كآبة وازدهار

كآبة وازدهار

تسود الفوضى بورصة طوكيو- ليس في طابق التداول القديم، ولكن في الطوابق العلوية، حيث يتزاحم مسؤولو وسعاة الشركة في الممرات ويقفون في طوابير لتسلم النتائج السنوية. فشهر أيار(مايو) هو موسم إيرادات الشركات في اليابان - من المقرر أن تقدم 434 شركة عامة نتائجها في 15 من أيار (مايو) فقط. والخسائر المالية كبيرة هذا العام.
وقد أبلغت شركة تويوتا عن أول خسارة سنوية لها منذ 71 عاما، حيث بلغت 437 مليار ين (4.3 مليار دولار)، بعد أن حققت صافي أرباح بقيمة 1.71 تريليون ين في العام السابق. وتكبدت شركة هيتاشي خسارة بلغت 787 مليار ين، في حين خسرت توشيبا 343 مليار ين وتسعى إلى جمع 500 مليار ين كرأسمال جديد. ويتوقع أن تبلغ نحو 30 في المائة من الشركات العامة في اليابان، البالغ عددها 3820 شركة، عن خسائر عام 2008، وفقا لمؤشر Nikkei لخدمة الأخبار المالية. والأوضاع أليمة جدا، حيث إن البرلمان الياباني أقر تشريعا في نيسان (أبريل) يجيز للحكومة المساعدة على إنقاذ الشركات المضطربة. ويقال أن شركة Pioneer للإلكترونيات وشركة Elpida لصنع الرقاقات تحاولان الحصول على 80 مليار ين بينهما.

إلا أن الأخبار ليست كئيبة كلها. فبعض الشركات اليابانية مزدهرة. وأحد أسباب ذلك هو أن المستهلكين، كما في أي مكان آخر، تحولوا إلى سوق المستهلكين منخفضي الدخول. فقد شهدت شركة Toyo Suisan Kaisha، التي تصنع المعكرونة سريعة التحضير، ارتفاع مبيعاتها مع تحول المستهلكين إلى السلع الأرخص، وكذلك شركة Nitori التي تصنع الأثاث الأنيق ولكن الرخيص. وتجاوزت مبيعات متاجر التجزئة الصغيرة مبيعات مراكز التسوق الكبيرة للمرة الأولى في عام 2008، مما يشير إلى تحول من السلع الأنيقة إلى السلع الرخيصة.
إلا أن السبب الآخر للأداء القوي لبعض الشركات خاص باليابان. ففي الأسواق الأكثر تنافسية، تميل الشركات للابتكار في الأوقات الجيدة والسيئة، كما يشرح Yuko Kawamoto من جامعة Waseda، ولكن في اليابان لا تجرب الشركات والمستهلكين أشياء جديدة إلا في أوقات الركود. وخلال "العقد الضائع" لليابان في التسعينيات، ازدهرت بعض الشركات عن طريق إدخال منتجات عالية الجودة بأسعار منخفضة.
وهناك شركتا تجزئة تطورتا تماما خلال العقد الضائع وأداؤهما جيد بصورة خاصة هذه المرة أيضا، وهما Uniqlo و Muji. وقد شهدت شركة Fast Retailing، الشركة الأم لـ Uniqlo، التي تبيع الملابس غير الرسمية، ارتفاع مبيعات المتجر نفسه بنسبة 19 في المائة في نيسان (أبريل) مقارنة بالعام السابق، وهي سادس زيادة شهرية على التوالي. وتتوقع شركة Ryohin Keikaku، الشركة الأم لـ Muji، التي تبيع كل شيء من الزجاجات البلاستيكية إلى المنازل الجاهزة، أن تزيد مبيعاتها هذا العام بنسبة 3 في المائة.

وكلمة Muji، وهي اختصار لـ Mujirushi Ryohin، تعني حرفيا "سلع ذات جودة عالية لا تحمل علامة تجارية." وفي اليابان المهووسة بالعلامات التجارية، كان هذا تحولا كبيرا. وقد بدأت في الثمانينيات كعلامة تجارية عامة لسلسلة Seiyu، وهي سلسلة محال سوبر ماركت، وسرعان ما نمت لتضطلع بدور أكبر من هذا الدور. وتشتهر بتواضع تصاميم منتجاتها وأسعارها المعقولة، وهي تشغّل نحو 350 محلا في اليابان، إضافة إلى 100 متجر في الخارج تشكل 10 في المائة من عائداتها. وتخطط لزيادة عدد المتاجر الخارجية خلال العامين المقبلين.
وقد بدأت Uniqlo أيضا في الثمانينيات تحت اسم Unique Clothing Warehouse، ولكنها برزت إلى الصدارة خلال العقد الضائع. وفي ذلك الوقت، كانت محال الملابس في اليابان مكلفة جدا أو ذات نوعية سيئة للغاية - لم يكن هناك شيء وسط. وحققت الشركة ابتكارين. فقد ركزت على الملابس الأساسية التي تصلح للجنسين- قمصان التي شيرت وبنطلونات الجينز والسترات وما إلى ذلك - التي كانت أنيقة ولكنها لا تتبع اتجاهات الموضة السائدة. كما كانت تصنع معظم منتجاتها في الصين بتكلفة منخفضة، على الرغم من حقيقة أن اليابانيين يفضلون عادة السلع المصنوعة محليا.
ويريد Tadashi Yanai، مؤسس ورئيس Uniqlo، أن يجعل شركته أكبر شركة ملابس بالتجزئة في العالم. ومن الممكن أن يحقق هدفه، حيث إن مبيعات الشركة في العام الماضي بلغت 586 مليار ين، وهي تحقق أرباح كبيرة وتملك 770 متجرا في اليابان و 70 متجرا في الخارج. وهذا العام، لقب Forbes رئيس الشركة، Yanai، أغنى شخص في اليابان، حيث تقدر ثروته بـ 6.1 مليار دولار. وقد يزداد ثراء قبل أن تنتهي الأزمة الاقتصادية.

الأكثر قراءة