تسريح الموظفين وقضية التغيير الجذري في الإنفاق

تسريح الموظفين وقضية التغيير الجذري في الإنفاق

في الوقت الذي يصبح فيه الائتمان أكثر تشدداً، ينبغي على الشركات أن تغير الطريقة التي تنجز بها الأعمال، وتدير سيولتها.
وتقول لورانس دانون Laurence Danon ، عضو مجلس الإدارة التنفيذي في "إدموند دي رويشايلد كوروبوريت فاينانس" Edmond de Rothschild Corporate Finance في فرنسا، إن من المحتمل أن نشهد الشركات وهي تطبق خططاً ضخمة لتوفير التكلفة، وعلى الأرجح مع تسريح نسبة كبيرة من العمال، وحدوث تغييرات جذرية على الإنفاق الرأسمالي، وبرامج التطوير.
أثناء حديثها خلال مناقشة إحدى اللجان في منتدى المرأة هنا في الآونة الأخيرة، وصفت دانون الأزمة بأنها غير مسبوقة، وعالمية، وبنسب تاريخية، مضيفة "إننا نبحر في مياه مجهولة".
سوف يكون هناك ائتمان أقل من جانب النظام المصرفي، وعلى الشركات أن تجد الأموال في أماكن أخرى – من شركات الأسهم الخاصة على سبيل المثال. وبالنسبة للشركات الصغيرة، تتوقع دانون أن نشهد الحكومة وهي تلعب دوراً أكبر. وتقول: "عليها أن تجد وسائل جديدة للتمويل، وتتجاوز النظام المصرفي".
وتعتقد دانون أنه بعد هذه الأزمة، فإن القيم الاستثمارية – النمو، والابتكار، والمنتجات الجديدة، والخدمات – سوف تهيمن مرة أخرى.
وترى أيضاً حدوث إعادة توازن في الاقتصادات، حيث ستكون البلدان الآسيوية مثل الصين والهند – فضلاً عن إفريقيا التي لديها نمو ثابت يبلغ 6 في المائة طوال السنوات الخمس الماضية – في مقدمة المجموعة. وسوف يبقى النمو في أوروبا على أية حال، دون أي تغيير، وسوف يكون التنظيم مهماً للاقتصاد الأمريكي المتقلص.
وتوضح دانون: "إنني شخصياً متأكدة من أن الحكومات لن تمتلك البنوك إلى الأبد. وجميع المصرفيين الكبار الذين دفعوا باتجاه إيجاد حل ما سوف يدفعون باتجاه إيجاد طريق للخروج حالما يمكنهم التنفس بسهولة".

ويشير جان – ميشيل ستيج Jean-Michel Steg، رئيس المصرفية في "سيتي جروب" في فرنسا إلى أن حجماً أقل من الائتمان سيكون متوافراً للمؤسسات، وستكون الحكومة أكثر انخراطاً فيما تفعله في أعمالك اليومية. وبغض النظر عن الصناعة التي تنظر إليها، وبشكل خاص الخدمات المالية، ستكون هناك شركات أكبر، ولكن أقل، وسوف يرتفع التضخم.
يذكر ستيج: "إن الأزمة المالية كما نشهدها اليوم عميقة للغاية، وكثيفة. ولن تدوم، ولا يمكنها أن تدوم إلى فترة طويلة, وإنها تشنج كبير ومؤلم للغاية، ولكنها سوف تنتهي في غضون أشهر".
في الوقت الحاضر، على البلدان أن تعالج التراجع الاقتصادي. ولا تفضل الأنظمة الديمقراطية الدورات الاقتصادية، حسبما يقول ستيج، لأنها تواجه وقتاً صعباً في التعامل مع المشاعر الشعبية السلبية إزاء غياب النمو الثابت والازدهار. غير أن الدورات الاقتصادية قائمة، ومن الصعب القضاء عليها.
الفقاعات تنفجر
يقول كلايد برستويتز Clyde Prestowitz ، مؤسس ورئيس معهد الاستراتيجية الاقتصادي في الولايات المتحدة، إن الأزمة كانت نتيجة مبالغ ضخمة من الاستدانة طوال السنوات العشرين الماضية، إلى جانب نمو هائل في خلق الائتمان، الأمر الذي أدى إلى تدفق مبالغ ضخمة من رأس المال بغير هدف.
ويضيف: "كانت هناك شروط جذابة للغاية للمضاربة والاستثمارات المحفوفة بالمخاطر، على الأخص في الولايات المتحدة، حيث كانت معدلات الفائدة متدنية للغاية. والنتيجة هي عدة فقاعات ضخمة تنفجر الآن بعواقب كبيرة".
إن حقبة سياسات ريغان الاقتصادية – الفكرة بأن الأسواق تعدل ذاتها بذاتها – انتهت الآن، حسبما يضيف.
إعادة رسملة البنوك
إن ما يجب على الحكومات والمنظمين فعله الآن هو جعل الأنظمة تبدأ العمل من جديد، بحيث يمكن لاقتصاداتهم أن تعمل.
ووفقاً لبرستويتز، فإن الإجراء الفني الذي تتم ممارسته الآن هو حقن الأموال في البنوك من أجل فتح الائتمان المغلق، وبذلك تبدأ السيولة بالتدفق مرة أخرى. ويستثمر المنظمون عن طريق أخذ حصص في البنوك، والحصول على ضمانات، وضمان الإقراض بين البنوك لفترة محددة من الوقت.

