صكوك الإجارة .. المستثمرون يتخاطفونها والفقهاء يتحفظون

صكوك الإجارة .. المستثمرون يتخاطفونها والفقهاء يتحفظون

أكد بعض فقهاء المصارف أن الاستخدام الواسع لصكوك الإجارة قد أسهم في التضحية ببعض ملامحها الرئيسة. وتأتي تلك التحفظات في الوقت الذي تزداد فيه شعبية استخدام صكوك الإجارة من قبل المصدرين. فعلى سبيل المثال، لكي تضمن أن عقد الإيجار لمدة طويلة مجد اقتصادياً، يُسمح للبنوك بربط سعر الإيجار بمقياس متغير مشهور لا يدع مجالاً للنزاع، كمعدل التضخم.
ولكن بعض البنوك الإسلامية ترى في هذا موافقة ضمنية على ربط سعر الإيجار بأسعار الفائدة، الأمر الذي تحرمه الأحكام الشرعية. ومن الممارسات المختلف عليها قول البنوك في عقد الإيجار إنها ستبيع الأصل للعميل عند انتهاء مدة عقد الإيجار.
إن علماء الدين المحافظين، بحسب "رويترز"، لا يقبلون بهذا على أساس أن الفقه الإسلامي لا يسمح بربط معاملة بأخرى. بيد أنه يسمح للبنوك بإعطاء وعد مستقل من جانب واحد بنقل ذلك الأصل إلى المستأجر بعد انتهاء مدة عقد الإيجار.
ولا تعاني صكوك الإجارة من تحفظات الفقهاء فقط، فقد ظهرت مؤشرات في سوق الصكوك تفيد بوجود مصاعب تواجه المحامين عندما تتم هيكلة صكوك الإجارة. وقال لـ "رويترز" ديفيد بارزيلاي، وهو محام في مجال التمويل الإسلامي مقره في لندن ويعمل لدى شركة نورتون روز: "في تمويل المشاريع ينبغي أن تكون المشكلات التجارية أقل، ولكن عندما تستخدم الصكوك بطريقة مشابهة لإصدار سندات الشركات، قد يصبح من الصعب إيجاد أصول مناسبة يمكن تأجيرها". وتابع "فبعد أن تحدد الأصول، ينبغي عليك أن تتأكد من أن القانون يسمح ببيعها للجهة المصدرة وإعادة تأجيرها للجهة الراعية، ولا يترتب عليها أي ضرائب أو رسوم".
في ظل استمرار الانكماش الاقتصادي العالمي ملحقاً ضرراً كبيراً بثقة المستثمرين وبقيمة الموجودات، من المتوقع أن تزداد رغبة أسواق التمويل الإسلامية في التوجه نحو هياكل صكوك الإجارة وتفضيله على الهياكل التي تقوم على اقتسام الأرباح، وذلك من أجل تقليص المخاطر.
فمع التراجع الشديد الذي تشهده قطاعات كالقطاع العقاري في دبي وقطاع التصنيع الماليزي، يتزايد حذر البنوك الإسلامية بشأن التمويل من خلال هيكل المشاركة، الذي كان في الماضي يحظى بالشعبية، والذي يقضي أن تكون البنوك شريكاً في المخاطر والعوائد التي ينطوي عليها المشروع.
قال رودني ويلسون، الاختصاصي في التمويل الإسلامي لدى مؤسسة قطر: "إن الصكوك التي تقوم على مبدأ المشاركة تنطوي على التعرض للسوق وليس على التعرض لخطر التخلف عن السداد فقط كما هي الحال بالنسبة لصكوك الإجارة". وتابع "في ضوء حالة اللبس في أسواق الأسهم، فإنني لا أعتقد أن الكثير من المستثمرين المحتملين في الصكوك سيكونون راغبين في الاستثمار في الصكوك التي تقوم على مبدأ المشاركة في ظل الظروف الراهنة".
وكونها مفضلة بسبب هيكلها البسيط نسبياً وتمتعها بقبول واسع لدى علماء الشريعة، ارتفعت شعبية صكوك الإجارة بعد أن شككت إحدى الجهات المرجعية في هذه الصناعة بمشروعية وسلامة صكوك المضاربة والمشاركة.
فقد أصدرت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في العام الماضي حكماً أن التعهد بإعادة الشراء – وهو تعهد تشتمل عليه معظم السندات الإسلامية أن يقوم المقترض بسداد القيمة الاسمية عند استحقاقها – يخالف واجب المشاركة في المخاطر الاستثمارية الخاصة بصكوك المضاربة والمشاركة.

الأكثر قراءة