آن الأوان لصفقة بكين

آن الأوان لصفقة بكين

تحتاج السياسة الاقتصادية الصينية - الأمريكية إلى بداية جديدة. وتوفر زيارة تيم جيثنر للصين فرصة جيدة.

لقد تغير الزمن كثيرا. فحين زار وزراء مالية جورج بوش الصين لأول مرة، كانت وول ستريت مزدهرة، وكان الاقتصاد الأمريكي ينمو، وكان مبعوثو الرئيس يعظون دائما مضيفيهم الصينيين حول ضرورة تحرير أسواقهم المالية وجعل اليوان أكثر مرونة. ولكن في الوقت الذي يستعد فيه تيم جيثنر، وزير المالية الحالي، للقيام بأول زيارة له إلى بكين في الحادي والثلاثين من أيار (مايو)، تعتبر وول ستريت مرادفا للجشع والفشل، والاقتصاد الأمريكي في الحضيض، والآن يتولى الصينيون مهمة إلقاء المحاضرات. ومع ارتفاع عجز ميزانية أمريكا وعمل مطابع مجلس الاحتياط الفيدرالي بأقصى سرعتها، تشتكي الصين علانية من المخاطر التي يفرضها التضخم وتخفيض قيمة العملة على مخزونها الهائل من الدولارات، وتطالب بتحديد عملة بديلة لتكون عملة الاحتياط العالمية بدلا من الدولار.
ولا شك أن الأمور انقلبت لصالح الصين، إلا أن ديناميكية طرفي العلاقة الاقتصادية الصينية الأمريكية متماثلة بصورة ملحوظة. ونزعة إلقاء المحاضرات مدفوعة بالسياسة في الداخل. ومثلما كان وزراء المالية الأمريكيون يثيرون ضجة بشأن عملة الصين من أجل تهدئة الكونجرس الذي قد يكون حمائيا، فإن على المسؤولين في بكين مضايقة الأمريكيين بشأن تبذيرهم من أجل تهدئة الغضب الداخلي المتزايد بسبب الخسائر التي تواجهها الصين على الاحتياطات التي تحتفظ بها. ومعظم المواقف الاقتصادية الشائنة من كلا الجانبين تتميز بالجهل. فالعجز التجاري الثنائي لأمريكا مع الصين لا يثبت أن بكين تتلاعب بعملتها، كما يقول العديد من أعضاء الكونجرس. وعلى الرغم من الغضب في بكين، إلا أن الخسائر التي تواجهها الصين على احتياطاتها ترتبط بخياراتها في مجال السياسات أكثر مما ترتبط بتبذير أمريكا.

مطلوب خطوات شجاعة منسقة

ينبغي لكل من الصين وأمريكا استغلال زيارة جيثنر التي تستمر ثلاثة أيام لتحديد نغمة جديدة بحيث يحل التعاون محل الخطابات. ويجب على الدولتين العمل على وضع أجندة اقتصادية عامة تشمل قضايا من الاحتباس الحراري (من المستحيل إحراز تقدم حقيقي دون تعاون أكبر دولتين مصدرتين للانبعاثات الكربونية في العالم) إلى تمويل توسع صندوق النقد الدولي (لم تقدم الصين أية أموال بعد والكونجرس لم يوافق على مبلغ 100 مليار دولار الذي وعدت به إدارة أوباما). ومع ذلك، يجب أن تكون الأولوية هي إقامة علاقة سليمة فيما يتعلق بالاقتصاد الكلي بين أكبر دولة مقترضة للأموال السيادية في العالم وأكبر شركة دائنة في أمريكا. وما هو مطلوب لتحقيق انتعاش عالمي مستدام معروف. على الصين تعزيز الطلب المحلي في القطاع الخاص بعملة أقوى، ضمن أمور أخرى. وعلى أمريكا أن تحدد طريقا موثوقا نحو تخفيف حوافزها الضخمة في النهاية.
وفي أسواق اليوم المحمومة قد تؤدي أية خطوة خاطئة إلى انهيار الدولار وارتفاع عائدات سندات الخزانة أكثر. لذا يجب أن يتم تنسيق وتنظيم الخطوات بصورة دقيقة. ويجب أن تكون الصين أكثر صراحة بشأن اليوان. وبعد رفع قيمة العملة المرحب به إلى جانب الدولار الأقوى عام 2008، انخفضت عملة الصين على أساس التجارة المرجحة في الأسابيع الأخيرة مع تراجع الدولار. ويجب أن يوضح مضيفو جيثنر أنه على الرغم من أن الدولار يواصل تراجعه مقابل العملات الأخرى، إلا أن اليوان لن يحذو حذوه. وبدلا من ذلك، سترتفع قيمته بالتدريج. ولمنع أية زيادة إضافية لعائدات سندات الخزانة، يجب أن يوضح جيثنر الكيفية التي تنوي بها إدارة أوباما تخفيض الإنفاق وزيادة الإيرادات الضريبية على المدى المتوسط.
وسيتطلب الأمر شجاعة سياسية لكي تتجنب الصين العملة الضعيفة ولكي يكشف وزير المالية الأمريكي عن تفاصيل مالية في بكين. إلا أن وضع الاقتصاد العالمي الخطر يتطلب هذه الخطوات.

الأكثر قراءة