الاستثمار المؤسسي في الأسهم رهن استعادة الثقة بالصناديق
اتفق محللون ماليون واقتصاديون مدعومون ببيانات من هيئة سوق المال على أن دعم الاستثمار المؤسسي في سوق الأسهم المحلية مرهون بتحسن أداء صناديق الاستثمار واستعادة ثقة المتعاملين فيها، وهي الثقة التي اهتزت عند انهيار السوق في شباط (فبراير) 2006، حيث عجزت الصناديق عن حماية رساميل مودعيها أو تقليص خسائرهم مقارنة بخسائر المؤشر.
جاء هذا التوافق ضمن سلسلة تقارير وتحليلات مالية نشرتها "الاقتصادية" خلال الأيام الماضية في ملف الشهر (صناديق الاستثمار..ما لها وما عليها). وخرج الملف بــ 26 حقيقة تتعلق بصناديق الاستثمار، تصدرها ضرورة تأهيل مديري الصناديق في المؤسسات المالية المحلية ورفع درجة الرقابة عليها من قبل الهيئة، وضرورة أن يكون أداء الصناديق أفضل من المؤشر في حال خسارة السوق أو ربحها.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
الحلقة الثامنة (الأخيرة)
صندوق الاستثمار هو برنامج استثمار مشترك يهدف إلى إتاحة الفرصة للمستثمرين فيه بالمشاركة جماعيا في أرباح البرنامج، ويديره مدير الاستثمار مقابل رسوم محددة.. من هذا المنطلق جاء ملف الشهر ( صناديق الاستثمار.. ما لها وما عليها). 26 نتيجة أو حقيقة تم التوصل إليها من خلال التقارير والتحليلات المالية والاقتصادية التي احتواها ملف الشهر في حلقاته السبع التي تم نشرها خلال الأيام العشرة الماضية. وربما تكون الحقيقة الأولى هو أن دعم الاستثمار المؤسسي (وهو هدف استراتيجي للقائمين على سوق المال)، لن يتحقق إلا بتطور أداء صناديق الاستثمار لتصبح جاذبة للمتعاملين بدل أن تكون طاردة ليس للاستثمار في الصناديق بحد ذاته بل ربما تكون طاردة للاستثمار في سوق المال بشكل عام.
ولا شك أن هيئة سوق المال التي آل إليها الإشراف على صناديق الاستثمار في الفترة الأخيرة بعد أن كانت المهمة موكلة إلى مؤسسة النقد، يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في تطوير نشاط هذه الصناديق، وهي – الهيئة – وسعت لا شك التراخيص لهذه الصناديق ضمن مساعيها لاستكمال هيكلة سوق المال وتطويره وجعله جاذبا للاستثمارات المحلية والأجنبية، والأخيرة تتم عن طريق عقود المبادلة التي أجازتها الهيئة منذ آب (أغسطس) الماضي.
المساعي لتعزيز الاستثمار المؤسسي لم ينعكس في نشاط الصناديق، وهو ربما يعود إلى أزمة الثقة التي تعانيها منذ انهيار السوق في شباط (فبراير) 2006، فعلى سبيل المثال لم تكن حصتها مقنعة في تعاملات سوق الأسهم في نيسان (أبريل) الماضي، حيث بلغ إجمالي مبيعاتها 2.63 مليار ريال فقط أي ما نسبته 2 في المائة أما عمليات الشراء فقد بلغت 3.96 مليار ريال أي ما تشكل نسبته 3 في المائة.
نتائج الاستطلاع الأول الذي أجرته "الاقتصادية" عبر موقعها الإلكتروني وتم نشر نتائجه في الملف, حيث فضل 88 في المائة من المصوتين الاستثمار المباشر بدل الصناديق، والاستطلاع الثاني الذي يعتقد 63 في المائة من المصوتين أن غياب الرقابة مسؤول عن أداء الصناديق، يؤكد الحاجة إلى تحديد المسؤولية، وليس بالضرورة أن يكون المشاركون في التصويت صائبين في تقديراتهم بنسبة 100 في المائة، لكنهم بالتأكيد يلامسون شيئا من الحقيقة.
