"تمييز سياحي" يصعد بأسعار الفنادق والشقق التي يقصدها السعوديون في الخارج
لا يجد فيصل الحارثي، وهو مواطن سعودي تعود السفر وعائلته صيفا في رحلات سياحية إلى أمكان مختلفة من العالم، حرجا من القول إن هناك "عنصرية سياحية" تمارس ضد السعوديين والسائح الخليجي، بصور متنوعة، ليس أقلها أن أسعار الفنادق والشقق السكنية التي يفد إليها نحو ثلاثة ملايين مواطن سعودي يقضون إجازتهم السنوية خارج المملكة بحسب بعض التقديرات، يتم تحديد سعرها بناء على الجنسية.
ويرى فيصل أنه رغم تطور طريقة سفر السعوديين، بعد اعتمادهم في السنوات القليلة الماضية على اختيار برامجهم السياحية من خلال مكاتب السفر والسياحة، إلا أنه يقول إن نوع جواز السفر يكاد يكون هو المؤشر الرسمي لسعر الشقة أو الغرفة التي تحصل عليها، إلى جانب العديد من الخدمات والفعاليات التي يحتاج إليها أي سائح.
ويضيف" تعيش في كل رحلة سفر خارجية تجربة مختلفة، إلا أن القاسم المشترك بينها هو نظرة البائع أو مقدم الخدمة أو حتى السكان لك، إذ يرون أن من حقهم رفع سعر السلعة أو الخدمة التي يقدمونها لك لأنك "سعودي" ولا مشكلة عندك في دفع ما يريدون".
ويتفق سالم السعيد وآخرون التقتهم" الاقتصادية"، في إحدى وكالات السفر والسياحة، مع تلك الرؤية، إذ يؤكدون أن نوع الجنسية يحدد كثيرا حجم الإنفاق الذي يتحمله السائح في مدن كثيرة يفضلها السعوديون، منها دبي، القاهرة، دمشق، كوالالمبور، كازابلانكا، وحتى في أوروبا، لندن وباريس، وماربيا، وصولا إلى شمال أمريكا.
يقول السعيد" تضطر في أحيان كثيرة أن يقوم أحد مواطني البلد الذي أنت تزوره بدور المستفيد من الخدمة أو السلعة التي تنوي شراءها، بغية الحصول على السعر العادي "العادل" لذلك المنتج".
ويرى حسن العمري أن أسعار الفنادق في البلد الذي يزوره لا تتعدى 300 إلى 600 ريال لليلة للمواطن، إلا أنه وبمجرد أن يخرج جوازه يقفز السعر ليراوح بين 500 إلى 1500 ريال، ويكون ذلك في أحيان كثيرة بالاعتماد على الهيئة الشخصية للزائر.
وقال العمري" الحقيقة إن ذلك لا يمارس مع السعوديين وحدهم، وإنما مع كل الجنسيات الخليجية، وبعض الجنسيات الأخرى، ويراه الكثير من الأصدقاء عادياً على اعتبار أنك سائح، فيما أشعر أنا أنه استغلال وتجاوز و"عنصرية" أكرهها.
وبما أننا نعيش هذا الأسبوع بعد أن انتهى العام الدراسي، حالة من "الاستنفار السياحي"، يحذر الكثير من العاملين في مكاتب السفر والسياحة، من بعض البرامج السياحية الوهمية التي تزيد من عبء التكاليف المالية التي يتحملها السائح السعودي في الخارج، مشيرا إلى أن تلك العروض التي تتسم بعدم المنطقية أحيانا في أسعارها المتواضعة يمكن أن تكون وبالا على كل برنامج السفر.
وفيما يقدر اقتصاديون عاملون في مجال الاستثمارات السياحية أن العائلات السعودية تنفق على السياحة الخارجية نحو30 مليار ريال سنويا، يؤكد آخرون أن مصر وماليزيا تحتلان المرتبة الأولى في حجم السياح لهذا العام، وتأتي أوروبا في المرتبة الثانية في نسبة الحجوزات لا سيما أن هناك العديد من العروض التي أعدت من تلك الدول لاستقبال السياح من شتى بقاع العام، بما يعد تحولا جديدا في سوق السياحة السعودية، نحو آسيا بشكل خاص بعد أن كانت أوروبا وأمريكا ملاذاً خصباً لقضاء الصيف.
وهنا يبين ناصر البريكي، مشرف خدمات في إحدى وكالات السياحة والسفر في الرياض، إن مكاتب السياحة تشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين الراغبين في قضاء إجازاتهم الصيفية خارج السعودية حيث ارتفعت بنسبة كبيرة تصل إلى 90 في المائة عما كانت عليه قبل شهر من الآن، مشيراً إلى أن المكتب يتلقى مئات المكالمات يوميا للاستفسار عن العروض المقدمة خلال هذا الصيف.
ويضيف " الأغلبية يفضلون السفر إلى دول جنوب شرق آسيا حيث بلغت نسبتهم قياسا بالحجوزات ما يقارب 70 في المائة ويعزي السبب لانخفاض تكاليفها قياساً بدول أوروبا التي تناقص معدل الإقبال عليها هذا العام والعام الماضي حيث تراوح نسبة الإقبال ما بين 30 إلى 40 في المائة بسبب ارتفاع العملة الأوروبية "اليورو" ليصبح السفر لتلك البلاد مقتصراً على فئات معينة".
وهذا ما تؤكده توقعات وزارة السياحة في ماليزيا، التي قالت أنه سيفد إلى ماليزيا نحو 300 ألف سائح عربي خلال الفترة بين شهري تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) من هذا العام الحالي مقارنة بنحو 190 ألف سائح خلال ا لعام الماضي.
من جانبه، يقول دخيل الطيار، مشرف خدمات العملاء، في مجموعة الطيار للسفر والسياحة،" ربما تراجعت تركيا ولبنان في نسب الحجوزات مقارنة بالعام الماضي بسبب عزوف عدد من السواح عنها خلال العام الحالي لتعقد أمور السياحة بها وارتفاع إيجارات الفنادق والتسوق داخل مدنها، كما أن نسبة التوجه إلى دبي تراجعت بسبب الطقس والارتفاع في أسعار السكن الذي عادة يتصاعد تدريجيا خلال فترة الصيف ليصل إلى ضعف السعر المعتاد."
ويتابع" وحول المقاصد السياحية البعيدة التي يذهب إليها السعوديون يمكن القول إن أستراليا استعادت مكانتها نسبيا بين الوجهات السياحية المفضلة لدى عدد من السعوديين، واشتد الطلب عليها بشكل ملحوظ لدرجة أنها جذبت رواد أوروبا الغربية التي شهدت تحفظا شديدا هذا الموسم من قبل المسافرين نظرا لتخوفهم من ارتفاع أسعار اليورو ورفع شركات الطيران والفنادق أسعارها".