وزارة العمل ترد منتقديها: بطالة السعوديين خطيرة ولا يمكن التعامل معها بالمسكنات

وزارة العمل ترد منتقديها: بطالة السعوديين خطيرة ولا يمكن التعامل معها بالمسكنات
وزارة العمل ترد منتقديها: بطالة السعوديين خطيرة ولا يمكن التعامل معها بالمسكنات

إشارة إلى ما جاء في مقال الدكتور عبد الرحمن محمد السلطان في جريدتكم الغراء في عددها رقم 5698 وتاريخ 23/5/1430هـ تحت عنوان "هل تدرك وزارة العمل ما تعنيه السعودة", وكذلك ما جاء في العدد رقم 5705 وتاريخ 1/6/1430هـ وتحت عنوان "أيضا وزارة العمل غير مدركة لواقع سوق العمل" واللذين تناول فيهما العقبات التي تعترض عملية إحلال السعوديين مكان الوافدين في مؤسسات القطاع الخاص, وأثر ذلك في زيادة حجم البطالة, وتفضله بتقديم بعض المقترحات والحلول التي رأى أنها يمكن أن تساهم في علاج هذه الأزمة.
أولا: أشكر اهتمامكم على تناول القضايا التي ترتبط بمصلحة هذا البلد وحرصكم على إثارتها ومناقشتها بأسلوب راق وفهم متقدم.
ثانيا: لعلكم تدركون الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة العمل من أجل محاربة مشكلة البطالة وحرصها على توفير أكبر قدر من فرص العمل للمواطنين في مؤسسات القطاع الخاص باتخاذها العديد من القرارات التي ساهمت في تخفيف نسبة البطالة وسعودة الكثير من المهن التي يقبل عليها الشباب السعودي من حملة الشهادات المتوسطة كوظائف الحراسات الأمنية وأماكن البيع.
#2#
وفي هذا الصدد فقد حرص معالي الوزير الدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي على وضع أهداف وأولويات للتعامل مع مشكلة البطالة بمجرد تسلمه مهامه في الوزارة.
وشدد الوزير في تلك المبادئ على أن مشكلة البطالة بين السعوديين تمثل تحديا خطيرا لا يمكن التعامل معه بالمهدئات والمسكنات والإجراءات الرمزية, وأنها تحتاج إلى قرارات حازمة وحاسمة وقد تكون أليمة في بعض الأحوال.
وفي الكلمة التي ألقاها في جمعية الاقتصاد السعودية في يوم الأحد 12/11/1425هـ، الموافق 2/1/2005م أكد معالي الوزير أن السبب الأول والأخير لمشكلة البطالة بين السعوديين يتمثل في هذا الطوفان الهادر الغامر من العمالة المستقدمة وقال: في سنة 1390هـ ـ 1970م كانت العمالة الأجنبية تمثل قرابة 15% من مجموع القوى العاملة,بينما شكل السعوديون 85% من هذه القوى,بعد ثلث قرن انقلبت الصورة رأسا على عقب.
وأضاف: خلال السنوات الأربع الأخيرة كان عدد العمال الوافدين كل سنة ـ أقول كل سنة ولا أقول كل عقد, قرابة المليون, وإحصائيات وزارة العمل اليوم تشير إلى أن نسبة السعوديين في مؤسسات القطاع الخاص التي يتجاوز عمالتها 20 عاملا هي 15%, أما نسبتهم في تلك المؤسسات التي يقل عدد عمالها عن عشرين فهي اقل من 3%.
وأكد معالي الوزير خلال كلمته أن هذه الملايين من العمالة منخفضة التكلفة أدت إلى تمدد مصطنع هائل في العرض ساهم في انخفاض هائل في التكلفة جعل سوق العمل في المملكة مختلا اختلالا جذريا, حيث أشارت إحصائيات وزارة العمل إلى أن متوسط تكلفة العامل السعودي هو 3495 ريالا شهريا بينما متوسط تكلفة العامل الأجنبي هو 1133 ريالا شهريا, أي أقل من الثلث.
وتساءل معاليه: هل يمكن لنا أن نتصور مجرد تصور, وضعا يقدم فيه رجل أعمال, أي رجل أعمال في أي محل من العالم على توظيف عامل مواطن وأمامه عامل أجنبي بثلث التكلفة؟ هل بوسعنا أن نعرض الوطنية لهذا الامتحان الصعب ثم نتوقع أن تنجح في الامتحان؟
