الدولة مفتاح الحل لأزمات الشعير.. و3 مقترحات عاجلة لحماية المربين من الاستغلال
أتقدم بالشكر لله ثم لحكومة خادم الحرمين الشريفين وكل مابذل ويبذل من قبل المخلصين الوطنيين من أبناء هذا الوطن العزيز من جهود ومحاولات لإيجاد حلول لمساعدة مربي الماشية في المملكة العربية السعودية بجميع مستوياتهم الذين يعانون كثيرا، وهذا مالمسته من متابعتي والمعايشة عن قرب، لظروف هذه الشريحة من المواطنين وما تكبدوا ويتكبدون من خسائر كبيرة أثرت وتؤثر في نسبة كبيرة منهم وخاصة من يعتمدون في دخلهم الرئيسي ـ وهم كثير ـ على التربية والإنتاج الحيواني وليس لهم دخل آخر يستندون عليه في مواجهة تكاليف المعيشة والحياة، وكذلك تأثير هذا الموضوع على الإنتاج الحيواني ككل في المملكة العربية السعودية بسبب التذبذب المستمر في أسعار الشعير وعدم توافر البديل من الأعلاف المركبة التي تغطي الاستهلاك المحلي منها وبالجودة والمواصفات العالية والموحدة لها والتي تكسب المربي الثقة فيها وقبولها بديلا للشعير.
وأوضح فيما يلي الأسباب التي أدت من خلال متابعتي إلى هذا التذبذب والحلول التي من وجهة نظري قد تؤدي إلى إنهائه وانتهاء تلك المشكلة:
كنا نعتقد أن السبب الرئيسي في تذبذب أسعار الشعير في الأسواق المحلية هو السعر العالمي من المصدر بالدرجة الأولى إلا أننا فوجئنا في الأونه الأخيرة عندما وصل سعر الكيس إلى سعر 11 و12 ريالا تسليم الميناء و13 و14 ريالا تسليم الموزع للبيع للمستهلك, حيث كان سعره العالمي 155- 160 دولارا للطن وبعد تخفيض الإعانة إلى 200 ريال للطن بدلا من 300 ريال رفع تجار الشعير السعر إلى 19- 20 ريالا للكيس تسليم الميناء ويصل للمستهلك بسعر يراوح بين 22 و26 ريالا للكيس خلال ثلاثة أيام فقط من تخفيض الإعانة ومن الحيثيات السابقة أستطيع أن أحكم ويحكم القارئ الكريم بأن السبب الرئيس في تذبذب السعر هو التاجر بالدرجة الأولى والموزع بالدرجة الثانية، لأني لا أجد مبررا واضحا يؤدي بالتاجر لرفع السعر بهذا الشكل الحاد على بضاعته الموجودة أساساً في الميناء والتي وصلت له بالإعانة السابقة سواء 700 ريال أو 300 ريال حيث لن يصل الشعير للمملكة بعد الإعانة الجديدة (200) ريال إلا بعد شهرين من فتح الاعتماد وبالتالي البيع بسعر جديد، وكذلك لا أجد مبررا للموزع (الناقل) لاستغلال هذا الوضع ليكسب في نقل الكيس من الميناء إلى المستهلك من 4- 6 ريالات والضحية في النهاية المواطن والمربي على حد سواء, حيث يترتب على ذلك إحداث بلبلة مستمرة للحكومة وإشغالها بهذا الموضوع بسبب جشع التاجر وبعض ضعاف النفوس من الموزعين وبعد تلك البلبلة التي حدثت فيما ذكرته سابقا جاء توجيه الحكومة ـ حفظها الله ـ بتثبيت سعر البيع في الميناء إلى 17 ريالا للكيس إلا أننا فوجئنا هذه الأيام برفع سعر الكيس مجدداً تسليم الميناء إلى 26 ريالا ويصل للمستهلك بـ 28 ريالا للكيس ودون مبرر كذلك، وحتى لو جاء من يقول إن السعر العالمي وصل إلى 200 دولار للطن فهذا لا يبرر رفع السعر وبمتوسط عشرة ريالات للكيس الواحد خلال 15 يوما على بضاعة موجودة في الميناء أصلاً بالسعر القديم، والغريب في الأمر أن التاجر في حال ارتفاع أسعار الشعير من المصدر يبادر مباشرة في رفع السعر وبشكل متسارع قد لا يتجاوز 10 أيام وفي حال انخفاض السعر من المصدر يكون التخفيض في السعر بطيء جدا ومتأخر قد يصل إلى شهرين (ملاحظه وزن كيس الشعير في الأسواق المحلية والذي يصل للمستهلك لا يصل وزنه 50 كيلو جراما كما هو مكتوب عليه وإنما يراوح الوزن بين 45 و48 كيلو جراما وأتمنى من الجهات المسؤولة متابعة هذا الموضوع دوريا حتى يتم السيطرة عليه لأن في هذا تطفيف على المستهلك وبخسه حقه).
