الطلاب هدف.. والمروجون قناصة!

الطلاب هدف.. والمروجون قناصة!
الطلاب هدف.. والمروجون قناصة!
الطلاب هدف.. والمروجون قناصة!
الطلاب هدف.. والمروجون قناصة!
الطلاب هدف.. والمروجون قناصة!

من ذلك الباب الذي يفتح كل صباح أيام السبت وحتى الأربعاء يدخل الطالب إلى العالم الأكبر ومنه يختلط بفئات مجتمعه على نطاق أوسع من نطاق عائلته الصغيرة، من خلال اجتماعه معهم في مبنى واحد "يسمى المدرسة"، فيتعرف على أصدقائه هناك، ويتأثر بمن هم حوله سواء كان إيجابيا أو سلبيا.
المدرسة هي الخطوة الأولى التي يخطوها الطالب نحو الولوج والانصهار مع المجتمع، من خلالها تتسع معارفه ويختلط مع أناس آخرين مختلفين عن أفراد أسرته التي ولد وترعرع بين أحضانها، ويتدرج في المدرسة عبر مراحله الدراسية بداية من الابتدائية مرورا بالمتوسطة وانتهاء بالثانوية، فهناك أصدقاء سوء يسيرون به إلى طريق الضياع والدمار، بينما هناك خيرون يدفعونه إلى سلك مسار الخير، هنا تبدأ المخاطر تحدق به، وتحديدا خلال مرحلة المراهقة، فيتربص به المتربصون من مروجي السموم وبائعيها ومتعاطيها، لإيقاعه في فخ المخدرات وجعله أسيرا لغرامها القاتل.
"الاقتصادية" انطلاقا من الرسالة التي تؤديها تجاه مجتمعها، بدأت مطلع الأسبوع الجاري فتح ملف القضية الأبرز عالميا "المخدرات" والتي تهدد الاقتصاد من جهة والاستقرار الاجتماعي من جهة أخرى، ما لها من أضرار وتأثيرات واضحة وفتاكة. فبدأت أولى حلقات التحقيق باستعراض القضية عالميا والجهود المبذولة من قبل حكومة المملكة لمحاربة تلك الآفة الخطرة، والآثار الاقتصادية، فيما كانت الحلقة الثانية عن الآثار الاجتماعية متناولة المشاكل التي تحدث في بيت المتعاطي ومقر عمله، أما الحلقة الثالثة من الملف فقد كانت سردا لقصص واقعية حدثت لمدمنين ومدمنات من أسرة مجمع الأمل، حيث رووا الأحداث التي حدث لهم إبان تلك الأيام العصيبة التي عاشوها ونقلوها لكم عبر "الاقتصادية".
#2#
"الاقتصادية" تتناول في حلقة اليوم من ملف المخدرات، محورا مهما ألا وهو دور المدارس والجامعة في التعامل مع هذه القضية الشائكة والمرعبة وكيفية تخليص أبناء المجتمع من الوقوع في غرام هذا الوحش القاتل.. فإلى التفاصيل:

أظهرت دراسة سعودية حديثة طرحها الدكتور إبراهيم الزبن رئيس قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال ورشة "المخدرات والشباب في المجتمع السعودي" التي اختتمت أخيرا في الرياض، أن تعاطي الشباب المواد المخدرة لا يمثل ظاهرة تهدد مجتمعنا وذلك في نظر الشباب أنفسهم، حيث أكدت نسبة قليلة 33.9 في المائة من طلاب الجامعة أن لهم أَصدقاء يتعاطون المواد المخدرة، وأنكر 38.9 في المائة منهم أنهم يشاركون أصدقائهم التعاطي، في حيث أكدت النسبة الأقل (16.1 في المائة) على مشاركتهم التعاطي ولو لمرة واحدة على سبيل التجريب أو التقليد.

