نقص أجهزة الكمبيوتر يمنع آلاف الموظفات من نشر التعليم الإلكتروني في مدارس البنات
نقص أجهزة الكمبيوتر يمنع آلاف الموظفات من نشر التعليم الإلكتروني في مدارس البنات
لم يكن إدخال التعليم الإلكتروني في (17) مدينة ومحافظة في عدد من مناطق المملكة، نتاج جهود فردية ارتبطت بجهة دون أخرى، فالعمل المبذول بين عدد كبير من الموظفات في السلك التعليمي والمتخصصات في مجال التقنيات الإلكترونية، وبإشراف من شركة التعليم والتدريب الإلكتروني (سيمانور) التي ابتكرت هذه الفكرة وتبنت تدريب الدفعات الأولى من الموظفات والمعنيات بتوصيل العملية التعليمية إلى عدد أكبر من العاملات، كان دافعا أسهم في ظهور أولى بوادر إمكانية نشر هذا التعليم في عدد أكبر من المدارس العام المقبل.
ورغم أن المؤشرات تدل على نجاح هذه التجربة التعليمية الجديدة، إلا أن الاستمرار فيها خلال الأعوام الدراسية المقبلة ـ حسب المتخصصات والأكاديميات ـ يحتاج إلى دعم مادي من وزارة التربية والتعليم لتوفير عدد كاف من أجهزة الكمبيوتر، إضافة إلى متطلبات أخرى يستند إليها حتى يصبح هذا التعليم بديلا قادرا لإحلاله بدلا من التعليم التقليدي.
"المرأة العاملة " تستعرض تجارب عدد من المسؤولات والمعلمات اللواتي كان لهن دور فاعل في إنجاح هذا النوع من التعليم، ومستقبل التعليم الإلكتروني في ظل الإمكانيات المتاحة.. وإليكم فحوى التقرير:
مزايا التعليم الإلكتروني
يشرح عبد الرحمن حمود الحوشان، نائب رئيس شركة التعليم والتدريب الإلكتروني الهدف من تطبيق التعليم الالكتروني من خلال برنامج (سيمانور) ويقول "برنامج سيمانور الذي يعمل على نشر التعليم الالكتروني في المدارس عبارة عن أدوات ومواد إثرائية تساعد المعلمة على شرح الدرس بطريقة علمية متكاملة، من خلال استخدام الوسائط المتعددة من الموسوعات المتوافرة في البرنامج من الأفلام والصور والكتب والفلاشات التي تحتوي على كمية كبيرة جداً من التجارب العلمية والرياضيات واللغة والدين والاجتماعيات وجميع المعارف التي تدرسها الطالبة في جميع مراحل التعليم العام للبنين والبنات".
وأضاف" كما يحتوي البرنامج على جميع مناهج التعليم العام السعودي الابتدائي والمتوسط والثانوي على قرص واحد دون الحاجة إلى الترابط بالإنترنت أثناء عملية إعداد الدروس إلكترونياً".
ومن الفوائد التي يتميز بها التعليم الإلكتروني مقارنة بالتعليم التقليدي يتابع الحوشان" من مميزات التعليم الإلكتروني زيادة إمكانية الاتصال بين الطالبات ومعلماتهن والإسهام في وجهات النظر المختلفة للطالبات، إضافة إلى سهولة الوصول إلى المعلمة وذلك خارج أوقات العمل الرسمية لأن المتعلمة يصبح بمقدورها أن ترسل استفساراتها للمعلمة من خلال البريد الإلكتروني، ويوفر التعليم الإلكتروني كذلك إمكانية تحوير طريقة التدريس حيث إنه من الممكن أن تلقي المادة العلمية بالطريقة التي تناسب الطالبة حسب إدراكا وفهمها، فمنهن من تناسبها الطريقة المرئية ومنهن من تتناسب معها الطريقة العملية، فالتعليم الإلكتروني يسمح بالتحوير وفقا للطريقة الأفضل بالنسبة للمتدربة".
طريقة تأهيل المعلمات
أما حول الآلية التي اتبعتها شركة التعليم والتدريب الإلكتروني (سيمانور) لتدريب الموظفات في القطاع التعليمي على هذا البرنامج يقول الحوشان "يتم تدريب الموظفات على البرنامج انطلاقا من الدعم الذي قدمته وزارة التربية والتعليم، ممثلة في الدكتور عبد الله العبيد وزير التربية والتعليم، من خلال التعميم الذي تم إصداره بهذا الخصوص من خلال مراكز الإشراف التربوي على مستوى المناطق لإدارات التعليم حيث يتم تقديم دورة تعريفية بالبرنامج واستخداماته لعدد من المشرفات والمعلمات التابعات للمركز من خلال الشبكة، أو من خلال المدربات المتعاونات مع الشركة".
