أهداف متناقضة
الجميع يريد خطة. ولكن الوعود أسهل من التنفيذ.
قد يخطئ الرؤساء عديمو الخبرة في التوقيت. فقبل أشهر من هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) و"الحرب على الإرهاب"، سرعان ما ندم بعض مسؤولي جورج بوش على سحب الدعم الأمريكي من اتفاقية كيوتو حول التغير المناخي دون تقديم بديل عملي. وبالمثل، أسهم فشل أوباما في تقديم خطة مفصلة للتعامل مع من تبقى من معتقلي خليج جوانتانامو، الذي وعد بإغلاقه بحلول كانون الثاني (يناير)، في إثارة خلاف مرير.
ويتعرض أوباما للهجوم من اليمين واليسار. وكل هذا الصراخ في واشنطن يصعّب على الحكومات الأخرى، خاصة في أوروبا، إخراج أمريكا من المأزق الذي وقعت فيه عن طريق إزاحة مسؤولية سجناء جوانتانامو عن كاهلها. ويتوقع أن يتم إطلاق سراح 50 أو أكثر منهم، والذين لا يمكن إعادتهم لبلدانهم الأصلية خوفا من تعرضهم لسوء المعاملة.
وسيكون من المفيد لو أثبت أوباما أن أمريكا مستعدة لإعادة توطين بعض هؤلاء الأشخاص في مجتمعاتها. ويبدو أن هذا صعب التحقيق. فعلى الرغم من أن معظم الأمريكيين يعتقدون أنه يجب إطلاق سراح الإرهابيين المشتبه بهم الذين تثبت براءتهم من قبل المحاكم، إلا أنه لا يبدو أن الكثير من الأماكن مستعدة لقبولهم. ويتم نشر آراء محمومة على الإنترنت تثير احتمالية وجود جهاديين متطرفين يسكنون بالقرب من الجميع. وهناك قانون واحد على الأقل في الكونجرس سيربط أموال إغلاق جوانتانامو بشرط ألا يستقر أي من نزلائه في أمريكا بمجرد إطلاق سراحهم.
ولعل المجتمع الأويغوري الصغير في شمال فيرجينيا هو الأول الذي يخرج عن هذا التيار، حيث عرض منازل لسبعة من أصل 17 صينيا أويغوريا يتوقع إطلاق سراحهم ولا يوجد مكان يذهبون إليه. وقد يساعد هذا على أن تقبل ألمانيا طلبا غير رسمي من إدارة أوباما بأخذ تسعة من المجموعة نفسها. ويعتبر معظم الأويغوريين مناهضين للصين أكثر مما هم مناهضين لأمريكا، وستشعر الصين بالغضب أينما ذهبوا. (أقنع بوش في وقت سابق ألبانيا بأخذ عدد قليل منهم، مع أن أولئك الذين ذهبوا ليسوا سعداء إطلاقا هناك).
وفي أماكن أخرى في أوروبا، أخذت بريطانيا وفرنسا رجالا آخرين تم إطلاق سراحهم، وليسوا جميعهم إما مواطنين وإما مقيمين، وقالت الدولتان إنهما ستنظران على الأقل في أخذ عدد أكبر. ورفضت النمسا وجمهورية التشيك وهولندا رفضا قاطعا. ولكن حتى في الدول التي يرغب أن يكون وزراء خارجيتها بالتعاون، غالبا ما يكون وزراء العدل والداخلية حذرين. وهم يعرفون من إحصاءات وزارة الدفاع التي تم نشرها أخيرا أن 14 في المائة من سجناء جوانتانامو الذين يزيد عددهم على 530 معتقلا، والذين تم إطلاق سراحهم في ظل إدارة بوش (معظمهم إلى دول عربية) استأنفوا أنشطتهم القتالية.
ومن جهة أخرى، اتضحت الخطوط العريضة لخطة أوباما. وقد تجرأ منتقدوه من اليسار حين علموا أنه ستتم محاكمة بعض الإرهابيين المشتبه بهم بارتكاب تهم جنائية في محاكم فيدرالية عادية. إلا أن أوباما يعتزم أيضا إنعاش اللجان العسكرية لآخرين. وكان قد صوت ضدها في السابق، ولكن سيتم تكوينها على نحو صحيح هذه المرة على الأرجح، كما يقول، بحيث يكون للمتهمين حقوق أوسع. وقد أقر الأسبوع قبل الماضي أن "أصعب قرار" هو وضع نظام للاحتجاز لاستبدال جوانتانامو، وإن كان نظاما يخضع لرقابة صحيحة، على حد تعبيره، من قبل الكونجرس والمحاكم، لأولئك الذين لا يمكن محاكمتهم ولكنهم يفرضون خطرا واضحا على أمريكا- بمن فيهم كبار مسؤولي القاعدة.
ومن غير المرجح أن يهدئ هذا منتقدي الرئيس من اليمين. فقد انتقد ديك تشيني، نائب الرئيس بوش، أوباما لأنه نشر مذكرات سرية (تم إلغاؤها لاحقا) من سنوات بوش تحتوي على تفاصيل المعاملة القاسية التي سمح باستخدامها على ثلاثة من محتجزي جوانتانامو "ذوي القيمة العالية". ويشعر حتى بعض كبار المسؤولين في إدارة أوباما بالانزعاج من نشرها. وهذا الخلاف سيستمر طويلا.