الفراغ والمشكلات الاقتصادية

ويبين الزبن أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى تعاطي المواد المخدرة والاعتماد عليها حيث جاءت الأسباب مرتبة وفقاً لأهميتها كالتالي (المشكلات العائلية، وقت الفراغ، الملل سواء من الدارسة أو العمل، الهروب من الواقع، تقليد الآخرين، مشكلات اقتصادية وأصدقاء السوء).
وكشفت البيانات أن الأمكنة المفضلة للتعاطي بالنسبة للشباب متعددة فقد ذكرت 44.6 في المائة من طلاب الجامعة أن "البر" مكان مناسب للتعاطي بعيداً عن الرقابة أو للمتعة المصطنعة، في حين أكدت النسبة الأقل (1.8 في المائة) على التعاطي في منزل أحد الأصدقاء. الدراسة طبقت على عينة قوامها (56) من الطلاب كلية العلوم الاجتماعية قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، من المستويات الخامس حتى الثامن.
ومن النتائج الأخرى التي أظهرتها الدراسة وتحديد نظر العينة في طرق قضاء أوقات الفراغ، حيث تبين أن رأي النسبة الغالبة من الطلاب (33.9 في المائة) كان لصالح متابعة البرامج التليفزيونية بمختلف أنواعها، تليها نسبة (17.9 في المائة) مثلت الخروج مع الأصدقاء، تليها نسبة (14.3 في المائة) لصالح متابعة الصحف والمجلات، ونسبة (1.7 في المائة) للممارسة بعض الألعاب ولعب الأوراق، ومثلت النسبة الأقل (3.6 في المائة) قضاء وقت الفراغ في ممارسة العمل الخاص، ومن المحتمل أن البيانات تشير إلى اعتراف الطلاب بوقت الفراغ وأهمية ممارسة الترويح دون العمل.
وعن الوسائل التي تناول من خلالها الطلاب ظاهرة المخدرات وتعارفوا عليها أكدت النسبة الأكبر (46.4 في المائة) منهم دور الصحف والمجلات، فيها أكدت نسبة (39.3 في المائة) دور الأصدقاء والمعارف، ومثلت النسبة الأقل (5.4 في المائة) السماع عن الظاهرة ومتابعتها من الزملاء في الجامعة.
وفي تحديد الأشخاص الذين يستخدمون المخدرات بكثرة أكدت النسبة الغالبة من الطلاب (55.4 في المائة) بأنه لا فرق بين الوافدين والمقيمين في التعاطي مع المخدرات، في حين أكدت النسبة الأقل أن الوافدين هم الذين يتعاطون بنسبة (16.1 في المائة).
وكشف بيانات الدراسة رأي الطلاب في التعاطي ومخاطره، حيث أكدت النسبة الغالبة (85.7 في المائة) منهم على وجود مخاطر تترتب على التعاطي، كما كشفت البيانات المخاطر المترتبة على تعاطي المواد المخدرات.

استهداف الشباب

ويذهب الدكتور إسماعيل بن محمد مفرح مدير إدارة الإرشاد النفسي في الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في وزارة التربية والتعليم وعضو لجنة التوعية بأضرار المخدرات المتعاونة مع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، للتأكيد أن الشباب هم الفئة المستهدفة لدى كثير من المروجين والمهربين للمخدرات خاصة طلاب المدارس، ولهذا عملت وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات عدة برامج وقائية لطلاب تعرفهم بأضرار المخدرات للمرحلتين المتوسطة والثانوية، مشيرا إلى أن هناك برنامجاً توعوياً بأضرار المخدرات طوال العام مبلغاً لإدارات التربية والتعليم والمدارس كافة في كل عام دراسي يتم على ضوئه تشكيل لجنة في إدارة التربية والتعليم برئاسة مدير التربية والتعليم وعضوية مديري بعض القطاعات ذات العلاقة بالإدارة ومندوبين من إدارة مكافحة المخدرات والشؤون الصحية والثقافية والإعلام والشؤون الإسلامية ورعاية الشباب والعديد من الجهات المعنية تتولى المهام الاستشارية والإشرافية والتنسيقية لدعم البرنامج طوال العام الدراسي.

الإرشاد العلاجي

وبين الدكتور المفرح أن "التربية" تهتم وتعتني بالمدارس لأنها هي الجهة التنفيذية في تنفيذ البرامج التوعية بأضرار المخدرات في الإذاعة المدرسية وإقامة المعارض والزيارات للجهات المعنية وتنظيم المسابقات الثقافية والطلابية عن أضرار المخدرات والمعارض المدرسية الوقائية، ومن خلال البحوث والمقالات والرسوم والبرامج الحاسوبية وأسبوع التوعية الذي يتم فيه تكثيف الجهود التوعوية بالتعاون بين منسوبي المدرسة والمدارس المجاورة والجهات ذات العلاقة، وكذلك من خلال تفعيل الدور المهني للمرشد الطلابي في تقديم الرعاية الوقائية الطلابية عبر الإرشاد الفردي والجماعي المباشر وغير المباشر في مختلف مجالات الإرشاد التربوية والنفسية بما يتوافق مع الطلاب المعنيين، تفعيل دور الإرشاد العلاجي من خلال اكتشاف حالات التعاطي والإدمان بين الطلاب عن طريق المقابلات الإرشادية والملاحظة المباشرة "من قبل المرشد نفسه" وغير المباشرة "من قبل المعلمين والزملاء وأولياء الأمور والأصدقاء وغيرهم" والزيارات الصفية والاستبيانات ومواقف النشاط المختلفة، إضافة إلى استثمار موضوعات المواد الدراسية، فالعديد من المواد تشمل على موضوعات تحذر من المخدرات بشكل أو آخر، ويعتبر دور المعلم التربوي مهما في برامج التوعية بأضرار المخدرات من خلال المشاركة في برامج التوعية، كل حسب مجاله.
وأوضح أن هناك قصورا من بعض المرشدين والمعلمين في التعامل مع برامج التوعية عن المخدرات في المدارس، وكيفية التعامل مع بعض الحالات المشكوك فيها، ولهذا عمدت "التربية" لإقامة الدورات التدريبية وورش العمل والندوات والمحاضرات والنشاطات التربوية المختلفة، لتنمية مهارات مشرفي ومرشدي الإرشاد وبعض المعلمين في مجال التوعية الإرشادية الوقائية للطلاب واكتشاف الحالات وتقديم المساعدة اللازمة.

