالي، فإن إعادة شراء الأسهم في عام 2007، وأوائل عام 2008 تبدو غلطة كبيرة. وعديد من الشركات التي أعادت شراء أسهم لأنها اعتقدت أنها رخيصة (وهي تشمل ليمان برذرز الذي أعلن عن إعادة شراء 19 في المائة من أسهمه في كانون الثاني (يناير) من عام 2008)، هي اليوم تلعق جراحها، وهي كذلك أقل ثقة بشأن القدرة على توقيت السوق.
اختيار محفظة إعادة شراء في نيسان (أبريل) 2009:
إن تراجع نشاط إعادة الشراء عموماً يجعلنا مترددين في تحديد "حضيض" السوق. وعلى أية حال، فإن بعض الشركات التي لديها فائض من النقد من الممكن أن تعتقد أنها وصلت إلى الحضيض، وهي تعيد شراء أسهم من أجل استغلال هذا التبخيس في القيم. ونحن نضع أموالنا حيث توجد دراساتنا، وفي 31 من آذار (مارس) 2009، استثمرنا جزءا كبيرا من ثروتنا في 24 سهماً أعلنت عن إعادة شراء خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2009، وعلى ما يبدو فإنها كانت مدفوعة من قبل بخس التقييم، باستخدام منهجية مؤشر القيمة البخسة.
ويدرج الجدول الأول الشركات، تتبعها رموزها الاسمية، ورسملة السوق. وباستثناء شركتين، فإن معظم الشركات لديها رسملة سوق بفائض يبلغ 100 مليون دولار، بمعدل سقف للسوق يبلغ 500 مليون دولار. فالحقيقة هي أن الشركات الصغيرة ليست مفاجئة، بينما تُظهر دراستنا أن الأداء غير مرتبط برسملة السوق: فعلى الأرجح أن الشركات الصغيرة أقل قيمة من الشركات الكبيرة. وبصورة متناغمة مع توقعاتنا، فإن نحو 18 شركة من أصل 24 شركة لديها مديونية سالبة، وهي أن موجوداتها النقدية تفوق مديونيتها المالية: إن لدى كابيتال سورس نسبة مديونية إلى أسهم عالية للغاية، لأنها تعمل في الصناعة المصرفية.