وبناء على ما تقدم ذكره أورد المقترحين التاليين الذي أتمنى أن يكون لهما مكانا وأذناً صاغية لدى الجهات المسؤولة والمعنية والمهتمة بهذا الأمر في الدولة:
المقترح الأول:
العمل على إنشاء هيئة عليا مستقلة لاستيراد الشعير وصناعة الأعلاف وتكون مهامها كالتالي:
1- الاستيراد المباشر للشعير.
2- صناعة الأعلاف المركبة وذلك عن طريق إنشاء شركة مساهمة حكومية لصناعة الأعلاف المركبة تتبنى وتستفيد مما هو موجود من خطوط إنتاج لصناعة الأعلاف في المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق.
3- مراقبة الأسواق والإشراف على البيع.
4- وضع مواصفات عالية وموحدة للأعلاف بجميع أنواعها (التبن - البرسيم - الرودس - الذرة الخضراء - الأعلاف المركبة).
5- توجيه برامج توعوية للمربين والمهتمين بالأعلاف المركبة في جميع وسائل الإعلام.
6- إيجاد مختبرات جودة لفحص الأعلاف في الأسواق.
7- الإشراف على تطبيق استراتيجية الأعلاف في المملكة العربية السعودية.
المقترح الثاني :
حتى يتم إنشاء الهيئة المذكورة أعلاه يتم تطبيق النقاط التالية بصفة عاجلة للفترة القادمة:
1- التركيز في المرحلة القادمة على أن توكل مهمة استيراد وبيع الشعير للمؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق كما هو معمول به في السابق (من عام 1409 إلى 1419هـ) وأن يتم إنشاء خطوط إنتاج جديدة إضافة لما هو موجود لتصنيع الأعلاف المركبة بمواصفات عالية (تبني فكرة العلف الكامل) في جميع فروع المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق بحيث تكون طاقتها الإنتاجية تغطي غالبية مناطق المملكة وبنظرة مستقبلية بعيدة المدى بحيث تغطي العشرين سنة المقبلة.
2- يكون توزيع تلك الأعلاف وبيعها سواء الشعير أو الأعلاف المركبة عن طريق المؤسسة العامة للصوامع بحيث يكون للمؤسسة نقاط بيع في كل محافظة من محافظات المملكة (وهذه هي الطريقة المثلى في نظري) أو أن يكون هناك متعهدين معتمدين من قبل المؤسسة مسجلين لديها سواء اسم المتعهد أو سيارات النقل الخاصة به، ويكون سعر النقل متفق عليه مسبقا مع المؤسسة بحيث يحدد سعر البيع للنخالة أو المكعب أو الشعير.
3 - يكون هناك آلية لمتابعة الأسعار وعدم مخالفتها بالتنسيق بين وزارة التجارة ووزارة الداخلية ويكون هناك خط هاتفي ساخن لتلقي شكاوى المواطنين عن المخالفين وأن يكون هناك نشرة أسعار أسبوعية في وسائل الإعلام، وعند توافر الأعلاف من المؤسسة بأسعار مقبولة وثابتة سيؤدي ذلك إلى تخفيف الأزمة تدريجياً وسنشاهد تغيرا وتراجعا ملحوظا في أسعار جميع الأعلاف سواء المحلية أو المستوردة ومن ضمنها الشعير الذي بدوره سيقل الطلب عليه مما يؤدي إلى انخفاض سعره سواء من المصدر أو في السوق المحلية لدى الموزعين حيث سيباع بسعره الفعلي مضافاً إليه سعر النقل غير المبالغ فيه كما يحدث في الوقت الحالي. (ملاحظة حتى إن تم خصخصة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق يمكن أن تكون هي نواة الشركة المساهمة التي ستقوم بإنشائها الهيئة العليا لاستيراد الشعير وصناعة الأعلاف).
أتمنى أن تسهم هذه المقترحات في فتح بعض الأفق في هذا الموضوع وأن تكون أرضية لإيجاد حلول جذرية له بما يخدم المربين ويعزز الإنتاج الحيواني في المملكة العربية السعودية وينهي هذه المشكلة المفتعلة دائماً بشكل نهائي، مع تمنياتي للجميع التوفيق لما يفيد ويخدم وطننا العزيز.
ناصر بن عبد الله بن عبد الكريم