طالب متعاط

وعن تعامل المدرسة في حالة اكتشافها أن أحد الطلاب يتعاطى أحد أنواع المخدرات، أو يروجها، ذكر مدير إدارة الإرشاد النفسي في الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في وزارة التربية، أنه يتم الجلوس مع الطالب من قبل المرشد الطلابي ويتم تقيم حالته فإذا كانت في بدايتها تعالج داخل المدرسة من خلال لجنة التوجيه والإرشاد، وإن لم يتمكن المرشد من التعامل معه يتم تحويله إلى وحدة الخدمات الإرشادية في إدارة التعليم، التي تشتمل على عدد من الكوادر المختصة في التوعية والعلاج بمشاركة من وزارة الصحة، وإذا كانت الحالة تستدعي عيادات متخصصة فإن "التربية" تقوم بإرسال الطالب المتعاطي إلى عيادات نفسية متخصصة لعلاجه أو لمستشفيات الأمل وبشكل سري، بحسب ميثاق أخلاق المرشدين الطلابيين، أما المروج فيتم تطبيق قواعد السلوك والمواظبة التي تشمل حسم الدرجات وتحويلها للجهات الأمنية المعنية متى ما اقتضت الضرورة.

الكشف عن المخدرات

وعن الفكرة التي طرحها بعض التربويين بالكشف عن متعاطي المخدرات من الطلاب في المدارس، قال المفرح إن اللجنة ناقشت ذلك قبل خمس سنوات، واتضح أنها غير مجدية، حيث إنه تسبب بلبلة في المجتمع، ولأن نسبة انتشار المخدرات في المدارس قليلة، وأن الفكرة في الوقت الحالي غير مطروحة لا تربوياً ولا طبياً.
ويرجع مفرح أسباب تعاطي المخدرات بين الشباب إلى أمور عدة أهمها ضعف الوازع الديني، التفكك الأسري، أصدقاء السوء، حب التقليد، انتشار المروجين وتكوين خلايا لهم في المدارس وأماكن تجمعات الشباب بطرق ملتوية، خاصة في بعض الأحياء.

تحفظ من لقاءات المتعافين

ولم يخف الدكتور إسماعيل عدم رضاه من قيام بعض المتعاطين المتعافين بإلقاء المحاضرات والندوات في المدارس وبعض التجمعات الشبابية، حيث يقول: "إنني أقف ضد هذا الأسلوب من التوعية، لأن هذا المتعافي كأنه يقول للشباب ها أنا تعاطيت فترة طويلة، ولم يصيبني ضرر، فهي دعاية للتعاطي والتجربة، عدا أن بعض الشباب حينما يسمع لهذا المتعافي قد يحدث نفسه بالتجربة لكي يكون مثل هذه الشخصية في الشهرة، ولكي يكون له مكانة كما لهذا المتعاطي المتعافي، وأن التوعية الصحيحة تأتي عن طريق الجهات المتخصصة من رجال مكافحة المخدرات والأطباء والمشايخ".