وحسبما قضى نظام هيئة سوق المال، آلت إلى الهيئة صلاحية تنظيم عمل صناديق الاستثمار التي تديرها البنوك، وبذلك تتولى الهيئة تنظيم عمل مديري المحافظ ومستشاري الاستثمار والإشراف عليهم ، بما في ذلك وضع اللوائح والقواعد والتعليمات المتعلقة بالهيكل التنظيمي، الأنظمة المحاسبية والقواعد التشغيلية، والإدارة واتخاذ القرارات في صندوق الاستثمار، تقارير الأداء وحساب قيمة الأصول وأسعار الوحدات والإعلان، وشروط الموافقة على تأسيس صناديق جديدة ومتطلباتها، ومتطلبات الكفاية المهنية والملاءمة الشخصية والمسؤولية المالية ومتطلبات الترخيص.
من النظام يستشف أن الهيئة باتت هي المسؤول الأول عن الصناديق، وهنا يشير محللون ماليون إلى أن مشروع وحدات الصناديق المتداولة على المؤشر الذي ترغب الهيئة في إطلاقه قريبا، يعكس رغبتها بالفعل في تعميق رقابتها على هذه الصناديق وتطوير آلية عملها. ولا يستبعد المراقبون أن تكون المرحلة المقبلة بمثابة هيكلة نشاط صناديق الاستثمار من قبل الهيئة. يقول مصرفي – رغب عدم ذكر اسمه – إنه يراهن على نجاح هيئة سوق المال في إعادة الثقة إلى نشاط الصناديق، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الأخطاء التي حدثت في الصناديق خلال فترة الانهيار لم تكن الصناديق قد آلت إلى الهيئة ولم تكن الرقابة عليها قد أصبحت من مسؤوليتها.
الهيئة من جهتها تقول في تقريرها السنوي إنها عمدت بالفعل إلى زيادة طرح وحدات صناديق الاستثمار بشتى أنواعها إيماناً منها بضرورة زيادة قاعدة القنوات الاستثمارية، وهي تعني بذلك فتح فرص إضافية للاستثمار المؤسسي المأمون في سوق المال.
## 26 حقيقة في ملف الشهر.. محللون ماليون واقتصاديون ومتعاملون:
# الاستثمار المؤسسي في سوق المال مرهون بنجاح الصناديق
- ضعف أداء صناديق الاستثمار لا يضر بحقوق المستثمرين فقط، بل يطول سمعة سوق المال المحلية بشكل أوسع وقد تكون عامل طرد من السوق للمستثمرين الأجانب بدل أن تكون عامل جذب.
- تستعد هيئة السوق المالية السعودية لإطلاق وحدات الصناديق المتداولة على المؤشر خلال الفترة القريبة المقبلة، وهي إجراء يتوقع أن يزيد من الشفافية في نشاط هذه الصناديق ويكشف أداء مديريها.
- وحدات الصناديق الاستثمارية ستفيد صغار المستثمرين الذين لا يملكون دراية كاملة بالسوق المالية، وستعمل على جذب السيولة وخفض مستوى المخاطر في الاستثمار، وتلك الوحدات ستضمن حقوق المستثمرين، وستتميز بالرقابة الجيدة عليها.
- إن هدف الصناديق بصفة عامة ليست تحقيق الأرباح بصورة مطلقة، أنما تحقيق أداء أفضل من السوق التي تستثمر فيها.
#2#
- لم تنجح صناديق الاستثمار العاملة في سوق الأسهم السعودية من حماية رساميل مودعيها أيام انهيار سوق الأسهم في شباط (فبراير) 2006.
- يفترض – وهو أمر متعارف عليه عالميا – أن يكون أداء الصناديق أفضل من مؤشر السوق، في حين تتراجع السوق 50 في المائة على سبيل المثال يفترض ألا تتراجع مؤشرات الصناديق أكثر من 12 في المائة، لكن هذا الأمر لم يحدث في صناديق الاستثمار العاملة في الأسهم السعودية مع التراجع الكبير للسوق مطلع عام 2006.
