أليست تركيبة عجيبة يا وزارة العمل؟

أليست تركيبة عجيبة يا وزارة العمل؟

قلم الكاتب عبد الله بن إبراهيم الكعيد أكبر من أن يعرف أو يقدم، وزاويته "القافلة تسير" صاحبة تاريخ مشهود في عالم الإثارة والمشاغبة المحمودة، وإثارة الراكد الصحافي في شكل أسئلة شهية ومستفزة. قافلة الوطن التي تسير دوماً في كتابات الكعيد استهدفت هذه المرة قطاعات أثيرة ومليئة بالأسئلة وعلامات الاستفهام ذات الشجون التي لا تحصى.

في جريدة (عربيّة) وفي يومِ واحد فقط نُشرِت هذه الإعلانات:
للسعودية فوراً: بائعي أجهزة حاسب آلي وأدوات مكتبيّة ومدرسيّة.
لمستشفيات كبرى في السعودية: إخصائيين وإخصائيات أشعة، تخدير، تحاليل، تمريض، بصريات.
للعمل في السعودية: مهندسون، مدني، معماري، كهرباء ميكانيكا، مسّاحون، مراقب معماري، فنّيي مواد بناء، رسامي اتوكاد.
للعمل في السعودية: مطلوب فوراً مديري مشاريع.
مستشفى كبرى في مكّة ، وظائف متنوعة في مختلف التخصصات.
شركة مقاولات كبرى في السعودية تطلب وظائف في مختلف التخصصات.
للسعودية للنقل الجماعي: عدد كبير من السائقين .
للسعودية، مدرّسين تخصصات فيزياء، كيمياء، أحياء، رياضيات، حاسب آلي، تربية فنيّة، لغة عربيّة، لغة إنجليزية.
لمجموعة معاهد في السعودية: مدرّسون في مختلف التخصصات.
سأكتفي بهذه الإعلانات لأن مساحة هذه الزاوية محدودة وأسأل من يفك طلاسم التركيبة العجيبة التالية:
الآلاف من المواطنين الخريجين في مختلف التخصصات.
الآلاف من المواطنين الباحثين عن العمل.
الآلاف من المواطنين العاطلين.
الآلاف من التأشيرات تصدر شهريّاً.
الآلاف من المتعاقدين يأتون شهريّاً إلى البلاد.
رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص يتّهمون المواطن بعدم الجدّية.
المواطن يتّهم رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص بالنفور منهم.
المنطق يقول بتحديد حدّ أدنى لأجر العامل السعودي.
وزارة العمل لا ترى ذلك من منطلقات تراها وهي صاحبة الشأن.
ساعات العمل في بعض الأنشطة غير محددة والأجنبي هو المستفيد.
يستحيل على المواطن منافسة الأجنبي في وضعٍ كهذا.
لو كنت مسؤولاً في وزارة العمل لأعلنت تخصيص جائزة (دسمة) لمن يستطيع حل هذه المعادلة.

اليابانيون وإهمالنا وجهاً لوجه

يقول الإنجليز لا ينبغي أن نخجل من أننا على خطأ ذلك بأننا إذ ذاك نبدو أعقل مما كُنّا بالأمس، ونحن هنا أكيد لا نخجل من أننا على خطأ لكننا للأسف لا نبدو أكثر تعقلاً حين نستمر في اجتراح الأخطاء أقول قولي هذا استنادا إلى الخبر الذي كتبه الزميل عبد الرحمن الحجاج من دومة الجندل بأن وفداً يابانيّاً مكوّنا من نساء ورجال زاروا بعض الأماكن الأثريّة في المنطقة مثل مسجد عمر بن الخطاب وقلعة مارد وقد أبدوا إعجابهم بما شاهدوه من آثار جميلة ينقصها الكثير من الاهتمام! نعم "ينقصها الكثير من الاهتمام" هذا التعبير الذي أورده الزميل أكيد كان نفس انطباع الوفد الزائر لكنّه نُقِلَ هكذا بكل عفويّة وقد قرأتُ فيه عتاباً مهذباً كتهذيب الشعب الياباني الذي لا يُبدي مشاعره بسهولة حتى وإن كان امتعاضاً وأنا هنا لا أبحث عن العذر للجهة المسؤولة عن تلك الآثار في إهمالها إن وُجِد. حسناً حتى نكون واضحين يجب أن نعرف أولاً هل تعتقد الجهات المختصّة بأهمية الآثار والمناطق التاريخيّة وضرورة المحافظة عليها؟ إذا لا لماذا إذاً ننشر غسيلنا غير النظيف ونسمح للسيّاح والزوّار وخصوصاً الأجانب ارتياد مثل تلك الأماكن التي لانرى أهميتها؟ وإذا نعم نعتقد بأهميتها لماذا لا نهتم بها عظيم الاهتمام ونحافظ عليها بصفتها تراث الأمّة ومصدر تاريخها على مرّ العصور؟
كأني أرى تعابير الدهشة التي انطبعت على تقاسيم السيّاح اليابانيين وهم مصدومون من الإهمال الذي طال تلك المواقع وأكيد تبادلوا الأسئلة الهامسة بلغتهم حتى لا يجرحوا شعور المُرشد السياحي والمرافقين لهم وأعتقد أن صدى تلك الأسئلة مازال يدويّ في دواخلهم خصوصاً كلّما عادوا لمشاهدة الصور الفوتوغرافيّة التي تشهد علينا لا لنا في عدم الاهتمام بتلك الآثار التي عبّر عنها كاتب الخبر بأنها جميلة ولكن "ينقصها الكثير من الاهتممام"!!
عُدتُ إلى سلسلة آثار المملكة التي أصدرتها وكالة وزارة المعارف للآثار والمتاحف (سابقاً) وبالتحديد المجلّد رقم (13) آثار منطقة الجوف وأذهلني تنوّع المعالم التاريخيّة والعمرانيّة والمواقع الأثريّة في المنطقة وخصوصاً ذلك العدد الكبير من النقوش الثموديّة التي تعود إلى عصور ما قبل الإسلام وأشهر المواقع قلعة مارد والمناطق الأثريّة المحيطة بها حيث دلّت الحفريات على وجود بعض الكسر الفخاريّة التي تنتمي إلى العصر النبطي (القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي) لكنها ينقصها الكثير من الاهتمام على ذمّة اليابانيين وكاتب الخبر فإلى متى هذا الإهمال؟

الأكثر قراءة