الانتقام من المدير انتقاماً آمناً وشافياً
في المملكة المتحدة، نقوم بالأمر برمي طوبة عبر نافذة المدير. وفي فرنسا، يقومون بالأمر بمفتاح يقفل على المدير باب مكتبه. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يقومون بالأمر بالاستهزاء بمديريهم على موقع تويتر – Twitter.
إن موظفي العالم يتحدون، وليس هنالك الكثير مما يدعوهم إلى فك قيودهم التي تأسرهم سوى الانتقام من مديريهم. وإن الغضب المعادي للمدير رائج للغاية الآن أكثر مما كان عليه طوال حياتي، وأجد أنني أرى عرضاً فظاً باندفاعات متناوبة من الغبطة وعدم الراحة. وإن الغضب بحد ذاته يبدو منصفاً بما فيه الكفاية؛ والمشكلة هي اختيار منافذ التنفيس عن الغضب التي يبدو أن بعضها جذاب أكثر من غيره.
إن الأسلوب البريطاني برمي الطوب على النوافذ هو الأقل جاذبية في المجموعة. فهو أسلوب بشع، وهمجي، وغير قانوني، وإضافة إلى ذلك هو مصحوب بنتائج عكسية. وكان السير فريد جودوين، الرئيس التنفيذي السابق لبنك رويال بانك أوف سكوتلاند، أحد أكثر الرجال المعرضين للشتم في البلاد إلى أن جاء أحد الحمقى وقذف طوبة عبر نافذة غرفة المعيشة في منزله في أدنبره، الأمر الذي جعل هذا المصرفي المخزي أحد أكثر المصرفيين شعبيةً من جديد.
#2#
أما الطريقة الفرنسية للتنفيس عن الغضب فهي عن طريق الجنون الجديد "لاختطاف المديرين"، حيث يُبقي الموظفون على مديريهم محتجزين طوال ساعات، فهي طريقة مفضلة بصورة هامشية، فهي تتصف بسحر سطحي لساحة اللعب، وتنسجم مع الحب الفرنسي للاحتجاج بطريقةٍ ما، ولكن في غير ذلك فإنه لا يُنصح بها إلى حدٍ كبير.
وأذكر السعادة التي غمرتني كمراهقة حين قامت إحدى الزميلات بالإغلاق على معلمة التربية البدنية في خزانة صغيرة يُحتفظ فيها بعصي الهوكي. إن حبس المعلمة لم يكن خطئي، وبالتالي أعطاني صوت المفتاح الذي أغلق عليها سعادة غامرة. على أية حال، فقد حل مكان السعادة الغامرة بسرعة فزع، وقلق: لم يرق لي التفكير فيها وهي في الظلام في تلك الخزانة ذات الرائحة الكريهة. إن حبس شخصٍ ما، حتى وإن كان على وشك الصراخ عليك لعدم تمكنك من القفز على ظهر الحصان، لم يكن سليماً أمام نفسي وأنا في الـ 13 من عمري، ولا يزال الأمر كذلك الآن.
وبالمقارنة، فإن الطريقة الأمريكية للتنفيس عن الغضب على شبكة الإنترنت هي الأكثر جاذبية. إذ أنها سلمية، وقانونية، ومسلية، وتجعل العقوبة مناسبة للجريمة.
إن آخر ضحية لهذا النوع من الهجوم هو جون في سودن الثالث، المدير الإداري العام لشركة توماس فايزل بارتنرز – Thomas Weisel Partners، البنك الاستثماري في سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا.
فعلى ما يبدو أنه تم إرسال بريد إلكتروني من موقع جاوكير – Gawker، من قبل سودن في يوم الجمعة العظيمة معطياً تعليمات للموظفين بالمجيء إلى العمل. " الرجاء الحضور إلى المكتب إلا إذا كنت أرثوذكسياً. انضم إلى ويلز فارجو، واعمل كأمين صندوق إذا كنت تريد أن تحصل على عطلة البنوك لاحقاً"، كما جاء في البريد.
وأثارت الرسالة الكئيبة غضب الموظفين من أجل إنشاء حساب مزيف على موقع تويتر تحت اسم سودن بزقزقات تقول "أحب حياتي"، و "المحلل يتجنب العمل من جديد، وتوجهت إلى المسجد لأعيده إلى العمل، وإنها أزمة سير مقرفة".
