هل يريد صفقة حقا؟
كلما تمكن أكثر من الحديث عن المنطقة ككل، كان أقل حاجة إلى التركيز على قضية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني الضيقة الحساسة. وهذا على أية حال التشكك الدائم في بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي والذي شغل هذا المنصب في السابق، الذي سيحاول تبديده حين يصل إلى واشنطن لأول اجتماع له مع باراك أوباما في 18 من أيار (مايو).
وهو يريد التحدث مع الرئيس مطولا، كما يقول رجال نتنياهو، بشأن الطموحات النووية الإيرانية، المشكلة الأكثر إلحاحا وخطورة في نظر الحكومة الإسرائيلية. فنتنياهو يجد أن هناك "تقاربا غير مسبوق" في المصالح بين إسرائيل والدول المعتدلة في المنطقة في مواجهة الخطر المتصور لإيران وحزب الله، الحركة السياسية الشيعية المسلحة التي ترعاها إيران في لبنان. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول إن هذا "بغض النظر" عن استعداده، بل ورغبته، في المضي قدما بمحادثات "موازية" مع الفلسطينيين. وبالطبع سيناقش هذه المحادثات أيضا مع أوباما.
ويريد أيضا أن يناقش أفكارا جديدة بدأت بالظهور، كما يبدو، في واشنطن بشأن التقارب الإقليمي الواسع. ويتحدث العاهل الأردني، الملك عبد الله، الذي نزل أخيرا ضيفا على البيت الأبيض، عن "حل مع 57 دولة" بين إسرائيل والعالم الإسلامي بأكمله، الذي يشمل العضوية الكاملة في منظمة المؤتمر الإسلامي. ويقول نتنياهو إن هذا "يتوافق" مع تصريحاته العلنية ومطالباته الخاصة أن تكون الحكومات الإقليمية الرائدة أكثر نشاطا في الدبلوماسية الرامية إلى إقامة السلام مع إسرائيل. ويبدو أنه عرض وجهة النظر نفسها للرئيس المصري، حسني مبارك، في منتجع شرم الشيخ في 11 من أيار (مايو) الحالي. ولكن يُقال إنه يدرك ضرورة تحقيق تقدم مباشر مع الفلسطينيين.
ولكن كيف؟ لا يفسر المسؤولون الإسرائيليون هذا، ويلمحون إلى أن نتنياهو قد يكشف عن خطة جديدة في حضور أوباما ثم يعلنها للعالم. وهو ينفي التقرير بأنه سعى للقاء رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ولكن طلبه قوبل بالرفض. وعلى أية حال، لن يلتقي الزعيمان قبل أن يقدم كل منهما قضيته في البيت الأبيض؛ تم في الواقع تعليق المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل منذ أن تنحت حكومة إيهود أولمرت الإسرائيلية السابقة عن منصبها في الأول من نيسان (أبريل).
ويريد الفلسطينيون أن توافق الحكومة الإسرائيلية الجديدة على حل الدولتين، والتوقف عن بناء المستوطنات، واستئناف المحادثات من حيث تم تعليقها. ويقول نتنياهو إنه يريد الحديث - لكن "دون شروط مسبقة". ويقول مسؤولوه إنه ليس على أية حكومة قبول المواقف التفاوضية للحكومة السابقة إلا إذا كان هناك اتفاقية موقعة تنص على ذلك، ولكن الحالة ليست كذلك.
في المقابل، يصر كبار الشخصيات في فريق أوباما بصوت عال، في سلسلة من البيانات الرامية إلى تلطيف موقف نتنياهو قبل اللقاء في البيت الأبيض، على ضرورة التوصل إلى حل الدولتين والتوقف عن بناء المستوطنات. وفي الاجتماع السنوي في واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، وهي مجموعة ضغط قوية، قال نائب الرئيس، جوزيف بايدن: "لن يعجبكم ما سأقوله، ولكن يجب ألا تبني إسرائيل مزيدا من المستوطنات، وعليها تفكيك المواقع الاستيطانية القائمة والسماح بحرية حركة الفلسطينيين.. وحصولهم على الفرص الاقتصادية".
ويزعم رجال نتنياهو أن هذا لم يكن توبيخا: فقد تحدث نائب الرئيس عن "المزيد" من المستوطنات وتقول حكومة نتنياهو إنها ستسمح فقط بتوسيع المستوطنات القائمة بدلا من بناء "المزيد". وتقول حكومتها، مثل الحكومة السابقة، إنها ستفكك المواقع الاستيطانية "غير القانونية"، أي التي لم تمنح الحكومة الإسرائيلية تصريحا بإقامتها؛ غالبا ما كان يتم انتهاك وعد الحكومة السابقة بفعل ذلك.
وربما تذكّر هذه المراوغة الكلامية فريق أوباما، خاصة أولئك الذين عملوا في السابق مع الرئيس بيل كلينتون، بفترة ولاية نتنياهو المشحونة كرئيس للوزراء، من عام 1996 حتى عام 1999. وفي تحول محبط للدبلوماسية، زمجر كلينتون قائلا: "هذا النذل لا يريد صفقة". ولا يزال من غير الواضح فيما إذا كان أوباما سيتوصل إلى نفس الاستنتاج أو كم سيستغرقه ذلك من الوقت.