محللون : فرص واعدة لشركات الخدمات المالية للاستثمار في أنشطة اقتصادية غير مستغلة
كشف اقتصاديون ومحللون ماليون عن توافر فرص استثمارية كبيرة أمام شركات الخدمات المالية والبنوك السعودية في عدد من القطاعات الاقتصادية غير المستغلة استثماريا لفترات طويلة، مؤكدين أن شركات الخدمات المالية مطالبة بتفعيل دورها الأساسي في دعم هذه القطاعات الاقتصادية مثل قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة، التي تفتقد التنظيم والعمل المؤسسي، والإسهام الفاعل في تطويرها ونموها من خلال تأسيس كيانات اقتصادية قوية كشركات ملكية خاصة وشركات رأس المال المخاطر، مؤكدين استمرارية الرساميل الفردية في القيام بهذا الدور في ظل غياب الاستثمار المؤسساتي المنظم.
وكشف نبيل المبارك محلل مالي أن شركات الخدمات المالية ركزت على تقديم خدمات الوساطة والتعامل في الأوراق المالية والترتيب وإدارة الطروحات الأولية وأهملت دورها الرئيس في تطوير وتنمية قطاعات اقتصادية غير منظمة تحتاج إلى اقتصاديات الحجم وتقديم دراسات الجدوى لبعض الأنشطة الاقتصادية مثل إعادة الهيكلة وعمليات الدمج والاستحواذ بين الشركات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة لتصبح شركات ضخمة وقوية لديها القدرة على مواجهة المنافسة المتوقعة مع فتح معظم القطاعات الاقتصادية السعودية للمستثمرين الأجانب بنسبة تصل إلى 100 في المائة عام 2010 توافقا لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
وقال المبارك إن الشركات الاستثمارية مطالبة بتطوير وتنمية هذه القطاعات المبعثرة التي تفتقد التنظيم، مشيرا إلى أن الرأسمالية الحديثة قائمة على الكيانات الاقتصادية القوية وليس الضعيفة منها حيث لا يتجاوز متوسط عمر الشركات والمؤسسات الصغيرة السنوات العشر وتبقى الصغيرة منها صغيرة والكبيرة تبقى كما هي كبيرة. وأضاف المبارك أنه لا توجد آليات وأنظمة مالية تنظم عمليات جمع الأموال بهدف تأسيس شركات ذات استراتيجيات وخطط واضحة وبعيدة المدى، وقال إن الحاصل في الوقت الراهن أن معظم شركات الخدمات المالية بنت دراسات الجدوى على نشاط الوساطة وأحجام التداولات العالية في الأعوام السابقة, إضافة إلى نشاط الترتيب وإدارة الاكتتابات لتحقيق الأرباح الضخمة دون النظر في وضع استراتيجيات طويلة المدى.
وأكد المبارك أن السوق السعودية تتوافر فيها فرص استثمارية كبيرة في مجال التمويل المالي وتأسيس الصناديق الاستثمارية المتخصصة التي تغطي قطاعات وأنشطة اقتصادية مختلفة خصبة بالفرص الاستثمارية التي تحتاج إلى تطوير وتمويل لتكوين كيانات قوية وشركات اقتصادية عملاقة تنافس في تقديم أفضل الخدمات وتؤطر للعمل المؤسسي المنظم.
من جانبه, عد محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودية, الدور الأساسي المطلوب من شركات الاستثمار الجديدة هو تأسيس ما يعرف باسم شركات رأسمال المخاطرة وشركات الملكية الخاصة, الذي لا يزال الأفراد يلعبون دورا كبيرا في هذا المجال، مع العلم أنه دور شركات الاستثمار بشكل رئيسي ويتمثل في إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للفرص الاستثمارية في النشاطات الاقتصادية المختلفة التي تمثل فرصا كبيرة للنمو مستقبلا.
وقال العمران يفترض أن تبدأ شركات الخدمات المالية الحديثة في عمل دراسات جدوى للبحث عن فرص الاستثمار في القطاعات الاقتصادية غير المستغلة حتى الآن، وبالتالي البحث عن الفرص الاستثمارية ذات الجدوى الاقتصادية في إنشاء الشركات وجذب الرساميل وتقديم نشاطات اقتصادية جديدة للسوق واستغلالها، مشيرا إلى أن ذلك سينعكس إيجابيا على الاقتصاد السعودي ككل ويساعد على استغلال وتوظيف الكوادر البشرية وتنمية هذه القطاعات.
وأضاف أن هناك فرصا استثمارية كبيرة في السوق خلال السنوات العشر المقبلة, حيث لا بد للبنوك الاستثمارية وشركات الخدمات المالية من البدء في التركيز على هذه الأنشطة والفرص من خلال تعزيز قدراتها وتطوير وتحديث البنى الفنية والإدارية في هذا المجال. وافترض العمران أنه مع توافر هذه الفرص الاستثمارية الكبيرة في السوق أن تسحب البنوك وشركات الخدمات المالية البساط في هذا المجال من الأفراد الذين ما زالوا يقومون بإعداد دراسات الجدوى وجمع الرساميل ومن ثم تأسيس الشركات بنظم فردية لا مؤسساتية.
وحول دور شركات الخدمات المالية الحديثة في نشاط الاكتتابات الأولية وتأثيرها في السوق مستقبلا, قال العمران إن نشاط الاكتتابات في السوق السعودية أصبح تسيطر بعض الشركات المملوكة من البنوك مثل "سامبا" وHSBC على حصة كبيرة منه في المجالات الاستثمارية التي تتمتع بهوامش ربح عالية مثل: الترتيب، الإدارة، والاستشارات المالية الضخمة, تاركة المجالات غير المربحة مثل التعامل في الأوراق المالية وبعض الصفقات الصغيرة في مجالات الترتيب والإدارة للبنوك والشركات الأخرى التي بلا شك تواجه حالياً صعوبات كبيرة في المنافسة، قد تهدد استمرارية البعض منها على المديين القصير أو الطويل.
وتوقع اقتصاديون ومصرفيون أن تركز معظم شركات الخدمات المالية على بحث فرص الترتيب والإدارة في الشركات العائلية السعودية التي تواجه تحديات عديدة، من أبرزها عدم وجود المنهج المؤسساتي, خاصة في ظل بيئة العمل التنافسية. مؤكدين أن في استطاعة شركات الخدمات المالية وضع دراسات الجدوى لإعادة هيكلة وتحويل هذه المؤسسات والشركات العائلية لأن تكون مؤسساتية بفصل الإدارة عن الملكية، والاستعانة بالإدارة الاحترافية والخدمات الاستشارية المالية والقانونية.
وأشار تقرير اقتصادي، صدر الأسبوع الماضي عن شركة جلف كابيتال للاستثمار الخاصة، إلى أن الشركات الخليجية ينتظر أن تجمع نحو 11.1 مليار دولار خلال عامين ونصف عام من خلال عمليات الطرح الأولية لأسهمها. وبين التقرير أن نحو 76 شركة خليجية عينت مديري اكتتاب أو أعلنت خططا لطرح أسهمها للاكتتاب العام بحلول عام 2010 وأن هذه الشركات ستجمع في المتوسط أموالا تزيد على ما جمعته في أي مرحلة خلال 12 عاما مضت.