#3#
- في الوقت الذي يتزايد عدد التراخيص للصناديق الاستثمارية في السعودية، يتراجع عدد المستثمرين فيها، حيث انسحب منها بنهاية العام الماضي 12 في المائة، ليصبح عدد المستثمرين في وحدات الصناديق (المرخصة في السعودية) 375 ألف شخص مقابل 426 ألف شخص عام 2007.
- انخفض عدد المستثمرين في صناديق الأسهم المحلية بنهاية العام الماضي بنسبة 17 في المائة ليصبح عددهم 270 ألف مستثمر، يشكلون 72 في المائة من إجمالي عدد المستثمرين في مختلف أنواع الصناديق.
#4#
- انخفض حجم أصول الصناديق بجميع أنواعها بنهاية العام الماضي بنسبة 28.8 في المائة إلى 74.81 مليار ريال، مقابل 105 مليارات ريال عام 2007.
- تشير بيانات صناديق الاستثمار الصادرة من هيئة سوق المال إلى أن الصناديق التي تستثمر في سوق الأسهم المحلية تصدرت بقية الصناديق في تآكل أصولها بنهاية العام الماضي. ووفق هذه الأرقام، تراجعت أصول صناديق الأسهم المحلية من 43.6 مليار ريال في نهاية 2007 إلى 16.4 مليار ريال بنهاية عام 2008 أي بنسة 62.3 في المائة. وبذلك تقلصت حصة أصول صناديق الأسهم المحلية من إجمالي أصول الصناديق من 41.6 في المائة عام 2007 إلى 22 في المائة بنهاية العام الماضي.
- حسب الاستطلاع الذي أجرته "الاقتصادية" عبر موقعها الإلكتروني فضل 88 في المائة من المشاركين الاستثمار مباشرة في السوق ولم يختر الصناديق سوى 12 في المائة. (أعاد بعض المشاركين في الاستطلاع هذا التفضيل إلى تعثر الصناديق في حمايتهم من خسائر سوق الأسهم).
- تبين أن قطاع الخدمات المالية (البنوك) استحوذ على حصة أغلبية في تعاملات صناديق الاستثمار المحلية عام 2008، حيث وجهت له الصناديق 3.23 مليار ريال تمثل 19.7 في المائة من إجمالي استثماراتها، يليه قطاع الصناعات البتروكيماوية بمبلغ 3.22 مليار ريال أي 19.6 في المائة. بينما حل قطاع التطوير العقاري ثالثاً في قائمة أكبر القطاعات التي تتركز فيها استثمارات صناديق الأسهم المحلية بـ 2.39 مليار ريال.
#5#
- وفق التحليلات المالية التي كانت مرفقة بالرسوم البيانية، تبين وجود فروق (كبيرة) في مستوى أداء الصناديق، فبعضها يتدنى إلى مستويات منحدرة، وبعضها ينجح في حماية رساميل مستثمريه.
- أداء الصناديق يرتبط بالدرجة الأولى بمؤهلات مديريها، وهو ما ينعكس على مستوى أداء الصندوق، وهناك مطالب للبنوك والمؤسسات المالية بشكل عام للكشف عن مؤهلات المسؤولين عن صناديقها.
- هناك ثمة اتفاق بين المحللين الماليين والمستثمرين، أن سرعة اتخاذ قرار الشراء أو البيع تنقص (كثيرا) من مديري البنوك المحلية، وبالتالي فإن هذا الجانب يؤثر في تعظيم منافع المستثمر وربما تؤدي إلى خسارته.
#6#
- البنوك المحلية تتأخر في تسييل وحدات المستثمر في الصندوق عن طلبه، حيث يمتد الطلب أحيانا 12 يوما، وهو ما قد يفقد العميل فرصة الاستفادة من السيولة في الوقت الذي كان يرغب فيه.
- عندما يطلب العميل سحب أمواله من الصندوق وبعد تنفيذ طلبه في مدة لا تقل عن 12 يوما، تتم التسوية عند أسوأ السيناريوهات (أدنى سعر للوحدة)، وهذا أيضا يمثل (غبنا للمستثمرين في الصناديق).
