مواصفات القائد تحقق الرؤية المستقبلية للشركات

مواصفات القائد تحقق الرؤية المستقبلية للشركات

أن تكون صاحب رؤية تواقة للمستقبل، تتصوّر إمكانيات مثيرة وتستخدم أخرى في وجهة نظر مشتركة عن المستقبل، هي أكثر الصفات التي تميّز القادة عن غيرهم. ونحن نعلم هذا لأننا سألنا الموظفين المرؤوسين.
وفي دراسة استطلاعية لمشروع جارٍ شملت عشرات الآلاف من العاملين حول العالم، سألنا: "ما الذي تبحث عنه، وتقدّره في القائد (حيث يتم تعريفه كشخص ترغب بأن تتبع الاتجاه الذي يسير فيه)؟"، ومن ثم سألنا: "ما الذي تبحث عنه، وتقدره في الزميل (ويتم تعريفه بأنه شخص ترغب بأن يكون موجوداً ضمن الفريق الذي تعمل فيه)؟". إن المطلب الأول الذي لا بد أن يكون متوافراً في القائد هو الأمانة، حيث احتلت الأمانة المرتبة الأولى في الصفات المميزة للزميل الجيد كذلك. ولكن ثاني أهم مطلب كان لابد أن يكون متوفراً لدى القائد هو أن يكون أو أن تكون صاحب أو صاحبة رؤية توّاقة للمستقبل، ولا تنطبق تلك سوى على دور القائد. ونحو 27 في المائة فقط من الخاضعين للدراسة اختاروها لتكون صفة في الزميل، بينما نحو 72 في المائة أرادوها أن تكون في القائد. (ومن بين الخاضعين للدراسة الذين يحتلون مناصب عليا في المؤسسات، كانت النسبة المئوية أعلى، بما يعادل 88 في المائة). ولم تُظهر صفة أخرى هذا الفرق الدراماتيكي بين القائد والزميل.
ويشير ذلك إلى تحدٍ كبير في ارتقاء المناصب التنفيذية: إن الصفة المميزة التي تفصل بين القائد، والمساهمين الفرديين هي صفة لم تكن تتسنى لهم إظهارها في مناصب سابقة غير قيادية. وربما لهذا السبب، قلة من القادة يبدو أنهم اتخذوا التطلع إلى المستقبل كعادة؛ وإن الباحثين الذين يدرسون النشاطات العملية للرؤساء التنفيذيين يقدرون أن نحو 3 في المائة من الوقت النموذجي لقادة النشاطات العملية يُقضى في التصوّر والاستخدام. وإن التحدي كما نعلم، يتصاعد فقط مع ارتقاء المستوى الإداري: حيث على القادة على الجبهة الأمامية أن يتوقعوا فحسب ماذا سيحدث بعد الانتهاء من المشاريع الجارية. أما الأشخاص في المستوى التالي من القيادة فلابد أن يتطلعوا إلى عدة أعوام في المستقبل. أما أولئك الذين يشغلون المناصب الرئاسية فلابد أن يصبوا تركيزهم على أفق ما بعد عشرة أعوام.
لذا، كيف يعمل القادة الجدد على تطوير هذه القدرة التواقة للمستقبل؟ أولاً، بالطبع، عليهم أن يعزموا على اقتطاع وقت من مسائل تشغيل عاجلة ولكن لا نهاية لها. ولكن الأهم من ذلك، بينما يقضي القادة مزيدا من الوقت في التطلع إلى المستقبل، عليهم ألا يعتمدوا إلى حدٍ كبير على قدرتهم الغيبية. ولابد من تقليل قيمة هذه النقطة لأنه، وبطريقةٍ ما، وفي غمرة كل الأقاويل على مدار هذه الأعوام بشان أهمية الرؤية، وصل عديد من القادة إلى الاستنتاج سيئ الحظ بأنهم كأفراد لابد أن يكونوا حالمين. ومع تطوّر القادة الذي يحثّهم عليه الخبراء، بدأوا يحملون صورة كمبعوثين من المستقبل، ويقدمون أخباراً عن كيفية تحوّل أسواقهم ومؤسساتهم في المستقبل.
فكرة سيئة! إن هذا ليس ما يريدوه الناخبون. نعم، على القادة أن يسألوا، "هل من جديد؟ وماذا سيكون لاحقاً؟ وما الأفضل؟"، ولكنهم غير قادرين على تقديم الإجابات التي لا تعبّر سوى عنهم. وإن الناخبين يريدون رؤى من المستقبل، بحيث تعكس طموحاتهم. وهم يريدون كذلك أن يسمعوا كيف ستتحقق أحلامهم، وكيف سيتم تنفيذ آمالهم. وقد توصلنا إلى هذا الاستنتاج من تحليلنا الأخير الذي شمل نحو مليون رد على تقييمنا للقيادة، والذي يحمل عنوان: "مخزون ممارسات القيادة – The Leadership Inventory". وتطلعنا البيانات على أن ما يناضل من أجل القادة هو محاولة إيصال صورة عن المستقبل ترسم الآخرين ضمنها، وتتحدث عمّا يراه الآخرون، ويشعرون به.
وتعلّم بودي بلانتون، مدير البرنامج الرئيسي في روكويل كولينز، هذا الدرس مباشرة. فسأل بلانتون فريقه عن بعض التغذية الراجعة إزاء قيادته، والأغلبية العظمى من التغذية كانت إيجابية وداعمة. ولكنه حصل على نصيحة قوية من فريقه حول كيف بإمكانه أن يكون أكثر فعالية في الإيحاء برؤية مشتركة. وقال أحد تابعيه المباشرين: "ستستفيد عن طريق مساعدتنا، كفريق، في فهم كيفية توصلك إلى رؤيتك. نحن نريد أن نسير معك بينما تخرج بأهدافك، ورؤيتك، وبالتالي نتوصل إلى الرؤية النهائية معاً".
وكأمر مضاد للحدس كما يبدو الأمر، فإن أفضل طريقة لقيادة الناس إلى المستقبل هي وصلهم بعمق بالحاضر. وإن الرؤى الوحيدة التي يكون لها وقع ثابت هي الرؤى المشتركة، ولا يمكنك أن تتوصل إليها سوى حين تستمع عن كثب إلى الآخرين، وتقدّر آمالهم، وتصغي إلى احتياجاتهم. وإن أفضل القادة قادرون على حمل الناس إلى المستقبل لأنهم ينخرطون بأقدم شكل من أشكال البحث: يراقبون الحالات الإنسانية.

* جيمس إم كوذيذ هو العميد، والأستاذ التنفيذي للقيادة ، وباري زيد بوسنر، هو عميد كلية ليفي للأعمال في جامعة سانتا كلارا. وهما مؤلفا "تحدي القيادة"، وما يزيد على دزينة من الكتب الأخرى حول القيادة، وهي تشمل "إرث القائد ومصداقيته – A Leader’s Legacy, Credibility"، و "تشجيع القلب – Encouraging the Heart".

الأكثر قراءة