وزاد" وفي الخطوة التي تليها يتم تزويد جميع الحاضرات بنسخة من البرنامج ليقمن بدورهن بتعريف زميلاتهن على البرنامج واستخداماته، ومن ثم تقوم مديرة المدرسة بتحديد عدد المعلمات والطالبات الراغبات باستخدام البرنامج وتقوم بإرسال خطاب للشركة موضح فيه اسم المدرسة وعدد الأقراص المطلوبة والعنوان الإلكتروني للمنسقة ومن ثم نقوم بتوصيل الأقراص إلى المدرسة الطالبة مشيرا إلى أنه تم توزيع الأقراص على جميع مناطق المملكة بهذه الطريقة دون استثناء".
مستوى انتشاره
وعن عدد المدن والمحافظات السعودية التي تم إدخال تقنية التعليم الإلكتروني فيها يضيف الحوشان:" أدخل التعليم الإلكتروني على (17) محافظة ومدينة، وهي الدمام، الدوادمي، الرياض، الطائف، الظهران، القصيم، المدينة المنورة، بيشة، إضافة إلى جدة، حائل، شقراء، مكة المكرمة، نجران، ينبع، الخبر، الظهران، وعسير".
إلى ذلك لم ينحصر نطاق الاستفادة من تطبيق تقنية التعليم الإلكتروني في مراحل التعليم العام، إذ إن شريحة من المتعلمات في مدارس محو الأمية وتعليم الكبيرات، استفدن من برنامج (سيمانور).
تقول العنود الرشيد معلمة في إحدى مدارس محو الأمية وتعليم الكبيرات "هناك بعض الدروس لضيق وقت الحصة الدراسية تتعرض لبعض الاختصارات لكن البرنامج أتاح للطالبة استرجاع المعلومات دون الحاجة إلى الرجوع إلى المقرر الدراسي، حيث إن كل الدروس من الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي متاحة في قرص مرن واحد فقط، مما يتيح للطالبة استرجاع ومذاكرة الدروس كافة في أي وقت تريد.
وعن أبرز جوانب الاستفادة التي لمستها الرشيد من البرنامج تضيف:" برنامج السيمانور يقرأ جميع السور القرآنية الكريمة بالتجويد ليس ذلك فقط وإنما يعمل على تحديد الأحكام التجويدية بالألوان.
وفسرت ذلك:" على سبيل المثال يظهر البرنامج أثناء تلاوة السور القرآنية حكم "الإظهار"، بلون مخالف للون الذي يظهر فيه حكم "الإخفاء"، مبينة أن هذا الأسلوب التعليمي المتطور أسهم في سهولة حفظ وإدراك المتلقية للآيات القرآنية الكريمة، فبمجرد تنبيه الطالبة أن هذا اللون يعني الحكم التجويدي الذي يحدده البرنامج تستوعب مباشرة عند مراجعتها للآيات في المنزل.
وحول مدى تفاعل الطالبات مع التعليم الإلكتروني، بينت الرشيد أن الدارسات تفاعلن مع البرنامج بسرعة حتى إنها عملت على نشر هذا البرنامج على نطاق معلمات المدرسة وخارجها لكي تسهم في عموم الفائدة.
وعلى الرغم من الاستفادة التي لمستها الرشيد من البرنامج، إلا أن هناك عائقا وقف بينها وبين تعليم الطالبات في أثناء الحصة الدراسية، وهو عدم توافر( بروجكتر) يحقق الاستفادة من البرنامج بشكل جماعي، وقالت:" طلبت من المعنيين في إدارة التربية والتعليم توفير "البروجكتر" أكثر من مرة، إلا أن ذلك لم يتحقق، مبدية استغرابها أيضا من عدم تعميم هذا البرنامج على كل مدارس التعليم رغم فائدته، مشيرة إلى أن إدارة التعليم درست هذا البرنامج وأبدت إعجابها به إلا أنها لم تدخله بشكل رسمي على المدارس حتى الآن".
التجهيزات الإلكترونية
وفي الوقت الذي أبدت فيه الرشيد استغرابها من عدم تعميم برنامج "سيمانور" على كل مدارس التعليم العام انطلاقا من أهميته إلا أن لطيفة العنزي، رئيسة قسم الرياضيات في مكتب وسط الرياض، فسرت سبب عدم دخول هذا البرنامج حتى الآن في جميع المدارس على الرغم من صدور قرار من الوزارة يفيد بتشغيل البرنامج منذ بداية العام الماضي، فقالت" السبب في عدم تعميمه في كل القطاعات التعليمية حتى الآن رغم أهمية البرنامج، هو ارتفاع مستوى البرنامج مقارنة بحدود الإمكانيات والتجهيزات الإلكترونية في المدارس الحكومية، حيث إنه يحتاج إلى أن يكون لكل طالب جهاز كمبيوتر، كي يتحقق التعليم الإلكتروني وحتى تتمكن الطالبة كذلك من التواصل المستمر بالمعلمة أو توفير معمل للحاسب يعرض من خلاله البرنامج للجميع.