- يتضح من تفاعلات القراء التي رصدتها "الاقتصادية" عبر موقعها الإلكتروني، أن هناك فقدانا للثقة بصناديق الاستثمار نتيجة ما حدث مع انهيار سوق الأسهم في شباط (فبراير) 2006، وفي حين يعتقد بعض القراء أن فقدان الثقة سببه الصناديق نفسها، يشير محللون ماليون إلى أن هذا الأمر حدث نتيجة لفقدان الثقة بسوق الأسهم بأكملها عندما هوت من 21 ألف نقطة إلى عشرة آلاف نقطة.
#7#
- ينصح محللون ماليون بأن يراقب المستثمر أداء كل صندوق على حدة، قبل أن يقرر الاستثمار، فالأداء يختلف من صندوق إلى آخر، وهو أمر مرتبط بكفاءة المديرين.
- أجرى اثنان من الأساتذة الأكاديميين في جامعة كونكورديه بحثا على البيانات الخاصة بـ 1004 صناديق استثمارية أمريكية، تبين أن أداء هذه الصناديق يرتبط بالمؤهلات الأكاديمية لمديري الاستثمار، حيث إن من يملكون شهادة التخصص المالي قادرون على تحقيق نتائج أفضل من هؤلاء الذين يملكون شهادات الماجستير. ولكن الأهم من ذلك أنهم استنتجوا أن عامل مواصفات الصندوق يلعب دورا أهم من مواصفات مدير الصندوق في تحديد مسار أداء الصندوق.
أصدرت لجنة مديري الصناديق التابعة لمجموعة الأسواق المالية التي شكلها الرئيس الأمريكي الجديد دليلا يتضمن أفضل الممارسات لمديري الصناديق الاستثمارية. وتضمن الدليل عددا من التوجيهات أبرزها: تأسيس الصندوق على قواعد شفافية قوية لتزويد المستثمرين بالمعلومات الضرورية التي تمكنهم من تقرير أن يستثمروا في الصندوق أم لا، لمراقبة أداء الصندوق، ومتى وكيف يمكنهم الخروج منه.
#8#
وفقا لهذه المعطيات في الأسواق العالمية، أكد اقتصاديون ومحللون ماليون سعوديون ضرورة أن تفصح البنوك والمؤسسات المالية السعودية المصدرة للصناديق عن مؤهلات مديريها، وهو أمر يعتبرونه مهما لإعادة الثقة إلى الصناديق من جهة وحماية حقوق المستثمرين من جهة ثانية.
- يؤكد الاقتصاديون والمحللون الماليون أن دعم الاستثمار المؤسسي في سوق المال السعودية يتطلب أن تغير صناديق الاستثمار صورتها السلبية لدى المستثمرين، معتبرين الصناديق هي الركيزة الأولى في الاستثمار المؤسسي، ولم تنجح في استقطاب المتعاملين فإن السوق ستبقى رهن المضاربين.
- تعثر صناديق الاستثمار أو بالأحرى فشلها في حماية رساميل مستثمريها عند تراجع السوق، فاقم فقدان الثقة في سوق الأسهم بشكل عام وتسبب في انسحاب عدد من المتعاملين من السوق وخفض مستوى السيولة والتي كانت تصل في اليوم إلى عشرة مليارات انخفضت في بعض الفترات إلى ملياري ريال.
- في الحلقة السابعة من الملف، نشرت "الاقتصادية" نتائج استطلاع أجرته على موقعها الإلكتروني، حول الأسباب التي يعتقد المتعاملون أنها وراء تدني أداء صناديق الاستثمار العاملة في سوق الأسهم السعودية, جاءت النتائج كالتالي: 63 في المائة من غياب الرقابة من الجهات المعنية في سوق المال، 23 في المائة بسبب ضعف مؤهلات مديري الصناديق، و14 في المائة يعيدون السبب إلى تراجع السوق الذي يؤدي بالنهاية – حسب رؤيتهم – إلى تراجع الصناديق.
- يعتقد محللون ماليون أن الفترة المقبلة ستكون فترة إيجابية للسوق المالية والصناديق الاستثمارية، بالنظر إلى تحسن الظروف الاقتصادية العالمية، إلا أنهم طالبوا الصناديق بضرورة إتباع أعلى معايير الإفصاح والشفافية بهدف جذب الرساميل وإعادة الثقة للسوق والصناديق.