ممارسة التأمل في أماكن العمل بين الإنتاجية والمتعة

ممارسة التأمل في أماكن العمل بين الإنتاجية والمتعة

الوقت بعد ظهر الجمعة ونهاية الأسبوع قاب قوسين أو أدنى, والاستعدادات تجري على قدم وساق وسط مجموعة من 25 مديرا وموظفا في مباني المقر الرئيسي اللندني لمجموعة الخدمات المهنية Pwc وذلك لوضع اللمسات الأخيرة لإلقاء روتين العمل المكتبي وراء ظهورهم.
يراعى العديد من الشركات الجانب الطقوسي للتآلف في شكل مجموعات لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ولكن هذا الاجتماع مختلف. في المقام الأول, المكان عبارة عن غرفة هادئة وليس مركز مدينة مزدحم, والتقت المجموعة ليست من أجل المقايضة بثرثرة المكتب وإنما للتأمل.
يمارس التأمل منذ آلاف السنين ولكن منسوبي قطاع الأعمال الغربية باتوا يعودون بشكل متزايد إلى فن مكافحة الإرهاق.
بدأت علاقة شركة Pwc مع هذه الممارسة قبل 18 شهرا عندما أبدت إحدى موظفات الشركة استعدادها لتنظيم مجموعة لزملائها الراغبين. ومن ثم باتت هذه الجلسات شائعة إلى حد أن مديرة الشؤون الصحية للشركة فيكتوريا برودهيرست شرعت في سؤال المنسوبين في فروع Pwc الأخرى لو كانت لديهم الرغبة في تجربة جلسات التأمل أيضا "نحن نبحث حول كيفية جعل التأمل متاحا إما بجمع العاملين في مكان واحد مثلما يحدث في لندن أو ربما تقديم الإرشادات عبر البث الإذاعي".
تبعث "أنرسبايس"، مركز تأمل مقره في حي جاردن كوفنت في لندن والتي تعمل مع Pwc المحامين التابعين لها إلى شركات القانون, المؤسسات المالية والمؤسسات الخيرية والعلاقات التجارية للمستهلك, مثل "أفيدا", مجموعة تصفيف الشعر والجمال. ويعقد معظم جلسات أماكن العمل في أوقات الغداء وتمتد لنصف ساعة.
كما أن المركز يدرس كذلك فن التأمل "لدقيقة واحدة" يمكن أن يستخدمه منسوبو قطاعات الأعمال لإعداد أنفسهم لاجتماع أو تقديم مهم.
إحصائيات نمو التأمل غير متوافرة ويعود ذلك جزئيا إلى أن العديد من مجموعات أماكن العمل يعمل بطريقة غير رسمية. وعامل آخر, يقول ديفيد جودرون الرئيس التنفيذي ومدير متحف ميلواكي آرت في الولايات المتحدة الذي يمارس التأمل يوميا، هو أن منسوبي قطاعات الأعمال الذين يمارسون التأمل غالبا يتصفون بالحذر بشأن الحديث عن عادتهم هذه وذلك خشية أن يصنفوا كأشخاص غريبي الأطوار. "هناك قدر هائل من الحساسية, ولا سيما في بريطانيا بشأن القيام بأي شيء قد يكون محل الانتقاد من الآخرين".
غير أن السلوكيات باتت تتغير الآن. وإن أحد التطورات الذي حظي باهتمام واسع في مجال رياضة التأمل هو طفرة المستهلك في مجال العلاج الخاص بكمال الأجسام.
وهناك آثر آخر يشجع الناس على النظر إلى التأمل كمهارة ذات فائدة محتملة, بدلا عن مجرد هواية سرية مقصورة على عدد قليل من الأشخاص, هو التعرف على شخص ما يمارس رياضة التأمل, ولا سيما عندما يكون هذا الشخص أحد الزملاء المحترمين.
وبدأ اهتمام جوردون الرئيس التنفيذي السابق لمجلة "إيكونوميست" للمرة الأولى برياضة التأمل حينما كان يعمل مع رئيس قسم النشر السابق السير جون هارفي جونز أحد الممارسين المشهورين لرياضة التأمل.
وقبل ثلاثة أعوام, شرع جوردون في ممارسة التأمل تحت إشراف جوليان لافيندر مديرة النشر في شركة كان يعمل لديها رئيس مجلس إدارة غير تنفيذي مشارك.
في الوقت الراهن، تعمل لافيندر مدرسة دوام كامل لدى "فيديك ميديشون" وهو الفن الذي يركز على إراحة الجسم والعقل ولديه قاعدة عملاء تضم مديري صناديق التحوط ومصرفي الاستثمار: "مهنيو المدينة ينظرون بتقدير فائق إلى رياضة التأمل لأنهم ينظرون إليها كفن يساعدهم على الأداء كأفضل ما يكون".
يؤكد ستيفن بالمير, مدير وحدة علم نفس التدريب لدى جامعة سيتي في لندن, أن التأمل يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون كثرة العمل على الاسترخاء: "من المفهوم أن التأمل يمكن أن يخفض ضغط الدم ولديه تأثير إيجابي على ارتفاع ضغط الدم." ويضيف: "لكن بالنسبة إلى بعض الأشخاص فإن زيارة صالة عرض للفنون وقت الغداء قد تكون لها المفعول نفسه".
إن التحدي الأكبر بالنسبة إلى العديد من الممارسين المحتملين للتأمل, ولا سيما أولئك الذين يخلطون العمل مع الحياة العائلية, هو إيجاد وقت لممارسة رياضة التأمل في يوم يكون مزدحما بالعمل.
وشرعت جين إيمان بيرليس مديرة المشروع في الصحيفة الأسبوعية "فايننشايال نيوز" في ممارسة التأمل لمكافحة التعب والإرهاب ولكنها جاهدت, في بادئ الأمر للمحافظة على روتين منظم.
ونجحت في حل المشكلة عن طريق ربط إحدى الجلسات مع رحلة عودتها إلى المنزل عن طريق قطار الأنفاق "المترو" وممارسة التأمل في فترات الصباح قبل مغادرتها السرير. وتقول النتيجة هي أنها تشعر بالراحة وصفاء الذهن: "إن مستوى تفكيري وقدرتي على اتخاذ القرارات أفضل الآن وصرت أقل شعورا بالإرهاق".

الأكثر قراءة