ومن الجوانب الأخرى التي تعيق تعميم برنامج "سيمانور" ـ حسب قولها ـ هو عدم توافر التجهيزات الخاصة بالإنترنت في منازل الطالبات حتى يتم الاتصال المستمر بين الطالبة والمعلمة عبر الإنترنت أثناء حل الواجبات المدرسية.
وفيما يتعلق بالخطوات التي استطاعت من خلالها وزارة التربية والتعليم تدريب (719) معلمة ونشره في (24) مدرسة، تقول فوزية باروم، رئيسة تقنيات التعليم في وحدة التخطيط والتطوير التربوي في جدة "بدأت تجربة إدخال التعليم الإلكتروني في شهر (شوال) من العام الدراسي الماضي، وذلك بإحصاء عدد المعلمات والطالبات في جميع مدارس محافظة جدة، ومن ثم قمنا بعمل استبيان حول قبول فكرة التعليم الإلكتروني، تحددت على إثره عدد المدارس التي تم إدخال التعليم الإلكتروني فيها بـ (24) مدرسة، حيث اختيرت هذه المدارس بناء على عدد من الاجتماعات عقدت بين إدارة تقنيات التعليم والتعلم ومراكز الإشراف التربوي الأربعة في محافظة جدة".
وتابعت باروم" وبعد ذلك اجتمعت إدارة تقنيات التعليم مع مديرات المدارس سواء الحكومية أو الأهلية وبجميع المراحل الدراسية الابتدائي والمتوسط والثانوي ومن ثم قمنا بعمل جدول وحددنا ( 719 ) معلمة تخضع لعملية التدريب على برنامج "سيمانور" من قبل مدربين في الشركة نفسها عبر دائرة إلكترونية مغلقة وقامت الشركة بتوفير كل الأقراص لكل المعلمات والطالبات حيث إنها لم تقصر في هذا الجانب إطلاقا"، مشيرة إلى أنه سيتعين على المعلمات المدربات مهمة تدريب المعلمات الأخريات في مدارسهن.
وعن المواصفات التي اشترط توافرها في المدارس التي اختيرت لإدخال التعليم الإلكتروني لها تضيف باروم:" اختيرت المدارس وفقا للاجتماعات المبدئية التي تمت بين إدارة تقنيات التعليم بمديرات المراكز، حيث كان من أولويات شروط دخول البرنامج إلى المدرسة المختارة هو وجود مديرة مدرسة متقبلة للتعلم الإلكتروني ولديها استعداد كامل ورغبة في العمل على تطور التعليم".
وعللت ذلك بأن المديرة تعد من أهم عوامل نجاح التعليم الإلكتروني من حيث تشجيع المعلمات والطالبات على ممارسة التعليم الإلكتروني.
أما عن العوائق التي تلازمت مع الخطوات الأولية لتطبيق تجربة التعليم الإلكتروني في جده تضيف باروم:" في بداية الأمر كان هناك عدد من المديرات غير متقبلات للتعليم الإلكتروني نظرا لالتصاق النظرة التقليدية للتعليم بهن إضافة إلى تعودهن على هذا النوع من التعليم، لكن بعد عدد من الاجتماعات تم اقناعهن بإدخال البرنامج إلى المدارس المعنية بعد أن استوعبن الفوائد التي تجنى من التعليم الإلكتروني.
ولتوسيع نطاق تطبيق برنامج التعليم الإلكتروني وتخطي الصعوبات التي واجهت المعلمات أثناء تطبيقه تشير باروم إلى أنه بدءا من العام المقبل سوف تكون هناك ورش عمل للمعلمات اللواتي لم يتحقق لهن التدريب هذا العام، مبينة أنه سيتم كذلك الاتصال بين إدارة تقنيات التعليم بوحدة التخطيط والتطوير التربوي في جدة وإدارة شركة سيمانور لإضافة بعض التجديدات على البرنامج لتفعيلها في العام المقبل.
وعلى الرغم من أن برنامج (سيمانور)، موجه بشكل أساسي للتعليم العام إلا أن الشركة المعنية بالتدريب خصصت للآباء والأمهات برامج لتدريبهن وهنا يعود الحوشان ليعلل سبب هذا التوجه بقوله: "الهدف من تدريب الآباء والأمهات على البرنامج هو تأهيلهم لمساعدة أبنائهم على شرح الدروس من خلال الاستفادة من الأدوات المتوافرة في البرنامج، لأن العديد من الآباء والأمهات يجدون صعوبة في تدريس أبنائهم فيما فوق المرحلة الابتدائية، في حين أن وجود برنامج سيمانور أسهم في تذليل الصعوبات لاحتوائه على كم كبير من الأدوات المساعدة على شرح المادة العلمية في جميع التخصصات.