إن السخرية كوسيلة انتقام هي واحدة من أكثر الأساليب المميتة، وهي مستخدمة منذ أمد بعيد قبل ابتكار الإنترنت. ففي عام 1992، انخرطت في إسقاط المدير الطاغي من مكانه، برغم أن دوري كان عرضياً، فقد كنت استمتع بالأمر منذ ذلك الحين. وذهبت في مقابلة مع بوب هورتون، الذي كان حينها مديراً لشركة بريتيش بيتروليوم، حيث أخبرني بصورة وقورة مدى أهميته، ومدى انشغاله، وقوته. وتم انتهاز مقالتي (التي كررت ما قاله، ولكن كانت إلى حدٍ ما لطيفة) من قبل زميل داخلي كتب اقتراحاً ساخراً بأن هورتون كان ودوداً مع بول بوت، وأن أثاث مكتبه كان على غرار عرش نابليون. وتم تداول ذلك بصورة واسعة، وتعالت الضحكات لذلك، وفي غضون أسابيع، تم إخراج هورتون بفعل انقلاب من جانب مجلس الإدارة.
وبفضل الإنترنت، لم يعد المرء بحاجة إلى العنصر الهجائي ليتسبب بالضرر. فإن كلمات الضحية نفسها يمكن أن تكون أكثر من كافية، كمستشار جوردون براون، داميان ماكبرايد، الذي عُثر عليه الأسبوع الماضي عندما كانت رسالته الإلكترونية الدنيئة تحاول تشويه سمعة زعماء المعارضة حين تسربت إلى موقع إلكتروني سياسي. ولم ينقلب عليه حزبه فقط، ولكن البلاد بأكملها.
وليس هنالك من أمر مسلٍ أكثر من النظر إلى سقوط المديرين، ليس على سيوفهم ولكن على كلماتهم. وقدّم ديفيد جرير، الرئيس التنفيذي لشركة شل، الكثير من التسلية للعديد من الناس برسالته الإلكترونية التي تسربت، وجاءت فيها مطالبته موظفيه بالقول "قودوني، اتبعوني، أو ابتعدوا عن طريقي". وتماماً كما تم استخدام الجماهير الغاضبة للاستمتاع برمي الخضار المهروسة على الناس في المخازن، فإن الموظفين الغاضبين يقرأون الرسائل الإلكترونية المتسربة مثل تلك، ويتمتعون بقذف تعليقاتهم الصاخبة في الفضاء الرقمي.
إن معظم المديرين حساسون للغاية إزاء إرسال رسائل إلكترونية مفرطة يمكن أن تضعهم في مأزق من هذا النوع، وإن معظم الموظفين حساسون للغاية إزاء استخدام الطوب، أو المفاتيح، مما يعني أنه لابد من إيجاد أساليب أخرى للتنفيس عن الغضب. وهنا تصبح الإنترنت هي النصيحة الأمثل.
إن اقتراحي المفضل هو رفع مكتب المدير قليلاً كل يوم، وتخفيض كرسيه، لإعطائه الشعور بأنه يتقلص. وهنالك نصيحة أخرى لإدراج صورة محرجة وسط شرائح عرضه التقديمي المتعلق بالاقتصاد الكوري. وأخرى ثالثة، وهي فك سلك لوحة المفاتيح من جهازه، وبالتالي سوف يستدعي مساعدة شعبة التقنية، ومن ثم يبدو كالأحمق حين يعيدون وصله له. وإن هذه المقترحات تبدو بالنسبة لي موازية لوضع ورقة لاصق على ظهر المعلم مكتوب عليها "ارفسني". وكنت أعتقد أن مثل هذه الأمور كانت مضحكة للغاية حين كان عمري 13 عاماً، ولكنني لا أعلم إذا كنت في مزاجٍ لذلك الآن.
وهنالك طريقة أخرى لتجسيد الانتقام وهي أكثر أمناً، وأكثر احتراماً، ولكنها تستلزم فترة أطول، وهي ألا تقوم بشيء إطلاقاً.
يمكن القول إن كل شخص ينال قصاصه في النهاية. وكل مدير سيئ، وحتى بعض المديرين الجيدين، سوف يعلقون بمصيدة من تلقاء أنفسهم فقط إذا انتظر المرء طويلاً بما فيه الكفاية.