"سالك".. يجعل بعض طرقات دبي سالكة ويحول بعضها إلى زحام خانق

"سالك".. يجعل بعض طرقات دبي سالكة ويحول بعضها إلى زحام خانق

نجح نظام جديد للتعرفة المرورية عند نقطتين استراتيجيتين في دبي في تخفيف الزحمة بشكل كبير على العصب الرئيس في الإمارة، إلا أنه تسبب في زحمة خانقة في طرقات جانبية أو بديلة لجأ إليها السائقون تجنبا لدفع الرسوم.
وفيما بدا الوضع على الطرقات أكثر هدوءا الإثنين مقارنة بالأحد الذي شهد تطبيق نظام "سالك" للمرة الأولى، طغت التعرفة الجديدة على عناوين الصحف المحلية والإذاعات وخصوصا على أحاديث الموظفين الذين يتأثرون به بنسب متفاوتة.
وقال عماد حمامي الذي يعمل في مدينة الإعلام في دبي "أعمل وأسكن خارج نطاق المنطقة الخاضعة للتعرفة وكنت أظن أن الأمر لن يؤثر فيً، إلا إنني اكتشف أن طرقات تكاد تكون فارغة عموما امتلأت منذ صباح الأحد بآلاف السيارات، لا سيما الشاحنات والحافلات".
وأضاف الشاب السوري "النظام الجديد أتى لي ولأمثالي بمشكلة لم تكن في الحسبان. أيعقل أن نرى شاحنات وصهاريج في أزقة سكنية لأن أصحابها لا يريدون أن يدفعوا الرسوم؟". و"سالك" هو نظام حديث للتعرفة على المركبات عند نقطتي "مول الإمارات" وجسر القرهود الاستراتيجيتين، لا يجبر السائقين على التوقف للدفع بل يتم احتساب التعرفة عبر مسح إلكتروني لملصق على الزجاج الأمامي للمركبة.
وقبل إطلاق النظام، وقع آلاف السكان عريضة على الإنترنت اعدوا فيها التعرفة البالغة أربعة دراهم (1،08 دولار) ستشكل عبئا كبيرا على محدودي الدخل الذين سيكون عليهم أن يدفعوا هذا المبلغ عند الدخول والخروج عبر بوابتي التعرفة التي تبلغ المسافة بينهما 25 كيلو مترآ. وتعد الطريق بالفاصلة بين النقطتين العصب الرئيسي في شبكة طرقات المدينة الإمارة.
ودبي تتمتع بشبكة طرقات حديثة مع أنفاق وجسور وتقاطعات ضخمة، إلا أن الزحمة ما انفكت تزداد في السنوات الأخيرة بالتوازي مع النمو الهائل الذي تشهده الإمارة، حيث هناك مليون سيارة مسجلة، في حين أن عدد سكان يبلغ نحو 1،3 مليون نسمة. ويشكو معارضو "سالك" من عدم وجود طرقات بديلة فعلية مع أن هيئة الطرق والمواصلات أطلقت عددا من المشاريع الضخمة لبناء جسور جديدة فوق خور دبي الذي يقسم المدينة شطرين، كما أن الأعمال مستمرة لإنشاء مترو دبي الذي سيكلف مليارات الدولارات على أن يبدأ بنقل الركاب في أيلول (سبتمبر) 2009.
وأظهرت دراسة لموقع "غلف تانلت" نشرت أخيرا أن دبي هي المدينة العربية الأكثر ازدحاما. وقال رئيس مجلس إدارة هيئة الطرق والمواصلات مطر الطاير في تصريحات صحافية نشرت الإثنين "كنا نتوقع تخوف بعض الناس من المشروع في البداية لكن مع الوقت سيدرك مستخدمو الطريق أن هذا المشروع صمم لخدمتهم وتسهيل مرورهم على الطرقات". من جانبه، يقول باسم البنا، مهندس لبناني، "هذا جنون. تأخرت ثلاث ساعات على عملي أمس (الأحد) رغم إنني لم أتحاش عمدا الطرق الخاضعة للتعرفة لأن
الطرق التي اسلكها يوميا مجانية". وأضاف "اليوم قررت ألا أمر بهذا العناء وسلكت طريق "سالك" مع أنها الطريق الأطول بالنسبة لي، وبالفعل، وصلت بسرعة خيالية بالنسبة لدبي".
وتؤكد هيئة الطرق والمواصلات في دبي أن "سالك" سيوفر للإمارة 600 مليون درهم سنويا (163 مليون دولار) إلا أن الهدف منه هو تخفيف الزحمة بنسبة 25 في المائة على الطريق الخاضع للتعرفة. وفي اليوم الثاني من إطلاق نظام التعرفة، شهدت محطات البنزين، حيث تباع ملصقات "سالك" (ثمنها 27،4 دولار) إقبالا كبيرا من السائقين الذين قرروا شراء الملصق.
وقالت إحدى البائعات في المحطة "الملصق يباع هنا منذ أسابيع ولم نشهد إقبالا فعليا لأن البعض كانوا يعتقدون أن النظام لن يعمل قط، إلا أن الجميع انهالوا أمس واليوم على شراء الملصق". وتقول شارمالا، وهي هندية تعمل في مصرف وتقيم في الشارقة "أفضل أن ادفع
التعرفة على أن أدفع ما هو أغلى منها من صحتي وأعصابي ... للأسف هذه هي دبي". وسيكون على أصحاب الدخول المحدودة الذي يعيش قسم كبير منهم في إمارة الشارقة المجاورة، حيث أسعار الإيجارات أقل ارتفاعا، أن يتكبدوا نحو 400 درهم شهريا (110
دولارات) لاستخدام الطريق الرئيس إلى مراكز أعمالهم التي تبعد أحيانا نحو خمسين كيلومترا عن منازلهم.
إلا أن نظام التعرفة الذي يفرض في إمارة دبي، حيث تقيم غالبية كبرى من الأجانب، لا يثير غضب الوافدين فقط، بل أيضا المواطنين ولا سيما مواطنى الإمارات الأخرى، علما أن التعرفة تفرض على الطريق الرئيسة والتاريخية بين دبي وأبو ظبي من جهة، ودبي والشارقة من جهة أخرى. وكتبت إحدى المواطنات في منتدى على الإنترنت "أعتقد أنه يجب إعفاء المواطنين من هذه الرسوم. هل يعقل أن يدفع إماراتي من أبو ظبي رسما ليزور دبي، وهل نحن المواطنين من يتسبب في الزحمة؟ أو لسنا أقلية!".

الأكثر قراءة