الأزمة المالية ومعوقات الاستثمار

الأزمة المالية ومعوقات الاستثمار

تعصف بجميع دول العالم أزمة مالية، وتوقعت معظم هذه الدول أنه قد يصعب تجاوزها خلال الفترة القريبة، وأن آثارها قد شملت مجالات وصناعات عدة ما حدا بهذه الدول الصناعية والنامية جميعا للبحث عن الخروج من الأزمة وتخفيف آثارها من خلال جذب المستثمرين المحليين أو الأجانب.
من خلال هذا المقال رغبت في أن أقدم بعض الآراء التي يمكن أن تسمح بتطوير وجذب الاستثمارات مما تسهم هذه المشاريع في تخفيف الأعباء عن الحكومة وعلى عدد من القطاعات، وسأبدأ بعرض كيف يقوم المجلس البلدي في مدينة أدنبره عاصمة أسكتلندا بجذب الاستثمارات.
ذهبنا إلى المجلس ووجدنا إدارة متخصصة تتولى تطوير الاستثمار في المدينة وتحتوي على صالة لاستقبال الزوار وعدد من المكاتب، كل حسب اختصاصه ثم أخذنا موظف الاستقبال إلى قسم آخر وعُرضت علينا الفرص الاستثمارية التي يمكن نجاحها في المدينة، فقدمت إدارة الاستثمار برنامجا تدريبيا مجانيا مدته أسبوع، وكان يتضمن كيفية البدء بمشروع تجاري في المدينة، كيف يمكن التسويق له، كيف ينمي استثماراته من المشروع، الطرق المتاحة للحصول على السيولة النقدية التي من الممكن أن تقوم هذه الإدارة بتعريفك على عدد من مندوبي البنوك الذين يمكن أن يوفروا السيولة المطلوبة، المواقع المناسبة لبدء مشروعك... إلخ.
بهذه المقدمة رغبت في أن أوضح أنه بدأ يتزايد الاهتمام والتشجيع على الاستثمار في جميع المجالات خاصة بعد هذه الأزمة مما يسمح بفتح آفاق وقطاعات متعددة، وأعلم أن الهيئة العامة للاستثمار تبذل مجهودات جبارة داخلياً وخارجياً لجذب الاستثمارات في عدة مجالات وبعدد من المدن الاقتصادية، ولكن أرغب في أن يتبنى عدد من القطاعات الخدمية الأخرى مثل هذه الأفكار وتقديم وتطوير الفرص المتاحة للاستثمار.
لذا يجب على العاملين في هذه القطاعات البحث عن مشاريع واستثمارات طويلة المدى والبُعد عن استثمارات نجدها بعد مرور ستة أشهر أو سنة منذ افتتاحها مكتوبا عليها للتقبيل لعدم التفرغ أو السفر. يجب ألا يقتصر دور هذه القطاعات على إصدار التصاريح بل لابد أن يتوسع دورها على أن يشمل تقديم النصائح للمستثمرين خاصة الصغار منهم وخير دليل على ذلك أن صغار المستثمرين في الصين يمثلون 70 في المائة من إجمالي الاستثمارات مما يؤثر إيجابياً في المستثمرين أنفسهم ويعزز نمو الاقتصاد المحلي.
اللجوء إلى الهيئة العامة للاستثمار يسهل عملية التغلب على معوقات الاستثمار في هذه القطاعات، إضافة إلى أنهم أصبحوا روادا بالتغلب على معوقات الاستثمار، حيث نجد أن المملكة قفزت من المرتبة 67 إلى 16 كأفضل بيئة استثمارية، وكل ذلك تم خلال السنوات الأربع الماضية.
الخطوة الأولى هي معرفة معوقات الاستثمار لتلمس السبل إلى تطويرها ومن ثم العمل على إزالتها وجذب الاستثمارات. فنجد على سبيل المثال لدى البلديات عديدا من الفرص ومنها الحدائق، ممرات المشاة، أعمدة الإنارة، الساحات العامة، الأراضي الحكومية... إلخ، وأيضاً برامج رعاية الشباب والأندية الرياضية.
ولكن معظم القطاعات الحكومية تعاني عددا من المعوقات ومن أهمها عنصران أساسيان: انعدام توافر معلومات عن الفرص الاستثمارية المتاحة في المدن أو حتى في قطاعاتهم. وانعدام وجود كفاءات مؤهلة لإدارة هذه الاستثمارات. كما زاد انعدام التنسيق بين هذه القطاعات وقطاع رجال الأعمال وذلك لعدم وجود المحترفين لجذب المستثمرين ما سبب ضعف العلاقة بين القطاعين العام والخاص وزاد من عزوف المستثمرين.
ومن أجل تنشيط الاستثمار في هذه القطاعات يمكن الأخذ ببعض التوصيات ومنها: اختيار فريق متخصص في مجال الاستثمار مما يسهم في خلق الفرص والمشاريع الاستثمارية. إعداد كتيب عن المهام المُنوطة بفريق العمل مما يسهل مهمته والإدارات ذات العلاقة بها. تقديم الدعم الكامل لفريق الاستثمار وإدارته. توعية المجتمع بأهمية هذه المشاريع ودورها في رقي وتقدم مدننا للظهور بشكل حضاري ومتطور وكيفية المحافظة عليها. الترويج لهذه المشاريع في جميع أوساط المجتمع وأخذ آرائهم في مثل هذه المشاريع. دراسة خبرة بعض الدول في هذا المجال وإرسال بعض المختصين لرحلات قصيرة لبعض الدول المتطورة في مجال الاستثمار والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأخيراً أعلم أن الموضوع ما زال حديثا لدينا وهناك تنافس كبير بين عدد من الدول بجذب الاستثمارات، ولكن توجه حكوماتنا الرشيدة هو جذب الاستثمارات الناجحة والدائمة لدعم اقتصادنا وزيادة الموارد المادية لعدد من القطاعات الخدمية مما يخفف الأعباء على ميزانية الحكومة ويطور الموارد البشرية ويزيد من استخدامات التقنية الحديثة.
عدد القراءات: 270

الأكثر قراءة