اختطاف مخ ألبرت أينشتاين
على الرغم من وفاته في الخمسينيات من القرن الماضي إلا أن العالم الفيزيائي الكبير ألبرت أينشتاين ما زال يحظى بوهج إعلامي كبير دل على ذلك الكتب التي ترى كل عام تناقش حياته الخاصة أو تلك المتعلقة بنظرياته الفيزيائية. على أن كتاب فالتر أسهاكسون الذي صدر عام 2007م قد جلب الأضواء مجدداً إلى ألبرت أينشتاين، فإضافة إلى البراعة التي خط بها أسهاكسون كتاب "ألبرت أينشتاين: فضاؤه وحياته" فإن الكتاب قد ألم بكل جوانب حياة ألبرت أينشتاين حتى أنه أطلق العنان للتخمين حول تلك الخبايا من حياته والتي لم يُمط اللثام عنها حتى الآن.
إلا أن ما حدث لألبرت أينشتاين بعد وفاته قد أعطى للرجل بعداً أسطورياً مهماً. فبعد الوفاة -يذكر أسهاكسون - أن جسد أينشتاين قد نُقل إلى مشرحة مستشفى جامعة برنستون لعمل التشريح الروتيني للجثة. وتولى مهمة التشريح الطبيب توماس هارفي الذي قام إضافة إلى تشريح الجثة بجلب منشار وفتح جمجمة أينشتاين ليقوم بعد ذلك بانتزاع المخ وإغلاق الجمجمة مرة أخرى دون أن يترك أثراً على فعلته تلك.
ظل الخبر طي الكتمان لمدة أسبوع قبل أن ينطق أحد أبناء توماس هارفي في المدرسة ويشير إلى أن "مخ ألبرت اينشتاين" بحوزة أبيه، عندها تطايرت الأخبار عن ذلك الحدث وصارت حديث كل الناس.
وتوارى توماس هارفي عن الأنظار، وأخذ يتنقل من ولاية إلى أخرى خفية بعد أن علمت الصحافة الأمريكية بما أقدم عليه طمعاً في الظفر بلقاء معه. وأخذ هارفي على عاتقه حماية تلك الوديعة المهمة ولكن ونزولاً عند إلحاح عديد من الباحثين والمهتمين بدراسة العبقرية وتجلياتها، قام هارفي بنزع قطع صغيرة من مخ أينشتاين وإرسالها إلى عديد من هؤلاء إلا أن أياً من النتائج عن تميز مخ أينشتاين فيسيولوجيا لم تظهر وجود خاصية مميزة له عن ما يمتلكه بقية البشر.
أخذ هارفي في التنقل من ولاية إلى أخرى واضعاً "مخ" أينشتاين في علبتين كبيرتين محكمتي الإغلاق تقبعان في مؤخرة سيارته.
لاحق الصحافيون هارفي وتمكن بعضهم من مرافقته ومشاهدة العلبتين اللتين تحويان مخ ألبرت أينشتاين. من هؤلاء الكاتب الصحافي مايكل باترنيتي الذي ألف كتاباً عن تلك القصة أسماه "عندما قدت السيارة بصحبة ألبرت أينشتاين" . نُشر الكتاب فحقق شهرة عريضة وحطم أرقاماً قياسية في حجم مبيعاته.
بعد 40 عاماً من الترحال بصحبة "مخ ألبرت أينشتاين" قرر هارفي في عام 1998م وقد بلغ من العمر 86 عاماً التخلي عن "مخ" أينشتاين وذلك بتسليمه لصديقه وخلفه في مشرحة طب جامعة برنستون لكن وجد العلماء الذين قاموا بفحص العينات التي سلمها هارفي أن تلك العينات الموجودة قد طالها العطب والتلف نتيجة وسائل الحفظ التي استخدمها هارفي من جهة وطول المدة التي قضاها في الترحال من ولاية إلى ولاية.
من المعقول أن يُحاط أي عظيم من العظماء بهالة من التقدير والتبجيل في حياته، ومن الممكن أن يذكر وتحاك حوله الأساطير بعد مماته، إلا أن قصة اختطاف قطعة من جسده والتمسك بها والتواري عن الأنظار من أجلها لا يبدو أنها ستتكرر مع أي نابغة آخر.
عدد القراءات: 418