ضعف دور المدرسة

في حين يرى الدكتور أشرف محمد شلبي باحث في المركز الوطني لأبحاث الشباب في جامعة الملك سعود، أن معظم حالات الانحراف توحي بوجود ضعف في دور المدرسة التربوي، لذا يجب أن يحدث تفاعل بين المدرسة ومحيطها، لأن الاهتمام والعناية بالشباب وتوفير الرعاية لهم ضرورة مجتمعية، تساعد في عدم وقوعهم في المخدرات، فالمؤسسات التعليمية لها دور كبير في إصلاح وتوعية الشباب والأطفال في المدارس والجامعات، ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار، مشدداً على دور الأسرة في وقاية الأبناء من المخدرات فهي الأساس المتين، فاهتمامهم ومتابعة أبنائهم يساعد على الحفاظ عليهم.
ويرى الدكتور عبد الله الرشود أستاذ الخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن المدرسة ما هي إلا مجتمع صغير يمكن من خلاله إعداد الأفراد لفهم فلسفة المجتمع الكبير، ومن ثم يعملون على تحقيق أهدافه، وذلك عن طريق تعاون الأفراد وتضامنهم داخل المجتمع المدرسي, فضلا عن إيجاد أسس وطيدة من العلاقات الإنسانية التي تسعى المدرسة إلى تكوينها بين الطلاب أنفسهم من جانب، وبين الطلاب ومدرسيهم من جانب آخر, وعندئذ ينمو الطالب ويصبح مواطنها قادرا على التعاون والتضامن داخل المجتمع الكبير.

#3#

النشاط الطلابي مطلوب

وطالب الرشود المدارس بتفعيل دور النشاط الطلابي، فأسر النشاط الطلابي يمكن لها التعرف على رغبات واحتياجات الطلاب، وبالتالي يمكن إشباعها من خلال البرامج والأنشطة المختلفة التي تمارس في هذه الجماعات من أجل التعبير عن ميولهم واحتياجاتهم وتوجيهها الوجهة الإيجابية، فيمكن من خلال أسر النشاط الطلابي حماية الطلاب من المخاطر المتعددة التي تهدد حياتهم، ومن أكثر المخاطر التي تهدد حياة الطلاب في تلك المرحلة خطر تعاطي المخدرات، حيث أصبحت مشكلة تعاطي المخدرات مشكلة صحية واجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية وأسرية، بل مشكلة قومية، نظرا للدمار الذي تحدثه هذه المخدرات سواء بالنسبة للشخص المدمن أو لأسرته أو للمجتمع بصفة عامة، لما ينتج عنها من آثار صحية ونفسية وعقلية فهي تؤثر في معظم أجهزة الجسم من حيث القوة والنشاط، كما تتأثر الحالة النفسية للفرد من حيث ميله للعدوان والانسحاب والهلوسات السمعية والبصرية والاضطراب العقلي كما تؤثر في الوظائف العقلية للفرد من حيث الإدراك والتذكر والتخيل والإنجاز، وتنفق الدولة كثيرا من الأموال والجهود في أعمال مكافحة المخدرات وعلاج المدمنين.
ويقول علي الحامد مدير إحدى المدارس الثانوية في الرياض: "إنه تم تشكيل لجنة خاصة لتوعية الطلاب بأضرار المخدرات في المدرسة مكونة من إدارة المدرسة والمرشد الطلابي ورائد النشاط ومشرف التوعية الإسلامية ومعلمين وعدد من الطلاب، حيث تقوم هذه اللجنة بوضع الخطة لتوعية الطلاب من بداية العام، عن طريق تفعيل الإذاعة المدرسية والمسرح والنشرات، والزيارات لمستشفى الأمل، واستضافة المختصين لإلقاء المحاضرات، حيث أسهمت هذه اللجنة في توعية كثير من الطلاب بأضرار المخدرات والتدخين".
وأضاف الحامد أن بعض المدارس تعاني ضعف الإمكانات المادية والخبرات المهنية في التعامل مع قضية المخدرات، حيث أن هناك نسبة كبيرة من المرشدين الطلابيين غير متخصصين، متمنياً من وزارة التربية تكثيف البرامج والدورات للمعلمين والمرشدين في التعامل مع البرامج التوعوية والعلاجية.
وقال عبد الله المجاهد مرشد طلابي للمرحلة الثانوية، إن الصورة ليست واضحة في التعامل مع الطلاب المتعاطين، فهي غامضة، "فالتربية" وضعت عقوبات في لائحة السلوك والمواظبة، وتعاملت بشكل سطحي في قضية علاج المتعاطين من الطلاب.
واعتبر أن ما تقدمه المدارس من برامج توعوية مقبولة بحسب الإمكانات المتاحة في المدارس، أما إذا قورنت بالهجمة التي يشنها المروجون والمهربون في إغراق الشباب للمخدرات في هذه البلاد فتعد ضعيفة.
وكشف أن الاختبارات موسم ذهبي للمروجين وباعة المخدرات لزيادة فرائسهم ووقوع ضحايا جدد من الطلاب في مستنقع التعاطي.

#4#
#5#

الأكثر قراءة