بالتلميح إلى سياسة "الحب القاسي" في السويد إبان التسعينيات من أجل إعادة رسملة نظامها المصرفي، يقول برستويتز : "عانت السويد آلاما شديدة، مع انخفاض مقداره 14 في المائة في الناتج الإجمالي المحلي. ولكنها تعافت، وتعافت على نحو مذهل".

الآفاق
تقول دانون إنها لا تتوقع أن يتغير كثير في الأشهر المقبلة. وتضيف: "لن تتراجع الأسعار عن مستواها، كما أن بعض المناطق من العالم مثل البرازيل، التي تبلي بلاء حسناً، لم تلمسها الأزمة. وإن العالم معولم في يومنا هذا، لذا فإنني أعتقد شخصياً أن الأزمة سوف تسوء، وعلى الأرجح أن تنتشر إلى أماكن مثل البرازيل، وآسيا في الأشهر المقبلة".
ويعتقد برستويتز أننا نتجه إلى انكماش عالمي. وتقلص الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة بنحو 34 في المائة. وتمر أوروبا في مرحلة انكماش أيضاً. أما الصين، فما زال صندوق النقد الدولي يتوقع أن تنمو بنسبة 9 في المائة، ولكنه يشعر أن كلاً من الصين والهند سوف تنموان على الأرجح بنحو 4 – 5 في المائة.
هل ستكون الصين والهند قادرتين على سحب بقية العالم من الركود؟ والإجابة المختصرة هي لا. ويقول: "باقتصاد يبلغ حجمه ثلاثة تريليونات دولار، وتريليون دولار على التوالي، فإن هذين الاقتصادين ليسا على درجة كافية من الضخامة للقيام بذلك".
المشكلة الكبيرة الأخرى هي أن الولايات المتحدة كانت مستهلكاً رئيسياً للسلع من شتى أرجاء العالم. غير أن الاستهلاك الأمريكي يتقلص، ويرتفع الادخار في المقابل.
وتتخذ ماريا ليفانوس كاتاوي Maria Livanos Cattaui، عضو مجلس إدارة بيتروبلس هولدينغز Petroplus Holdings في سويسرا، وجهة النظر التي تقول إن بعض الحلول سوف تظهر من خلال الاقتصادات الناشئة.
وتضيف: "لو وجب علي أن أبدي توقعاً ما، فإنه على النقيض من الحرب العالمية الثانية التي تعد حدثاً كارثياً، ومن أجل إحداث النمو في الولايات المتحدة، فعلى الأرجح أن معالجة الفقر، والبلدان المهمشة، والحافز بالنسبة لها كي تنمو، ربما يكون في هذه الدورة الاقتصادية تحديداً، شيئاً علينا أن ننظر إليه كاتجاه سوف يعطينا مرة أخرى كثيرا من الأمل".

* عقد منتدى المرأة للاقتصاد والمجتمع اجتماعه العالمي الرابع في دوفيل بين 16 و18 تشرين الأول (أكتوبر) 2008.

الأكثر قراءة