وواصل حديثه قائلا: إذا سلمنا أن العامل الأجنبي منخفض التكلفة هو سبب بطالة العامل السعودي مرتفع التكلفة فإن علينا, أقول علينا ولا أقول لنا، أن نسلم بأنه يستحيل أن نحل مشكلة البطالة بين المواطنين والسوق مليء بملايين العمال ذوي التكلفة المنخفضة وأبواب الاستقدام مفتوحة على مصراعيها, وإذا سلمنا بهذه المقولة, فإن علينا, أقول علينا, ولا أقول لنا، بأن نسلم أن خفض الاستقدام خفضا حقيقيا ملموسا هو الخطوة الحقيقية الأولى لمعالجة البطالة.
وأكد معالي الوزير أنه قال بالحرف الواحد في بيان بعد تكليفه بأعباء وزارة العمل: إن وزارة العمل سوف تعمد على الفور إلى إنقاص سقف العمالة الوافدة بشكل ملموس وعلى نحو منهجي متدرج لا يضر بالتنمية, ويأخذ حاجات القطاع الخاص الحقيقية بعين الاعتبار, وترجو الوزارة من الجميع أن يحصروا طلباتهم من العمالة الوافدة في أضيق حد ممكن, حيث إنها لن تصدر تأشيرات العمالة إلا عند وجود حاجة فعلية تقتضي ذلك.
وقال: لم يكن ما قلته وقتها صادرا عن خيال واسع ولا عن فوضى خلاقة ولا عن تفاؤل مفرط, ولكنه كان يمثل الحقيقة لا كما أراها فحسب, ولكن كما جسدتها قرارات ودراسات وندوات وتوصيات متتابعة عبر السنين, كنت أحسبني وقتها أتحدث عن إجماع وطني شامل كاسح لا يشذ عنه أحد, لكن ـ والحديث لمعالي الوزير ـ أدركت أن ما كنت أتصوره إجماعا كاملا كان في الحقيقة إجماعا ناقصا, سرعان ما ارتفعت أصوات هنا وهناك تقول إن الاستقدام لا علاقة له من بعيد أو قريب بمشكلة البطالة.
ثالثا: وعطفا على تلك الأولويات التي حددها معاليه في ثلاثة عشر هدفا وما نتج عنها من قرارات تمت سعودة الكثير من المهن لخلق مزيد من فرص العمل للسعوديين, كما تم رفع نسبة السعودة في بعض المهن لنفس الغرض.
رابعا: لم تغفل الوزارة جانب التأهيل والتدريب لحملة الشهادات الثانوية فما دون وهي الفئة التي تشكل أكبر نسبة من البطالة، فقد حرصت على جذب هؤلاء لدخول المعاهد والكليات التقنية التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بحوافز يندر أن تجدها في أي بلد في العالم, ونظمت حملات إعلامية كبيرة لهذا الأمر كان نتيجته في النهاية تقديم كفاءات مؤهلة ومدربة لسوق العمل السعودي استفادت منها مؤسسات القطاع الخاص.
خامسا: إن الواقع الغريب الذي أشرتم إليه المتمثل في تواجد 70% من قوة العمل في المملكة من الأجانب، هذا الواقع لم يتشكل فجأة, فجذوره تعود إلى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي مر بها المجتمع السعودي منذ منتصف السبعينيات الميلادية, كنتيجة حتمية لزيادة الطلب على عنصر العمل للوفاء بمتطلبات التنمية والإنفاق الحكومي المتزايد، وللأسف فإن الآثار السلبية التي صاحبت هذا التوسع، تقوم على استخدام العمالة الوافدة الرخيصة الأجر لسد الفجوة بين العرض المتاح والطلب المتزايد, وكنتيجة لذلك قامت أنشطة اقتصادية هامشية, ونشأت من جراء ذلك مفاهيم غريبة في العمل التجاري والاقتصادي تقوم على الكسب السريع دون جهد حقيقي، ووزارة العمل بالتشارك مع الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص تحاول جاهدة وضع الإجراءات الإدارية التنظيمية التي تساعد على تصحيح هذا الاختلال.
سادسا: إن مكافحة البطالة في جميع أنحاء العالم هي مسؤولية الجميع وليست مسؤولية وزارة العمل وحدها, فالبطالة في الدول الأخرى تتم مكافحتها عن طريق السياسات المالية والنقدية للدولة, وعن طريق إصلاح النظام التعليمي, وتكاتف فعاليات المجتمع لزيادة وعي الناس بأهمية قيم العمل الإيجابية, وأهمية أن يكون الإنسان منتجا.
حطاب بن صالح العنزي
مدير عام
إدارة العلاقات العامة والإعلام
المتحدث الرسمي لوزارة العمل

الأكثر قراءة