الاتحاد النقدي في الخليج .. وانسحاب الإمارات

الاتحاد النقدي في الخليج .. وانسحاب الإمارات

تدعم الإمارات منذ عقدين إقامة اتحاد نقدي في الخليج. وفي الـ 20 من أيار(مايو)، أعلنت أنها ستنسحب من المحادثات، ولكنها، بطريقة مبهمة، لم توضح أسباب هذا القرار. ويثير انسحابها تساؤلات خطيرة عن قدرة حكومات الخليج على التغلب على الخلافات السياسية القديمة من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي والمالي.
وقبل أسابيع، قرر حكام الخليج، مشيرين إلى ماستريخت (البلدة الهولندية التي ولد فيها اليورو)، أن يكون مقر البنك المركزي المخطط له في السعودية. ويبدو أن أبوظبي أخذت هذا القرار بصورة شخصية. فقد اعترف مسؤول في الإمارات في مقابلة له مع "رويترز" أن القرار سيضعف الاتحاد النقدي وقال أن بلاده هي أفضل مكان لإقامة البنك.
ولم يكن أحد يتوقع أن تحرز دول الخليج تقدما سريعا نحو إقامة عملة موحدة. فالصعوبات أمامها كثيرة، خاصة مشكلة توليد الإرادة السياسية للدفاع عن البنك المركزي ضد المصالح الوطنية. وفي الواقع، فإن إعلان الإمارات هو بمثابة تذكير للكيفية التي لا تزال بها المنطقة رهينة اتخاذ القرارات الاعتباطية. فقد تم الإعلان عنه بعد يومين فقط من تخفيض دبي رتبة وزير ماليتها، ناصر الشيخ، الذي كان يحاول جعل حالة الديون للإمارة أكثر شفافية.
ولكن من وجهة نظر اقتصادية بحتة، تغلبت المنطقة بالفعل على بعض العقبات أمام إقامة عملة موحدة. فدول مجلس التعاون الخليجي تربط عملاتها بالدولار، باستثناء الكويت، التي تستخدم سلة من العملات التي يهيمن عليها الدولار. (الأعضاء هم البحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات؛ انسحبت عُمان بالفعل من مشروع الاتحاد النقدي) لذا فهي معتادة على الاستعانة بمصادر خارجية لسياسة أسعار الفائدة.
كما أن الاقتصادات متشابهة نسبيا في هيكلها، مع أنها تواجه على المدى القصير بعض الصعوبات في تلبية معايير التقارب التي حددتها لنفسها، القائمة على معايير الاتحاد الأوروبي إلى حد ما. وتتباين معدلات التضخم بشكل كبير، والعجز المالي الذي اختفى تقريبا منذ بداية الطفرة النفطية عام 2003 على وشك الظهور من جديد في بعض الدول هذا العام.
وتعني حقيقة أن معظم عملات الخليج مرتبطة فعليا ببعضها البعض أن منافع الاتحاد محدودة، مقارنة بمنافع الاتحاد الأوروبي. ويستطيع المسافرون بالفعل استخدام الريال القطري في السعودية مثلا. إلا أن الكثيرين في الصناعة المالية في المنطقة يقولون إن العملة الموحدة ستعزز الروابط الاقتصادية وتساعد البنوك على تطوير منتجات وخدمات عابرة للحدود.
علاوة على ذلك، قد تشعر دول الخليج أنها أكثر أمنا بشأن تحرير عملة ما في النهاية على مستوى الخليج، بحيث تكون مدعومة من قبل احتياطات عدة دول. ويؤيد عديد من الاقتصاديين في المنطقة إقامة نظام عملات أكثر مرونة، بدءا بسلة العملات على غرار الكويت، حيث يمكن أن تعكس أسعار الفائدة واقع المنطقة التي لديها اقتصاد مختلف تماما عن الاقتصاد الأمريكي.
وعلى الرغم من الخطوة التي اتخذتها الإمارات، إلا أن بقية الدول التي تدعم الاتحاد النقدي تبدو متحمسة للمضي قدما. وتحاول كل من تلك الدول الترويج لنفسها بوصفها مركزا ماليا إقليميا. وقد تستغل بعضها سرا انسحاب الإمارات بوصفها ذخيرة ضد مزاعم دبي في هذا الصدد.

الأكثر قراءة