إعــلان المشـايـخ
ظلت صورة بعض المشايخ منذ زمن بعيد مرتبطة لدى الكثيرين بالشدة والتحريم مما أسهم في إيجاد حاجز بينهم وبين عامة الناس، واليوم تغيرت الأمور بشكل كبير فأصبح الناس يرون الشيخ في التلفاز ويستمعون إليه في الإذاعة ويقرؤون فتاواه في الصحف، بل إن بعضهم عمد إلى وضع مواقع خاصة به على شبكة الإنترنت يستقبل من خلالها أسئلة الجمهور ومقترحاته.
هذا الانفتاح على الناس توج أخيرا بإعلان لخمسة مشايخ مشهورين وقد اصطفت صورهم جنباً إلى جنب عن برنامج تلفزيوني في إحدى القنوات الفضائية، وتم توزيع الإعلان في شوارع مدننا ووضع فوق صور المشايخ عبارة (شاهدونا في رمضان). والجميل في الإعلان أيضاً والذي نشرت منه نسخ في العديد من الصحف أنه يضم تنوعاً من المشايخ، فهناك شيوخ من السعودية وهم: الدكتور سلمان العودة يليه الدكتور عبدالله المصلح ثم الدكتور عايض القرني، وآخر من مصر وهو الشيخ عمرو خالد، وآخر من الكويت وهو الدكتور طارق السويدان، بل الأجمل في ذلك الإعلان تلك الابتسامة الرائعة التي بدت على محيا جميع المشايخ وهم في غاية الأناقة، وقد لبس السعوديون منهم المشالح ولبس الشيخ عمرو خالد الزي الإفرنجي، فيما ظهر الدكتور طارق السويدان بثوب أنيق مرتدياً الغترة والعقال. ولا تنحصر فائدة الإعلان في التعريف بالبرنامج التلفزيوني، بل فيها مؤشر يؤكد رغبة هؤلاء المشايخ في الوصول إلى الناس ومخاطبتهم بلغة العصر التقنية والإعلامية.
لقد برز أخيرا بعض المشايخ ممن أسهموا بإبداعاتهم ومبادراتهم في تغيير الصورة النمطية التي كانت مأخوذة عن المشايخ بصفة عامة والتي تركزت في أذهان الكثيرين من عامة المجتمع بأن معظم ما يأتي منهم هو تحريم كثير من الأشياء وعدم جوازها وغيرها من الأحكام التي أسهم حتى أسلوب عرضها من تجهم وقلة للابتسامة في تأكيد هذه الصورة. كما كان لجرأة بعضهم في المشاركة في بعض البرامج التلفزيونية الهادفة في بعض القنوات الفضائية نموذج يبرز الصورة الحقيقية للإسلام بسماحته ورحمته وعظمته، ويسهم في مواجهة النظرة الحاقدة والبغيضة التي تسعى إلى تشويه الإسلام وإظهاره بأنه دين الكراهية والعنف والإرهاب.
لقد حرص العديد من وسائل الإعلام ـ خصوصاً الغربية منها ـ على ربط الإسلام ببعض الشخصيات الإرهابية والتي تدعو إلى العنف والمقاومة، مشيرة هذه الوسائل إلى أن هؤلاء هم الذين يتحدثون باسم الإسلام وهم الذين يمثلونه مما أسهم في إظهار الدين الإسلامي في صورة مشوّهة،. ولذلك فإن قيام هؤلاء المشايخ بالظهور في مثل هذا الإعلان وبهذه الهيئة الجميلة يعكس مدى الحرص على أن تصحح الصورة المشوّهة الموجودة لدى الكثيرين، بل إن انفتاح هؤلاء المشايخ على القنوات الفضائية يسهم بشكل كبير في إيصال الصورة الحقيقية لهذا الدين.
لقد كان الإعلان جميلاً أيضاً في هيئته إذ أظهر المشايخ بمختلف جنسياتهم وهوياتهم في صف واحد وفي صورة واحدة وفي قناة واحدة وفي برنامج واحد ليؤكدوا أن الدين واحد مهما اختلفت الآراء أو المذاهب، وأن هناك مساواة ووحدة واتفاقا على الأصول وعلى المبادئ، وأن ما نحتاج إليه اليوم هو إبراز نقاط الاتفاق وإشهارها والتأكيد عليها ودعمها واعتبارها الأساس الذي ننطلق منه.
إن كثيرا من أفراد المجتمع اليوم في حاجة ماسة إلى مَن يلجأون إليه من أمثال هؤلاء المشايخ لينقذهم من الهجمة الشرسة من وسائل الإعلام الإباحية ووسائل الشر والغواية التي انتشرت في كل مكان والتي تسعى إلى زعزعة الإيمان في نفوسهم وإضعاف صلتهم بربهم، ووجود أمثال هؤلاء المشايخ وخروجهم للناس بهذا الشكل الجميل وحرصهم على الانفتاح على المجتمع والمشاركة وفهم الواقع الذي يعيشه الناس وإلمامهم بالقضايا الموجودة وتقديم آرائهم بشكل متزن ومخالطة أفراد المجتمع وابتسامتهم الرائعة ستسهم بشكل كبير في تصحيح النظرة القاصرة عن المشايخ، وإظهار عظمة هذا الدين.